أصغر مليارديرة في التاريخ.. كيف استطاعت مراهقة أن تحقق ذلك من مطبخ بيتها؟
الخميس 09-08-2018
- نشر 6 سنة
- 5985 قراءة
في أقل من ثلاث سنوات، استطاعت شابّة تبلغ من العمر 20 سنة، تُدعى كايلي جينر، وتنتمي إلى عائلة «كارداشيان» الشهيرة ببرامج الواقع التلفزيوني، أن تبني ثروة وصلت إلى 900 مليون دولار أمريكي، وبذلك فإنها ستصبح حسب مجلّة فوربس، أصغر مليارديرة في التاريخ. هذه الثورة الطائلة التي تعادل ميزانيّة عدّة دول، استطاعت هذه المراهقة تحصيلها من مطبخ بيتها باستخدام هاتفها النقّال، وبالاستعانة بعشرات الملايين من متابعيها على وسائل التواصل الاجتماعي.
الإنجاز الاستثنائي الذي حقّقته هذه المليارديرة الشابّة يثير الانتباه إلى الآفاق الجديدة التي فتحتها وسائل التواصل الاجتماعي، كما طرح انتقادات واسعة لمجلّة فوربس بعد أن وصفتها بأنّها «بَنَت ثروتها بنفسها». كيف صنعت هذه الثروة كلها؟ إنّه عصر وسائل التواصل الاجتماعي بامتياز؛ الملايين من الناس تفتح هاتفها يوميًّا خلال المشي أو الأكل أو الاجتماع مع العائلة، ليقوموا بتفقّد موقعهم المفضّل. لكن ماذا لو استخدم أحدهم هذا «الهوس» الذي يعيشه البشر من أجل أن يخلق لنفسه ثروة تقدّر بمليارات الدولارات دون أن يفعل شيئًا ملموسًا؟ بدأت ثروة كايلي جينر في التشكّل بسرعة صاروخيّة بعد تأسيسها شركة «كايلي كوسمتكس»، المتخصصة في مستحضرات التجميل، والتي أصبحت سريعًا أشهر علامة تجارية في مجال صناعة أحمر الشفاه، من خلال منتجها الأشهر «kylie lip kit» الذي يباع بـ29 دولارًا، استطاعت شركتها أن تبيع بأكثر من 630 مليون دولار منذ تأسيسها، لتصبح في زمن قياسي ظاهرةً عالميةً في هذا المجال، وتزاحم بذلك كبريات الشركات العالمية. تدير كايلي شركتها المليونية من مطبخ بيتها، وتتواصل مع موظّفيها الذين لا يتجاوز عددهم 13 موظفًا من خلال هاتفها. كايلي في الحقيقة لا تقوم عمليًّا بأيّ شيء، فأغلبية المهام والعمليّات التي تديرها شركتها يتم توكيلها إلى جهات خارجيّة، التصنيع والتغليف الذي تقوم به إحدى الشركات في كاليفورنيا والصين، بينما المبيعات تتم عن طريق موقع شوبيفاي (shopify) المتخصّص في التجارة الإلكترونية، فيما تتكفّل أمّها بالحسابات المالية والعلاقات العامة، لتتفرّغ كايلي جينر لما هو أهمّ؛ التقاط صور السيلفي طوال اليوم ونشرها عن طريق إنستجرام وتويتر من أجل التسويق لعلامتها التجارية، وبما أنّها تمتلك 100% من أسهم الشركة، فإن كل الأرباح تتّجه إلى حسابها البنكيّ الذي يتضخّم يومًا بعد يوم. من أين حصلت على ملايين المتابعين؟ لكن من أين حصلت كايلي جينر على ملايين المتابعين، الذين يتابعونها على مواقع التواصل، والذين سيشترون منتجاتها لاحقًا؟ استطاعت كايلي جينر التسويق لهذه المنتجات بفضل انتمائها لعائلة «كارداشيان» الشهيرة في عالم التلفزيون، وظهورها في عدّة حلقات من هذه البرامج، مما جعلها معروفة عند المتابعين، واستطاعت صناعة قاعدة جماهيرية في صفوف المراهقين منذ حداثة سنّها. فقد تكون صادفت صورة أو منشورًا لكيم كارداشيان، الشخصية المعروفة بأنها مشهورة، والتي لا يعرف أحد ما وظيفتها بالضبط سوى الوجود على أغلفة الصحف ومجلّات المشاهير، بالإضافة إلى حالة الهوس التي تعيشها المراهقات بمتابعة تفاصيل يوميّاتها، التي ربما تخلو من أيّ قيمة حقيقية، من خلال برامج الواقع التلفزيوني (Reality tv). ترعرعت كايلي جينر في عائلة أدمنت أضواء الشهرة لسنوات طويلة، فوالدها بروس جينر كان بطلاً أولمبيًّا حاز الميدالية الذهبية في رياضة الديكثالون، كما أنّ عائلتها اشتهرت ببرامج الواقع التلفزيونيّ منذ أن كانت في سن العاشرة، وبالتالي فإن الأموال والشهرة لم تكن أمورًا جديدة عليها منذ طفولتها. وقد شهد عالم التلفاز مثل هذه الظواهر التي تبرز وتخفت سريعًا، لكن كايلي جينر، التي استطاعت الوصول إلى حاجز المليار دولار لتصبح أصغر مليارديرة في العالم، هي ظاهرة فريدة تستحقّ الدراسة حول حجم تأثير مواقع التواصل الاجتماعي والآفاق التي تفتحها. التأثير الذي تمتلكه جينر في وسائل التواصل الاجتماعي بلغ درجة استثنائيّة، إذ كتبت تغريدة على تويتر تشتكي فيها من تحديث موقع «سناب شات» الجديد، وقالت إنّها «لن تستخدمه مجدّدًا»، ممّا أدّى بأسهم الموقع إلى خسارة أكثر من مليار دولار من قيمته بسبب تغريدة واحدة. شركة مستحضرات التجميل ليست مصدر دخل كايلي جينر الوحيد، إذ إنها تشارك في عدّة برامج تلفزيونيّة، وتسوق لعدّة شركات ملابس ومنتجات متنوّعة، أشهرها أحذية شركة «puma»، فعدد متابعيها في مواقع التواصل الاجتماعي الذي يبلغ أكثر من 112 مليون متابع، جعلها من الحسابات العشرة الأكثر متابعة في العالم، وهو ما يسيل له لُعاب الشركات الكبرى التي تسعى لاكتساب هذا العدد الضخم من الجمهور، وتسويق منتجاتها له. يعدّ حاجز المليار دولار، حتى بمعاير دولة غنيّة كالولايات المتحدة الأمريكية، ثروة جنونية، إذ إن العديد من المشاهير من رياضيين، ومغنين، وممثّلين يمتدّ مسارهم المهنيّ لعدّة سنوات، مثل ليوناردو ديكابريو أو توم كروز، لم يقتربوا من نصف هذا المبلغ حتّى. بل إنّ ميزانية عدة دول أفريقية مثل جيبوتي وليبيريا لا تتجاوز هذا المبلغ، وبينما استغرق أغنى رجل في العالم، وصاحب شركة أمازون جيف بيزوس، 35 عامًا ليصل إلى عتبة المليار دولار بعد أن شغل عدّة وظائف في كبرى الشركات والمؤسسات الماليّة، لكن كايلي جينر استطاعت أن تفعلها من مطبخ منزلها، باستخدام كاميرا الهاتف، وبفضل وسائل التواصل الاجتماعيّ، في سنّ 21 سنة. دونالد ترامب.. الشهرة وسيلة لدخول البيت الأبيض قد تكون كايلي جينر أغنى شخص استطاع تحقيق ثروته من خلال وجوده على وسائل التواصل الاجتماعيّ، لكنها ليست الوحيدة، بل هي جزء من ظاهرة أشمل برزت في السنوات الأخيرة، إذ يلجأ الكثيرون إلى وسائل التواصل الاجتماعيّ من أجل بناء قاعدة من المتابعين والمعجبين، وتحويل هذه الشهرة إلى وسيلة لكسب الأموال، من خلال التعاقد مع شركات للدعاية لمنتجاتها على صفحاتهم الشخصية. استطاعت كايلي جينر تحويل شهرتها إلى مكسب يدرّ مئات ملايين الدولارات، وذلك باستهدافها شريحة الشابّات ما بين سنّ 18 إلى 24، وهي الشريحة الأكثر استهلاكًا للمنتجات التي تعرضها كايلي جينر، وتسوّقها من خلال ملايين المعجبين بها والمتابعين لها على مواقع التواصل الاجتماعي. قاعدتها الجماهيرية المتكوّنة غالبًا من المراهقين، الذين يتابعونها في برامج الواقع التلفزيوني، ومواقع التواصل الاجتماعي تعدّ ظاهرة استثنائيّة في حجم الهوس بنجمتهم التي يرتبطون بأدقّ تفاصيل حياتها، فبعد تقرير مجلّة فوربس الذي أشار إلى أنّها قريبة من تخطّي عتبة المليار دولار بثروة تقدّر بـ900 مليون دولار، بدأ هؤلاء المعجبون في حملة للتبرّع لها من أجل إيصالها إلى رقم المليار دولار! وهي الحملة التي رغم إثارتها للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعيّ، نجحت في جمع بضع آلاف الدولارات بالفعل. مجلّة فوربس في تقريرها عن ظاهرة كايلي جينر كانت قد شبّهت تجربتها بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذ استطاع تحويل شهرته الكبيرة التي اكتسبها من برنامجه التلفزيونيّ «the apprentice»، الذي استمرّ لعدّة سنوات، علاوة على بناياته الشاهقة التي تنتشر في مختلف أنحاء العالم، ويضع عليها اسمه باللون ذهبي، وتصريحاته المثيرة للجدل، وصراعاته التي لا تنتهي مع المشاهير؛ ممّا جعله محلّ اهتمام الإعلام بشكل مستمرّ؛ إلى قاطرة وصلت به إلى البيت الأبيض. هل صنعت ثروتها بنفسها حقًّا؟ وقد أثارت مجلة فوربس للأعمال الكثير من الجدل حين وصفتها بأنها قامت ببناء ثروتها «بنفسها»، إذ رأى الكثير من المتابعين أن هذا التوصيف غير دقيق، واعتبروا أنّها ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب، بفضل عائلتها الثريّة والمشهورة في عالم التلفزيون، وقد بدأت شركتها لمستحضرات التجميل بفضل رأس مال بلغت قيمته ربع مليون دولار، كانت قد جمعته بفضل اسم العائلة المعروف في أوساط المال والأعمال. كما أن توصيفها بأنّها صنعت ثروتها بنفسها يتجاهل المشاكل العميقة التي يعانيها الاقتصاد الأمريكي بتركّز الثروة عند عدد قليل من الأشخاص، الذين يورّثون ثروتهم لأبنائهم في كثير من الأحيان، أو على الأقل يعطونهم دفعة قويّة إلى الأمام من خلال توفير التعليم في المدارس الخاصة، وتوفير العلاقات الاجتماعيّة اللازمة لدخول عالم الثروة؛ كل هذا من الرفاهيّات التي لا تتوفّر للطبقات الفقيرة والمتوسّطة، في بلد يسيطر فيها 1% من عدد السكّان على ثُلث الثروة. ساسة بوست