روايات شهيرة تمنَّى أصحابها لو أنهم لم يكتبوها.. ما السبب؟
هشام قاسم
لا شك أن الحلم الأكبر الذي يراود كل كاتب في العالم هو أن تحقق كتاباته شهرةً ونجاحاً كبيرين، وتتصدر قوائم الكتب الأكثر مبيعاً، ويطمح بعضهم أن تترجم أعمالهم إلى العديد من اللغات، لتصل إلى شريحة أكبر من الجمهور، ومن ثم العالمية.
ولكن في بعض الحالات قد يحدث العكس، وبدلاً من أن يكون النجاح هو الحلم الذي يراود الكاتب، فإنه يتحول إلى كابوس يطارده بسبب كتاب معين أو أكثر من تأليفه.
في هذا التقرير نقوم باستعراض عدد من الكتب التي حققت نجاحاً كبيراً، غير أن أصحابها كرهوا هذا النجاح، وتمنوا لو لو أنهم لم يكتبوها من الأصل.
من بين الروايات الخيالية الشهيرة، يعد كتاب Alice in Wonderland واحداً من أبرزها، حيث تمت ترجمته لعشرات اللغات، وصدرت منه ملايين النسخ منذ نشره للمرة الأولى في عام 1865.
وبينما قد يحلم كاتب ما بتحقيقه مثل هذا النجاح الضخم المستمر لأكثر من ألف سنة، إلا أن كاتب الرواية تشارلز دودجسون -أو كما عرفه الناس باسمه الخيالي الذي نشر به الكتاب لويس كارول- لم يطق الشهرة الضخمة التي حققها كتابه.
وأوضح الكاتب ذلك في رسالة كتبها لأحد أصدقائه، قال فيها إنه تمنى لو لم يكتب أياً من كتبه بسبب الاهتمام الإعلامي الكبير به، كما أنه عُرف عنه قيامه بتجاهل الرسائل المُوجهة للشخصية الخيالية لويس كارول، كنوع من الحد من هذا الاهتمام الهائل بما يكتبه.
اعتاد كاتب الرعب الشهير ستيفين كينج إصدار العديد من رواياته بأسماء كُتاب خياليين من ضمنهم ريتشارد باكمان، ومن تلك الروايات التي أصدرها بهذا الاسم كانت Rage، التي كتبها خلال دراسته الثانوية ولم يصدرها إلا عام 1977.
ودارت أحداث الرواية حول طالب مُصاب بأمراض نفسية يأخذ مجموعة من زملائه في المدرسة الثانوية كرهائن، ويقوم بقتل بعضهم.
وبينما حققت الرواية نجاحاً كبيراً، تحولت أحداثها الخيالية إلى عدة جرائم حقيقية على أرض الواقع، بعد أن قام مُرتكبوها بقراءتها وتأثروا بها، وهو الأمر الذي جعل كينج يطلب من ناشر الكتاب عدم طبعه مجدداً، لأنه لا يريد أن يتكرر هذا الأمر مرة أخرى.
آلان مور، هو واحد من أبرز وأهم كُتاب الكوميكس في التاريخ، فهو صاحب العديد من الأعمال الشهيرة التي حققت مبيعات ضخمة مثل Watchmen وV For Vendetta وغيرهما، حتى أن هوليوود قامت بتحويل العديد من تلك الأعمال الناجحة إلى أفلام ضخمة حققت ملايين الدولارات.
كره مور كل هذا النجاح، والسبب هو عداؤه مع شركة دي سي كوميكس، التي كان يعمل لصالحها وقت إصداره هذه الكتب، ثم تركها في أواخر الثمانينيات لوقوع مشاكل بينهما.
وازداد غضب الكاتب من الشركة بعد رفضهم منحه الحقوق الخاصة بإبداعاته الأدبية، وتزداد حدة العداء بين مور والشركة عندما تدخل مرحلة الإنتاج السينمائي، ليعلن مور بعدها في أكثر من مناسبة عن مقاطعته التامة لهذه الأعمال السينمائية، وطالب مراراً بحذف اسمه من على تتراتها.
ارتبط اسم Jaws في أذهان أغلب الناس بفيلم "أسماك القرش المخيفة"، الذي أخرجه ستيفن سبيلبرغ في عام 1975، ولكن القليل منهم يعرفون أن الفيلم مُقتبس في الأصل من رواية تحمل نفس الاسم كتبها بيتر بينشلي.
وبينما أحب بينشلي الفيلم مثل غيره من الجمهور، فإنه كره حقيقة أنه كان أحد الأسباب الرئيسية لرعب الناس من البحر وكراهيتهم الشديدة لسمك القرش.
وبعد عدة سنوات من صدور الكتاب والفيلم، تحول بينشلي إلى خبير في أسماك القرش وعلم المحيطات.
وأعلن أكثر من مرة عن ندمه لقيامه بتصوير أسماء القرش ككائنات وحشية في كتابه، وأصبح من أشد الداعين للحفاظ على حياتهم.
تعد شخصية "Winnie The Pooh" من أكثر الشخصيات المحبوبة من قبل الأطفال في جميع أنحاء العالم، ومبتكرها هو مؤلف الكتاب الذي يحمل نفس عنوانها، آلان أليسكندر ميلني.
استوحاها أليسكندر من ابنه كريستوفر روبين وألعابه التي على شكل حيوانات محشوة، وبينما قد يسعد أي ابن في العالم عندما يصدر والده كتاباً ناجحاً مستوحى منه ويضم كذلك شخصية تحمل نفس اسمه، فإن العكس حدث مع الابن كريستوفر روبين، الذي كره الكتاب لأن أصدقاءه كانوا يسخرون منه في طفولته، كما أن الأب نفسه وصل به الحال لكراهية الكتاب بدوره والإعلان عن ندمه على كتابته، لأن شهرته طغت على أعماله الأخرى.
ربما تكون شخصية شارلوك هولمز هي أشهر شخصيات المحققين في التاريخ، ومنذ ظهورها الأول عام 1887 وحتى يومنا هذا، بيعت ملايين النسخ بعشرات اللغات من الروايات المختلفة التي كتبها مُبتكر الشخصية أرثر كونان دويل، ورغم أن دويل يدين لشخصية هولمز بالقدر الأكبر من النجاح والشهرة اللتين حققهما، إلا أن هذا الأمر تحول أيضاً إلى كراهية شديدة تجاه شخصيته الأشهر، فمن ناحية هي كانت أكثر منه شهرة، ومن ناحية أخرى كانت تعوقه عن التفرغ لكتابات أخرى له في التاريخ، وهو الأمر الذي دفعه لقتل هولمز في واحدة من الروايات.
ولكن بسبب الضغط الهائل من الجمهور الذي تعرض له، وجد نفسه مُجبراً في النهاية على إعادته للحياة، وإصدار المزيد من رواياته.
مع أن أعماله المنشورة معدودة، إلا أنه لا شك أن فرانز كافكا هو واحد من أهم الكُتاب الذين عرفهم العالم، ولكن كان من الممكن ألا يحدث هذا بسبب كافكا نفسه، حيث كان كارهاً لأغلب ما كتبه، حتى أن طلبه الأخير قبل وفاته كان لصديقه المقرب ماكس برود، حيث أرسل له رسالة أخبره فيها أنه يريد منه حرق كل كتاباته بعد وفاته.
لم يرضخ برود لطلب صديقه الراحل، وقام بإصدار أعماله غير المنشورة والتي تضمنت عمله الأشهر The Trial أو المحاكمة.
هافغتون بوست