الرقم قد يبدو كبيرا.. لكنها إبداعات التسويق.. حجم سوق التعبئة والتغليف يزيد على 50 مليار ليرة
صاحبة الجلالة _ أحمد العمار
لم تكن خدماتنا قبل الأزمة تتوقف عند حدود الطلب المحلي، بل كنا نلبي طلبيات خارجية لأسواق المغرب وليبيا والسودان والعراق والأردن، لكن الطلب تراجع خلال سنوات الحرب، نتيجة إغلاق المصانع والورش، وقلة المعروض من السلع الاستهلاكية بنسبة 60 بالمئة..يقول المهندس صالح صالح مدير إحدى أهم الشركات العاملة في صناعة التعبئة والتغليف.
ويقدر صالح، الذي تعمل شركته في السوق منذ عام 1970، حجم السوق الكلي بنحو 50 مليار ليرة سورية، وعدد المنشآت الكبيرة، التي تشغل 150-200 عامل، بنحو 20-25 منشأة، إلى جانب منشآت متوسطة (50-60 عاملا) وصغيرة (أقل من 20 عاملا).
وتخضع جودة العبوات لعديد الاعتبارات كحجم المنتج ومراحل الإنتاج والمزايا الفنية المتعلقة بالطباعة اللامعة أو النافرة أو الغائرة أو المسلفنة وهكذا..وغالبا ما توضع المنتجات الرخيصة في عبوات قليلة التكلفة، وتصنف عبوات الأدوية والمواد الطبية في هذه الخانة، حيث تشكل تكاليفها، وفقا لصالح، بين خمسة إلى ستة بالمئة من قيمة المنتج، ثم تأتي المواد الغذائية والاستهلاكية في مستوى أعلى، فالمنظفات ومواد التجميل، فيما تشكل المنتجات الكمالية والسلع الفاخرة والمجوهرات والهدايا والعطور الأعلى تكلفة.
وازدادت في أسواق دمشق مؤخرا أعداد المنشآت التي تعنى بتعبئة المواد الغذائية ضمن عبوات وأحجام مختلفة تتناسب والاحتياجات الفردية والعائلية، حيث حرصت على تنوع هذه العبوات وفقا لطبيعة السلع المعبأة /كرتون/ معدن/نايلون /سلفان/ ولأذواق الزبائن مع مراعاة العبوات المنافسة.
وتطورت في سنوات ما قبل الأزمة صناعة التعبئة والتغليف على نحو لافت، سواء ما يتعلق بتقنيات الإنتاج أم التصاميم المبتكرة أم إبداع أشكال وأحجام مختلفة تحاكي الجديد في الفن والرياضة والاتصالات، سيما ما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي منها، إذ أخذ المصممون يبتكرون عبوات تراعي في تصميمها وشكلها المشاهير والنجوم في مختلف المجالات، خاصة المنتجات الموجهة للنساء والأطفال.
ويقول مدير عام إحدى شركات تعبئة المنتجات الغذائية ياسر العقاد إن التوسع في صناعة التعبئة والتغليف بدأ منذ عام 2009 ، حيث كان بيع المواد دون تغليف /الفرط/ هو السائد، لأن المستهلكين اعتادوا طيلة عقود على مثل هذا النوع من البيع، كأن يباع السكر في كيس زنة 50 كغ، أو الرز زنة 25 أو 10 كغ، ثم أخذت الفكرة تتوسع شيئا فشيئا، فبدأت الشركة تبيع مواد السكر والرز والشاي بعبوات محددة، ثم امتد النشاط ليشمل البقوليات وغيرها من المواد الغذائية.
وتتوسع صناعة التعبئة والتغليف حول العالم على نحو لافت، إذ يزيد حجم السوق العالمية في هذه الصناعة على 900 مليار دولار، فيما تحقق نموا سنويا بنحو ستة بالمئة، وتشير احدى الدراسات ان حوالى 95% من مديري التسويق الذين يعينون مستشارين للتصميم يخصصون نحو 40% من ميزانية التسويق لتصميم التغليف، ويقترح (أبو التسويق) فيليب كوتلر نتيجة للأهمية الكبيرة للتغليف، أن ينظر إليه على أنه عنصر خامس يضاف لعناصر المزيج التسويقي الاربعة المعروفة المنتج, السعر, التوزيع, الترويج .حيث يتوقف نجاح بعض الانشطة كالإعلانات والأبحاث التسويقية على العبوة وغلافها.
وتبين الدراسات التي أجريت على العملية الشرائية، أن المستهلك نادرا ما يعرف المنتج الذي سيقع عليه اختياره قبل الدخول الى نقطة الشراء، وبالتالي يأتي دور التعبئة والتغليف كأحد العوامل المؤثرة في قرار الشراء لدى المستهلك، فالعبوة _كما يقال تسويقيا_ تحمي وتحفظ وتسوق.