«تحية» لحسين عباس.. مشهديات سينمائية تقارب هموم المسرحيين!
عمل يتناول هموم المسرح والمسرحيين في عيدهم.. مشاهد تشكل احتفاء بأولئك الذين بقوا في البلد رغم كل الصعوبات كي يمارسوا الفنون ويدافعوا عن الحياة.. في هذا الفضاء يأتي عرض «تحية» الذي قدم على خشبة المسرح القومي في اللاذقية، وهو من تأليف شادي كيوان وإخراج حسين عباس، وتمثيل كل من (حسين عباس- شادي كيوان- سوسن عطاف- مجد يونس أحمد- مصطفى جانودي- غربة مربشة)، بالمشاركة مع (ريما فرحات- جعفر درويش- مجد عثمان-محمد ابراهيم)..
أضاء العمل على الصعوبات التي تواجه المسرح ومعاناة المسرحيين من جراء الحرب، مشاهد تصور فرقة مسرحية تحضِّر لاحتفالية يوم المسرح العالمي بكل ما يعتريها من صعوبات خاصة في اللاذقية أثناء التحضيرات للاحتفال بهذا اليوم، حيث تلغى ثلاثة عروض مسرحية لأسباب مختلفة ويُلغى العرض قبل ساعة واحدة، فلا يبقى للفرقة ماتقدّمه إلا كلمة يوم المسرح العالمي ومن ثم التحية للجمهور، وتأتي الإشارة واضحة بالقول: كيف سيتطور المسرح وهناك مَن يتدخل بمفاصله وعروضه بطرق بعيدة عن أي أساس ثقافي؟. كما تضمن العرض دعوات للحلم بأن تعود سورية للدور الحضاري ولتتصدر منبر الثقافة الذي مارسته قبل آلاف السنين، ولترسيخ ثقافة العرض المسرحي وللمحبة والألفة بين الممثلين، وألا يبخس أحد الآخرين جهودهم، فالساحة المسرحية وغيرها تتسع للجميع.
استخدم المخرج تقنيات السينما ضمن المشهدية المسرحية للتأكيد على حالة المسرح السوري الذي يتمنى أن يكون أفضل، من خلال المقارنة والقياس مع المسرح العالمي عبر إشارة كوميدية كالاتصال بالفنانة أنجلينا جولي والممثل مورغان فريمان، والحديث أن ما يجري لديهم لا يضاهي ما يجري لدينا، والعكس هو الصحيح فإظهار التناقض يثبت واقع الحال للمسرح السوري.
العرض منوع ومختلف ويشبهنا، فقد لبت هذه المسرحية حاجات وأذواق كل المشاهدين، عبر ثلاثة مشهديات، (مشهد كلاسيكي- مشهد واقعي- مشهد غروتيسك).. المشهد الأول مشهد الزير سالم الذي رفض مصالحة قتلة أخيه كليب، وهي دعوة للمصالحة وليس العكس من خلال الإشارة إلى أن الثأر لن يجر إلا الثأر، وفي المشهدية الثانية مشهد جنائزي لما يحدث من موت، والمشهد الثالث هو مشهد الفساد عبر سلطة المال المتمثلة بصاحبة البنك وفساد رئيس البلدية، وشيء جميل ما قدمه الممثلون الذين واجهوا الجمهور من دون إمكانات مادية، عبر الديكور البسيط المتمثل بثلاث قطع فقط، والإضاءة والموسيقا اللتين رافقتا العرض وخاصة موسيقا المشهد الجنائزي، وكذلك الأزياء التي ناسبت كل مشهدية، فقد استطاعوا ملامسة أرواحنا بجمال أدائهم على الرغم من عدم وجود ربط بين المشاهد الثلاثة وهذا ما تقصّده الكاتب، فقد أتت حكاية كل مشهد مرتبطة بكل ما هو سائد بواقعنا من إحباطات وانتكاسات، والإسقاطات التي أرادها الكاتب شادي من هذه المشاهد وصلت بطريقة فنية ناجحة قدمها الممثلون برؤية إخراجية واءمت الفكرة، حيث أشار الكاتب في أحد المشاهد إلى أنه «لا نستطيع أن نكتب عن كل شيء يحدث»، لكنه من جانب آخر، اشتغل مع المخرج في هذا العمل على إبقاء المسرح في أوجه وغايته المثلى إمتاع الجمهور وإضحاكه رغم أن العرض كان عن أوجاعهم وآلامهم.