قصة أول نائب يستقيل
أثارت استقالة عضو مجلس الشعب عن محافظة الرقة فيصل إبراهيم حجي عمر جدلاً واسعاً خلال جلسة الأمس، إذ تباينت آراء النواب بين مستهجن للاستقالة، وبين متفهم، وبين من رأى في ذلك حق لأي نائب، في حين انتقد نواب طريقة تقديم الاستقالة، وزمانها، ومكانها، وضرورة حضور النائب للمجلس ليقدم الاستقالة من داخله، وبيان الأسباب والمبررات الحقيقية لاستقالته، وسماع ردود الأعضاء عليها، على حين رأى نواب آخرون في الاستقالة إهانة للمؤسسة التشريعية.
هذا وعرض المجلس لكتاب الاستقالة المقدم من قبل النائب، إذ تحدث فيه عن مبررات الاستقالة وأسبابها، والتي تمحورت حول عمليات فساد للجنة الحزبية في محافظة الرقة بنحو ملياري ليرة سورية، إضافة إلى المحسوبيات والممارسات العنصرية من القائمين على المحافظة وخاصة من قبل اللجنة الحزبية.
من جانبه برّر النائب عاطف الزيبق تقديم الاستقالة من دون حضور النائب إلى المجلس بأن ليس هناك ما يمنع من تقديم الاستقالة بشكل غيابي، مبيناً أن «الرجل لا يريد أن يستمر في المجلس ولا يريد أن يحضر تحت القبة ولا يرغب بعرض وتبيان مبررات الاستقالة هنا».
النائب محمد خير عكام رأى ضرورة حضور المستقيل إلى البرلمان حتى يشرح أسباب استقالته الحقيقية، خاصة وأنها أعلنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن يتقدم بكتاب رسمي إلى ديوان مجلس الشعب، مبيناً أن «هذه الطريقة توحي بعجزه عن عرض المبررات داخل المجلس رغم مبررات الفساد المذكورة في الكتاب»، مشيراً إلى أن طريقة الاستقالة توحي بأن المجلس برمته عاجز، «ونحن لسنا عاجزين، وإن سقف النقاش في المجلس عال، ودليل ذلك النقاش العام أمس بحضور الحكومة حيث كان بسقف عال، وقدم المجلس كافة الملاحظات والاستفسارات أمام الحكومة».
بدوره رأى النائب علي الشيخ أن الاستقالة نوقشت في أماكن غير صحيحة وبطرق غير سليمة، وليس في المؤسسة البرلمانية، وكان على النائب ألا يتجاوز هذه المؤسسة، ووصف طريقة الاستقالة بالمسيئة للمؤسسة البرلمانية وإمكانيتها وشرعيتها (هنا غادر النائب عمار بكداش قاعة المجلس، ما دفع رئيس المجلس لتوجيه تنبيه إليه للعودة، ومنع الأعضاء المغادرة إلا بإذن منه)، وتابع علي الشيخ مداخلته بالإشارة إلى أن الحكومة قادرة على المحاسبة ولديها أجهزة رقابية وتفتيشية ولجنة تفتيش جزئية ولجنة تفتيش في اتحاد الفلاحين.. واصفاً طريقة الاستقالة بالمستفزة.
من جانبه بيّن النائب الآن بكر أن العضو المستقيل بحقه دعوى في القضاء، لذا «عليه استكمال الاستقالة ومتابعة قضيته في القضاء، وهو أراد أن يحقق مجداً شخصياً بهذه الطريقة».
وقال النائب مجيب الدندن: «لم يسلك المستقيل الطرق القانونية في تقديمها، لكن على الرغم من ذلك له حق تقديم الاستقالة، وهو رجل وطني، إلا أنه تخلى عن حق شرح ملابسات استقالته».
بعض النواب رأوا بأنه لا يجوز التشهير بالنائب، فهو «أخطأ في إعلانها عبر مواقع التواصل قبل أن يقدمها للمجلس، وأخطأ حين تجنب المثول أمام المجلس للإعلان عنها»، على حين رأى نواب بأنها «حق يراد به باطل»، وبأنها جاءت في الوقت غير المناسب، كما رأى آخرون بأن ليس هناك من يستطيع منع عضو مجلس الشعب من قول الحقيقة داخل المجلس الأمر الذي لا يبرر للنائب اللجوء إلى مواقع التواصل ليعلن عن استقالته.
من جانبه قال رئيس المجلس حمودة الصباغ: «لقد تلونا كتاب الاستقالة كما ورد من صاحبه على الرغم من عدم انسجام المجلس مع مضمون هذا الكتاب»، وذلك قبل أن يعلن قبول الاستقالة بالأكثرية.
الوطن