شيوخ كار التزوير يكشفون: هكذا يتم إدخال السيارات المهربة وهكذا يتم تزويرها!
من شخص إلى آخر، ومن الشمال السوري، إلى الجنوب دارت عجلات سيارة أبو أحمد، قبل أن تصل إليه، ورغم أنه دفع ثمنها واقتناها «بالحلال» كما يؤكّد، إلا أنه لا يملك أي أوراق رسمية تثبت ذلك، ولا يعلم عنها سوى أنّ قريبه الذي باعه إياها كان اشتراها من إحدى المناطق القريبة للحدود السورية– التركية. ما حصل مع أبو أحمد، هو أحد المظاهر التي خلفتها الحرب في سورية، وذلك بعد أن تغيرت ملامح سوق السيارات بشكل كبير، وأصبحت السيارات المهربة عن طريق المناطق الواقعة خارج سيطرة الدولة السورية أكثر من تلك السيارات النظامية المسجلة في سجلات مديريات المرور سابقًا. ظاهرة السيارات المهربة تتفاقم في ظل الانفلات الأمني الواضح، فالمهربون باتوا قادرين على تهريب أشكال وألوان من سيارات سقوط القيد التي عبرت الحدود من دون أوراق. هكذا نهرّب السيارات إلى سورية يتحدث تاجر السيارات مصطفى الحاج عن كيفية معالجة مشكلة عدم وجود أوراق نظامية للسيارة، فيقول: يتمثل الحل في البحث عن سيارة محطمة ومطابقة للسيارة المهربة في النوع والموديل، وفى هذه الحالة يتم شراء «اللوحة المعدنية ورقم الشاسيه» فقط، والذي يتم قطعه بطريقة حرفية ومن ثم لصقه على الرقم الآخر الخاص بالسيارة المهربة. وعن الفحص وعيوب اللحام وإمكانية كشفها بالمرور، أكد الحاج مدى حرفية العمال الذين يعملون لديه قائلاً «عيب عليك»، مؤكداً أنه سيقوم بإعادة ثمن السيارة المهربة وثمن الأوراق التي تم شراؤها في حال كشفها، مؤكدا أنه قام بلحام العديد من السيارات التي لم يتم كشفها إلا بسبب «غباء» المشترين الذين يتركونها على الطرق قبل معالجتها أو فحصها بالمرور. بعد حل مشكلة الورق ورقم «الشاسيه» لا يتبقى سوى رقم «المحرك» حسب الحاج الذي أكد أن «المحرك» يتم شراؤه من محلات قطع الغيار، مبيناً أن شراء محرك جديد أفضل من تركيب المحرك المأخوذ من السيارة التي سيتم شراء أوراقها قائلا: «نشتري محرك جديد من أجل الحصول على ترخيص جديد حيث سيزداد الأمر صعوبةً، إذا لم يكن رقم المحرك موجوداً، مضيفاً أن قص أرقام المحرك يستغرق وقتا طويلا ويتطلب دقة شديدة في العمل ويمكن كشفه بسهولة بالفحص». وأضاف الحاج هناك الكثير من المزورين يقومون بإنشاء دفتر وأوراق ثبوتية لأي سيارة كانت، ويتم تسجيلها بشكل رسمي في مديرية المرور لتحصل على لوحات، مؤكّدًا أنه «أمر منتشر وسهل جداً». وبحسب الحاج فإن أحد الحلول المستخدمة لتوفير الأوراق للسيارات المهربة، هو عقد بيع بشهادة اثنين، إذ يتم كتابة عقد بيع تقليدي بين البائع والمشتري، تُذكر فيه تفاصيل البيع والسعر ويتم إثباته بوجود شاهدين، ويعاب على هذا العقد سهولة تزويره، منوهاً إلى أنّ بعض السيارات الأوروبية والتي تصل عبر الحدود اللبنانية باتت تصل مؤخرًا مع أوراق تحمل معلومات عن التاجر المورد ووقت دخولها من المعبر، الأمر الذي يسجل في العقد أيضاً. الجمارك تتكلم «أصبح أمر تلك السيارات معروفاً» كما يؤكد مصدر مسؤول في الجمارك مضيفاً أنه تمت مصادرة العديد من السيارات المهربة خلال الفترة الأخيرة، لافتاً إلى أنه تم كشفها بسهولة عند الفحص عن طريق رقم «المحرك» و«الشاسيه»، حيث تكون السيارة مخالفة للمسافات والأحجام الهندسية، وهي غير مسجلة لدى المرور ولا تملك أي ثبوتيات رسمية. وأشار المصدر إلى أن عمليات إدخال هذه السيارات تتم عن طريق المناطق الحدودية والتي كانت خارج سيطرة الدولة، لافتاً إلى أن أهم المعابر التي يتم إدخال السيارات عن طريقها هي القلمون بريف دمشق، والقصير بمنطقة ريف حمص، والشمال السوري بشكل كامل، لافتاً إلى مصادرة العديد من السيارات من خلال المرفأ رغم محاولة أصحابها إدخالها بطريقة شبه قانونية إلا أن هذه السيارات مخالفة للقانون، نتيجة التلاعب بالمواصفات ومحاولة إدخالها على شكل قطع تبديل تهربا من دفع الضرائب الجمركية، كما تم مصادرة حوالي 1500 سيارة من المرفأ وسيتم النظر بوضعها بعد دراسة اللجنة المختصة بالموضوع كيفية التعامل بالمصادرات. وأضاف المصدر أنه تمت مصادرة أكثر من 4000 سيارة من الغوطة الشرقية بعد تحريرها حيث تبين أنها لا تملك الأوراق الثبوتية الرسمية وهي أوروبية المنشأ. وتوقع المصدر أن يتم توزيع السيارات المصادرة للجهات العامة لسد النقص الحاصل بالعديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية، الأمر الذي سيسهم في حل جزء كبير من المشكلة التي تعانيها الدوريات الجمركية، ويقلل المصدر في الوقت ذاته من التكاليف التي ستتكبدها الحكومة لقاء شراء سيارات. عَ الوعد يا كمون رئيس الوزراء عماد خميس وعد في وقتٍ سابق، بفتح تحقيق حول السيارات الحديثة الفارهة التي تملأ شوارع دمشق، في الوقت الذي تم فيه إيقاف استيراد السيارات الحديثة. وتضم هذه السيارات ماركات شهيرة وثمينة جداً، وتبدو فكرة أن هذه السيارات دخلت إلى سورية على أنها قطع غيار، كمحاولة لإعفاء الجمارك من المسؤولية، في حين لا تخفي بعض وسائل الإعلام خشيتها من أن تكون الجمارك ضالعة في العملية، لأن الفرق كبير بين قطع الغيار، والتي يتم حساب جماركها على الوزن، وبين إدخال سيارة مفككة لبضعة أجزاء. لا تخلو عملية دخول السيارات المهربة إلى سورية من رائحة فساد يتغلغل في مفاصل حكومية وغير حكومية كثيرة، وخاصة أننا نتحدث عن آلاف السيارات التي تتبختر في الشوارع، وخاصة أن تجارة السيارات كانت وما زالت تُعتبر ملعباً واسعاً للتجاوزات وتحقيق المكاسب المالية الخاصة. الأيام