حماية للفاسدين.. و منع نشر أسمائهم دليل ذلك
صاحبة الجلالة – حسن مرعي
يحكى عن قيام رجل معتوه في موزنبيق من أصاحب المال الوفير، برش مبلغاً من المال بالسُم القاتل، والتبرع به "كاش" للجمعية الخيرية في بلده كي توزعه على الفقراء ليتخلص منهم...وكانت النتيجة موت محافظ المدينة، و30 نائباً، و3 مدراء مكاتب، و7 من عُمد الحارات، وزوجة المدير العام، ولم يصب أي أحد من المحتاجين بأذى!.
إنها بحق أفضل وأنجح طريقة لمكافحة الفساد، الذي لم نفلح نحن إلى الآن باعتماد آلية كفيلة باجتثاث جذوره..!.
ويحضرنا في هذا المقام أن نستذكر مشروعي قانوني إحداث هيئة مستقلة تسمى هيئة مكافحة الفساد، والكسب غير المشروع اللذين ناقشهما مجلس الوزراء أيام حكومة عادل سفر، ونتذكر وقتها سقف الطموح الذي كان معوّلاً الوصول إليه من خلال تطبيقهما، خاصة فيما يتعلق بما يحصل عليه الموظف أو القائم بخدمة عامة من مال لنفسه أو لغيره عن طريق استغلال أعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو خدمته العامة، إذ أن كل زيادة في مال الموظف أو القائم بخدمة،
أو مال زوجه وأولاده القصر لا تتناسب مع مواردهم ويعجز عن إثبات مصدر مشروع لها، سيندرج تحت الكسب غير المشروع، إضافة إلى ما يحصل عليه أي شخص طبيعي أو اعتباري من مال ومكاسب بالتواطؤ مع موظف أو قائم بخدمة عامة عن طريق استغلال وظيفته أو خدمته العامة...!.
إلا أن أياً مما سبق لم يبصر النور، لا بل لم يُعرف إلى الآن مصير هذين المشروعين، ما يشي بعدة احتمالات فإما أن القصد من الترويج لهما وقتها كان يندرج ضمن سياق التسويق لحكومة سفر وفريقها الحكومي آنذاك، أو أن ثمة من وأدهما كونهما يقضان مضاجع الكثير من المستفيدين من الفساد ومنظومته ضاربة الأطناب، أو ربما تم غض الطرف عنهما مبدئياً لإعطاء فرصة للهيئة العامة للرقابة والتفتيش، والجهاز المركزي للرقابة والمالية، لإعادة ترتيب أوراقهما لاستعادة المبادرة تجاه تقويض رموز الفساد وأعوانه..!.
وهنا نرجح الاحتمال الثاني خاصة مع ظهور طبقة من أمراء الحروب وتجار الأزمات، والتي من مصلحتها ليس إبقاء الوضع على ما هو عليه فحسب، بل ابتكار أساليب غير تقليدية لزيادة مستوى الثراء قدر المستطاع..!.
ويبقى أن نشير إلى أن هذا الواقع السوداوي بات يستوجب حلولاً استثنائية، لعل أبسطها إعلان أسماء كبار الفاسدين في حال فتح ملفاتهم وإحالتهم إلى القضاء، فمنذ أيام الحكومة السابقة –وكذلك الأمر بالنسبة للحالية- والحديث يدور حول فتح ملفات ليست سهلة لبعض الفاسدين، إلا أنها لا تزال بمنأى عن عين الإعلام، والتي نعتقد أن تسليط الضوء عليها سيكون بمنزلة العبرة لمن يعتبر..!.