موفق بهجت ... يعود
في كلّ مرة يشتاق الفنان الكبير موفق بهجت إلى أرض الوطن يقطع غربته ويركب الطائرة ليقصد الشام التي نشأ وترعرع فيها، وفي كلّ مرةٍ تصيبه وعكةٌ صحية يترك الغرب ومستشفياته ليتداوى بهواء الشام ويتنشق عبق ترابها.
ولكن هذه المرة تأتي العودة لمطربنا القدير لأسبابٍ أخرى، فلقد جاء من الغربة حاملاً مشروع أغنية جديدة عن الوطن وعن أبنائه الصامدين عنوانها “عاش”.
هذه الأغنية التي تقول كلماتها:
(عاش.. عاش.. عاش.. عاش الوطن
أحلى وطن بالكون
عاش.. عاش.. عاش..عاش الوطن
أجمل وطن بها الكون
ومهما تعبنا علينا ما بيهون).
يريد صاحب أغنية (عزي وبلادي سورية) عبر هذه الأغنية أن يجدد إعلان سوريته ودمشقيته وأنه في صف الوطن عند كل فرح أو حزن، وهذا موقفه الذي يكرره منذ سنوات، فهو الذي غنى في عام 2017 (سألوا الأحبة مين أحب الناس وأغلى الغوالي على القلوب يا ناس
تبقى يا غالي
أغلى الغوالي
عالقلوب يا ناس).
وعاد وغنى في العام الماضي على وقع الاحتفاء بعودة سورية إلى جامعة الدول العربية معززة مكرمة (طير البشاير
في السما طاير).
لقد كان العمود الفقري لهذه الأعمال إصراره الراسخ على الوقوف إلى جانب وطنه وإيمانه بأن القادم أجمل، وعندما نسأله ما سبب بسمتك الآن وتفاؤلك وأنت على أرض الوطن يجيب بالقول:
(أنا في أيام العز والفرح أحب أن أشارك بلدي سورية، وعلى هذه الأرض نحن نتمسك دائماً بالأمل والذي يخبرني بأن سورية ستعود أجمل مما كانت عليه لتنفض ما أصابها من ألم، وهذا دأب بلدنا منذ آلاف السنين).
ولا يخفي صاحب أغنية (عيني عليكي يا بلدي) حقيقة أنه عندما يشعر بالتعب يعود إلى سورية رغم أنه المطرب الذي لقب بزارع الفرح، وعن ذلك يقول:
“أعود إلى سورية كلما أشتاق لها، ومع كلّ مرةٍ تنتابني آلام صحية تشعرني بأني أقترب من النهاية، لذلك أحث الخطى إلى دمشق فهي أرضي وأمي، وهل هناك أغلى من تراب الوطن، لذلك غنيت مرة “ترابك يا بلادي أعظم ما في الكون.”
وفي خضم التحضير لعمله الجديد يستذكر المطرب موفق بكثير من الوفاء رفاق رحلته الأولى في عالم الغناء التي بدأت قبل ستين عاماً، ومن يؤكد أنهم كانوا أصحاب فضل فيها، بداية من الراحل سمير مجدي (فلاحة) والذي كان موسيقياً مغموراً، ولكنه كان من صنع شخصية موفق بهجت الفنية، والموسيقار الراحل مطيع المصري الذي لحن له عدداً من الأغاني وفي طليعتها (عزي وبلادي سورية).. ويصف الراحل المصري بأنه أستاذ الكل والأكاديمي الوحيد بين جيل المؤسسين والرواد، وبأن الأعمال التي قام بها لتطوير التراث الدمشقي والسوري وتوزيعه أوركسترالياً يعجز عنها كبار الموسيقيين.
ورغم أن فناننا موفق بهجت يؤمن بأن الفن الحقيقي الآن انحدر وتراجع، ولكنه يرفض التراجع أو الاستسلام أمام هذا الواقع، ليحمل على كتفيه سنوات عمره الثمانين ويواصل نشر رسالة الفن السوري في العالم والاستفادة من تراثه وتوظيفه لأنه برأيه هو ليس الأهم على مستوى المنطقة العربية فحسب، بل على مستوى العالم.
تشرين