يوجد به أحد أصنام عصر الجاهلية وأخذ نابليون «الموناليزا» منه ليضعها في غرفة نومه.. حقائق لا تعرفها عن متحف اللوفر الفرنسي
يوافق يوم 11 آب من كل عام ذكرى افتتاح متحف اللوفر الفرنسي، الذي يعد أهم المتاحف حول العالم كله. يقع على ضفاف نهر السين من الجهة الشمالية، ويحتوي على باحات عرض واسعة، تضم آلاف القطع الأثرية التي تستحيل رؤيتها جميعاً في يوم واحد، بين أروقته تقبع على أحد الجدران لوحة الموناليزا للفنان الإيطالي الشهير ليوناردو دافنشي، ولوحات فنية أخرى، وآثار تعود للحضارة اليونانية والرومانية والفرعونية والإسلامية. بدأ تاريخه كقلعة حربية، ثم تحول لقصر ملكي عُرف باسم قصر اللوفر، وفي نهاية المطاف أضحى أكبر متحف في العالم، وافتُتح في باريس يوم 11 أغسطس/آب 1793. كان قلعة حربية خارج حدود باريس كانت النقطة الأولى في تاريخ نشأة متحف اللوفر عام 1190، عندما قرَّر ملك فرنسا فيليب أوغست إقامة قلعة حصينة بهدف حماية باريس والدفاع عنها أثناء فترة تغيبه عن البلاد؛ من أجل الانخراط في الحروب الصليبية. وقد اختار الملك أوغست هذا الموقع على نهر السين؛ لأن هذه البقعة تحديداً كانت من البقاع الضعيفة في التحصين، وصمَّم مهندسو الملك تلك القلعة، وزوَّدوها بالعديد من الخنادق والأنفاق الأرضية، التي ما زالت موجودة حتى الآن، كما جُهزت القلعة بأبراج دفاعية دائرية في جميع أركانها. عندما شُيدت القلعة لم تكن في قلب مدينة باريس؛ إذ كانت مهمتها حماية حدود المدينة، وتجدر الإشارة إلى أن هذه القلعة استُخدمت في بعض الأوقات كسجن حربي للشخصيات المهمة، إذ احتُجز فيها فرناندو كونت فلاندرز لمدة 13 عاماً، بعد هزيمته في معركة بوفينس، التي كانت جزءاً من الحروب الإنكليزية الفرنسية في القرون الوسطى. ثم تحوَّلت إلى قصر ملكي لإقامة كبار الشخصيات تحولت بعد ذلك الغاية من مبنى اللوفر، فلم يعد يقتصر على كونه قلعة حصينة، وإنما تحولت لقصر ملكي، إذ اعتاد ملوك فرنسا الذين يحبون السفر بين أماكن إقامتهم المختلفة أن يقضوا بعض الوقت داخل أروقته. حتى اليوم ما زال بالإمكان رؤية قاعة الأعمدة الكبيرة الموجودة في الطابق السفلي من القصر، والتي يرجع تاريخها إلى عهد الملك سانت لويس (1226–1270). تغيَّرت الأمور في عهد الملك فرانسوا الأول (1515-1547)، فبعد هزيمته العسكرية في معركة بافيا عام 1525م وأسره في إسبانيا، قرر عند عودته إلى فرنسا السيطرة على العاصمة باريس، وأصدر إعلاناً رسمياً عام 1528، أقرَّ من خلاله اتخاذ قصر اللوفر مقراً سكنياً دائماً له، وفي نهاية عهده قرَّر الملك إعادة اللوفر والتراجع عن كونه قصراً ملكياً، لكن هذا القرار لم يُنفذ حتى عهد الملك هنري الثاني (1547-1559). حلم التوسعة لم يكتمل نتيجة الحروب الدينية بعد أن قُتل الملك هنري الثاني في إحدى المعارك عن طريق الخطأ، أُجبرت زوجته كاترين دي ميديسي على لعب دور سياسي كبير، في وقت أدت فيه التوترات بين الكاثوليك والبروتستانت إلى بدء الحروب الدينية، واشتهر اللوفر في تلك الفترة باعتباره مقراً لمحاولات إبادة البروتستانت في جميع أنحاء المملكة. اتخذت كاترين دي ميديشي في ذلك الوقت قراراً مهماً للغاية، فقد قررت شراء كمية كبيرة من الأراضي بين عامي 1561 و1569، في ضاحية تقع على بعد 500 متر إلى الغرب من اللوفر، إذ أرادت إنشاء حديقة كبيرة خاصة بالقصر تحتوي على نافورات، إلى جانب عدد من المعالم الترفيهية الأخرى، لكن لم يكتمل حلم «ميديشي»؛ بسبب الانشغال بالحروب الدينية آنذاك. اللوفر يبدأ عهداً جديداً أكثر ارتباطاً بالفن كان عهد لويس الرابع عشر بمثابة مرحلة جديدة في تاريخ متحف اللوفر، والحقيقة أن الأمر لم يقتصر على الملك فحسب، فقد كان وزيره كولبير والمهندس المعماري لويس لو فاو، والرسام تشارلز لو برون يقومون بالكثير من العمل من أجل قصر اللوفر، ومع اكتساب الملك السلطة بشكل تدريجي ابتعد عن العاصمة، وانتقل الأمر إلى مساعديه الذين طوّروا اللوفر بشكل كبير بين عامي 1652 و1674. ارتكزت عملية التطوير في تلك الحقبة على تحديث الغرف الموجودة وتوسيع المساحة المتاحة، وإنشاء معرض فني مزيّن بالرسوم الجدارية للرسام الإيطالي رومانيلي، وتم تزيين النقوش في الجناح الشرقي وبناء رواق على الطراز الكلاسيكي، مكون من زخارف كبيرة وأعمدة ضخمة ومتقاربة، وقد بنى هذا الرواق المهندس المعماري فرانسو دورباي. نابليون بونابرت يمنحه اسمه خلال حكمه قام الإمبراطور نابليون بونابرت بتغيير اسم متحف اللوفر ليصبح متحف نابليون، وقد أضاف للمتحف حينها 5000 قطعة أثرية مسروقة، أخذها الجيش الفرنسي من بلجيكا وإيطاليا وبروسيا والنمسا. وفي عام 1815، قرَّر نابليون التنازل عن تلك الآثار وإعادتها إلى بلادها الأصلية، وقد أعاد القطع الفنية لبلادها كجزء من تسوية سداد ديون الحرب. كما أدخل بونابرت سلسلة من التعديلات على اللوفر، إذ أنشأ متحفاً للآثار القديمة، وبنى رواقاً يؤدي إلى مدخل المتحف، كما جدَّد الإضاءة العلوية والقناطر المزدوجة المدعومة بالأعمدة في المعرض الكبير، ونظراً لأنه كان يعتبر المتحف جزءاً لا يتجزأ منه، فقد أخذ لوحة الموناليزا وعلّقها على جدران غرفة نومه الخاصة، لكنها أُعيدت إلى المتحف فيما بعد. توجد به 7500 لوحة فنية و380 ألف قطعة أثرية يضم متحف اللوفر الكثير من القطع الفنية، ما بين لوحات جدارية وتماثيل، وتمتد معارض اللوفر العملاقة لما يقارب 60 ألف متر مربع، وتحوي صالات العرض حوالي 7500 لوحة، و380 ألف قطعة أثرية، كما يحتوي المتحف على الكثير من الآثار الإغريقية والرومانية والمصرية، وحضارة بلاد الرافدين، البالغ عددها 5664 قطعة. ومن المثير للاهتمام أن اللوفر توجد به الكثير من الآثار المصرية، ففي 15 مايو/أيار عام 1826 دُشن القسم الخاص بالآثار المصرية، بناء على مرسوم ملكي، وتنفيذاً لفكرة المستكشف الفرنسي جان فرانسوا شامبليون مكتشف حجر رشيد المصري، ويحتوي القسم المصري على 19 غرفة، ومن أهم الآثار المصرية الموجودة بداخلها قناع نفرتيتي الذهبي، وتمثال الكاتب الجالس، وتمثال رمسيس الثاني، إلى جانب تمثال أمنحتب وتمثال أخناتون. يضم اللوفر كذلك العديد من آثار المملكة العربية السعودية، مثل تمثال صغير على شكل رجل من الحجر الرملي، يرجع إلى الألفية الرابعة قبل ميلاد السيد المسيح، وكان هذا التمثال من ضمن الأصنام الوثنية التي أمر الإسلام بتدميرها، كما يحوي المعرض باباً مطلياً من الذهب، مُنح لمدينة مكة من جانب الدولة العثمانية خلال القرن السابع عشر. هناك أيضاً «لوفر أبوظبي» عقدت حكومة إمارة أبوظبي عام 2007 اتفاقية لمدة 30 عاماً مع متحف اللوفر في باريس، وذلك من أجل إنشاء متحف في المدينة الإماراتية يحمل اسم «لوفر أبوظبي» مقابل 1.3 مليار دولار أميركي. يُذكر أن المتحف الإماراتي بُني على مساحة 24000 متر مربع، وبتكلفة وصلت إلى 130 مليون دولار، وقد عُرض في أروقة المتحف الكثير من اللوحات والآثار، خاصة الفرعونية منها، كما عُرضت لوحة السيدة العذراء للرسام جوفاني بيليني للمرة الأولى، واستعانت الإمارات في بناء المتحف بالمهندس المعماري الفرنسي جان نوفيل. اكتمل بناء متحف «لوفر أبوظبي» عام 2017م، ليكون بذلك أول متحف عالمي في العالم العربي، ويضم المتحف 55 غرفة، بينها 23 صالة عرض دائمة، ومن أشهر القطع الأثرية الموجودة هناك تمثال لأبو الهول، يرجع تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد، وقطعة من النسيج تصور شخصيات من القرآن. عربي بوست