بين الإعلام والوزراء قصة سوء تفاهم
صاحبة الجلالة _ لمى خير الله
أحدث قرار إيقاف برنامج "استديو الخدمات" الذي يذاع على محطة سوريانا يومياً عند الساعة الثالثة ظهراً والممتد منذ قرابة السنة والنصف ، ضجة اعلامية وشكل مادة دسمة كسبق صحفي تلاهثت عليه الأقلام متسارعة ، لتكوّن عتباً كبيراً على المسؤولين وقراراتهم تارة ووقفة تضامنية مع زملائهم بالبرنامح المذكور تارة أخرى..
مقدم البرنامج غيلان غبرة توجه بالعتب الكبير خلال لقائه مع صاحبة الجلالة ، على ماهية القرار كونه لم يتلفظ بألفاظ نابية مسيئة ، فجلّ المشكلة جاءت نتيجة ذكره "أنه وُعد أن يكون باتصال على الهواء مع وزير الكهرباء زهير خربوطلي الذي طلب من الكادر معاودة الاتصال به بعد خمس دقائق وعند اعادة الاتصال كان الخط مقفلاً !! وعليه روى المذيع ماحدث على الهواء مباشرة للمتابعين" .
وتساءل الـ"غبرة" .." كيف بالامكان لبرنامج ذو طبيعة خدمية يحوي في جنباته المواجهة النقدية أن تتغيب المشاكل عنه " ؟ معتبرا أن مؤسسته غير المنصفة بحسب تعبيره تريد من الاعلاميين ان يكونوا تماما كالنعجة "دوللي" مستنسخين عن بعضهم البعض ، وكل من يشذ عن القطيع يصبح مخطئ.
بموقف محايد من مدير قناة سوريانا وضاح الخاطر الذي قال: من واجبي الأخلاقي والإداري، الدفاع عن أي مذيع أو محرر أو مخرج أعمل معه، وأي مدير لا يدافع عمن يعمل معهم، لا يستحق أن يكون من فريقهم، غير أن الذي حصل في هذه الحلقة تحديداً كان كبوةً، وقد تكبو الجياد الأصيلة من حين لآخر.. حيث عولج الأمر فور حصوله مع المعني بهذا الموضوع، أي مع معد ومحاور البرنامج غيلان غبرة، المحب لوزير الكهرباء وغيره من السوريين، سائلين كانوا أم مسؤولين حسب تعبيره.
واكد مدير قناة سوريانا امتلاك وزارة الكهرباء الحصة الاكبر بتجاوبها وتعاونها مع البرنامج ، لافتا إلى أن "البرنامج ساعد أكثر من خمسة عشر ألف سورياً، على مدار عمره الذي يقارب العام والنصف، أو أكثر قليلاً، وإذا ما ظهرت فيه هنّة هنا أو هناك، فليس من المعقول بأي شكل، نسيان ما قدمه هذا البرنامج من خدمات".
وعند تواصل صاحبة الجلالة مع وزير الكهرباء زهير خربوطلي للوقوف على حيثيات الموضوع أبدى تجاوبا كبيرا واستعدادا للتعاون نافيا وجود أي دور له بإيقاف البرنامج ولاسيما أن صلاحياته لا تخوّله التدخل بعمل أي وزارة كانت معتبرا ما حصل هو عبارة عن "سوء فهم" حصل بعد اتصال كادر سوريانا به أثناء البرنامج في تمام الساعة الرابعة والنصف حيث تم إبلاغه باسعاف ابنه إلى المشفى جراء سقوط حائط عليه أثناء عمله في ورشة كهرباء الأمر الذي منعه في تلك اللحظة من التواصل مع الكادر.
وبين وزير الكهرباء أنه عندما عاودت القناة الاتصال به بعد دقيقتين تماما واحتراماً للاخرين أرسل رسالة للمذيع غيلان مضمونها "اسف لا استطيع التكلم الآن" .. وعليه على ما يبدو جاء الرد من المذيع قاسياً يمس هيبة الدولة في وقت لم أتقصد فيه عدم الرد .
ويوضح "خربوطلي" أن الاعلام بوصلة وزارة الكهرباء ،وأنه شخصيا لم يبخس يوما حق أي وسيلة اعلامية من الوصول إلى المعلومة مؤكدا تفاعله وتجاوبه الدائم مع أي إذاعة توصل إليه نبض الشارع وتلامس هموم المواطن .مشيرا إلى أنه لا مشكلة لديه إزاء ما يقال عنه إذ أن ظرفه الطارىء لم يسمح له بالإجابة .
بدوره نفى وزير الإعلام رامز ترجمان أن يكون لوزير الكهرباء أي دور يذكر بإيقاف البرنامج ، لافتاً إلى ان لكل مؤسسة أو وسيلة إعلامية هدف ورسالة عليها أن تؤديها ومن ثم تجري عملية جرد ومكاشفة لأي برنامج سواء تلفزيونياً او اذاعياً لتتم دراسة ما حققه وإذا بلغ أهدافه المرجوة ناهيك عن سلبياته وايجابياته .
واعتبر "ترجمان" أن مقدم البرنامج خرج عن الإطار المطلوب منه وضوابط العمل وبالتالي من حق الادارة بأي شكل من الاشكال ان تمارس نوعا من المحاسبة فكما هناك مكافأة لا بد من وجود محاسبة عند وقوع الخطأ وبالتالي على المذيع والادارة والجميع ان يتحملوا الخطأ ، كاشفاً ان البرنامج تم ايقافه لحين إعادة عملية جرد ووضع ضوابط إعلامية من جديد فهناك رسالة إعلامية لا بد لها ان تصل الى المتلقي .
وبيّن ترجمان انه "سبق و تم ايقاف العديد من البرامج على عدة محطات وهنا تبقى الحالة الجدلية قائمة فيما يتعلق بحق المواطن ما يحتّم على المقدم ان يكون شخص ناقد وحيادي لا طرفاً مع أي جهة كانت فهو العين الصادقة للحقيقة والواقع و عليه لا بد من اعادة تصويب الهدف في حال الخروج عنه" .
و يرى ترجمان أنه من الممكن معاتبة المسؤول بطريقة لبقة بالإشارة للموضوع والطلب بإعادة الاتصال والتواصل للتوضيح ..فالإعلامي المتميز والمهني يستطيع أن يصل إلى المعلومة بالطريقة المناسبة، فلا بد من احترام المسؤول على المنابر الإعلامية كما المواطن ، وهنا يتوجب على المسؤول أن ينبري بالدفاع عن عمله فهذا حقه وحق عليه ، موضحاً انه لا مصلحة لأي مسؤول أن يبتعد عن الاعلام لكن هذا لا يعني عدم احترام الخصوصية والظروف على حد سواء .
ويبين وزير الإعلام أن هناك شفافية كبيرة وحرية في التعاطي الاعلامي مع اي حدث وحالة سواء لها علاقة بالشأن الداخلي او السياسي والعسكري ، لكن الحرب الشرسة المفروضة فَرضت معها طرح اجراءات محددة ضمن ضوابط معينة بعيدا عن الفوضى الاعلامية المطلقة .
ويغيب رضا وزير الاعلام عن أداء الاعلام الحكومي لكنه يرى في الوقت عينه أنه يخطو نحو الأفضل ضمن الامكانيات المتاحة ، عطفاً على وجود أزمة ثقة متقطعة بين الاعلام والمسؤول والمواطن ، تسعى وزارة الاعلام على ردم الهوة القائمة بينها، واعداً المواطن بتغيرات ملموسة خلال الأشهر القادمة .