عقود الإيجار… نهب قانوني الى متى ؟
كثيرة هي التعديلات التي طرأت على قانون الإيجار منذ عام 2001 وحتى الآن وبما أن لقانون الإيجار تداعيات اقتصادية واجتماعية على المجتمع، كان من المفترض أن تضطلع الحكومة بدور فعال في هذا المجال. فوق طاقة التحمل! أخضعت علاقات الإيجار خلال الأزمة لمبدأ العرض والطلب، مما أفسح المجال أمام تجار العقارات والمكاتب العقارية لتوسيع هوة الاستغلال ، حيث وصلت قيمة بدلات الإيجار إلى أسعار خيالية يصعب على أي مواطن مهما كان دخله أن يتحملها، عدا عن الشروط التي يفرضها البعض على المستأجرين والتي تزيد من أرباحهم، كشرط دفع تأمين يساوي أجرة شهر، إضافة لأجرة المكاتب العقارية التي تساوي قيمة الإيجار الشهري، وهذا كله يتحمله المستأجر لوحده، أي أن المستأجر يضطر لدفع أجرة شهرين لتوقيع العقد فقط عدا عن بدل الإيجار. منازل غير صالحة للسكن بعض العقارات التي يتم طرحها للإيجار في بعض المناطق، مثل: جرمانا والتل وركن الدين وغيرها، تعد غير صالحة للسكن حسب القانون الذي اشترط أن يكون العقار المؤجر صالحاً للسكن. فهناك منازل تؤجر على الهيكل، ولكن يتم التغاضي عن ذلك ويتم تأجير هذه المنازل وبأسعار مرتفعة أقلها خمسون ألف ليرة، كما تعرض بعض المنازل للإيجار وبأسعار مرتفعة بحجة أنها مفروشة، وهي تحتوي على أثاث مكسر أو مهترئ في أحسن الأحوال، وذلك لرفع بدل الإيجار، ناهيك عن تأجير بعض المحال التجارية باعتبارها سكناً!. عقود وهمية؟ عقود الإيجار التي تبرم عادة هي عقود وهمية، فالمدة تحدد بين الطرفين بغض النظر عن العقد، كما أنه يتم تسجيل بدل إيجار وهمي في العقد للتهرب من دفع الرسوم عند تصديق العقد، وهو ما يحرم خزانة الدولة من بعض الموارد، كما أنه يشترط دفع إيجارات مسبقة لأكثر من 3 أشهر وبشكل مخالف للقانون.. كل هذا التعدي والمخالفات تجري بتصديق من البلديات لهذه العقود الوهمية، دون أن يكون للحكومة دور في تعديل شروط العقد، رغم علمها بأنها عقود وهمية، ومع ما تلحقه هذه العقود من خسائر لخزانة الدولة، وما تتضمنه من استغلال لحاجة المواطنين. المواطن وحيد في مواجهة تجار العقارات المواطنون دفعوا خلال هذه الأزمة كل جني عمرهم، الذي جمعوه قبل الأزمة قيمة لبدلات الإيجار، ومنهم من يضطر لإخراج أبنائه من المدارس للعمل كي يستطيع تأمين بدل الإيجار الشهري، لأن راتبه كاملاً ولمدة شهرين أو ثلاثة لا يكفيه لتسديد قيمة الايجار عن شهر واحد، وهناك عائلات وصلت إلى حد أنها لم تعد تستطع دفع قيمة الإيجار وتم طردها، ولجأت إلى الحدائق أو مراكز الإيواء مجدداً، عدا عن الرفع المستمر في قيمة بدلات الإيجار عند كل مرة يجري فيها تجديد العقد، وهذا ما يؤدي إلى اضطرار العائلات إلى البحث عن سكن جديد أرخص نسبياً، إن توفر، مع كل ما يسببه هذا الترحال المتكرر من سلبيات على استقرار الأسرة، ولو بشكل مؤقت. فوضى سببها السياسات الحكومية هذه الفوضى كلها في سوق العقارات، وفي سوق الإيجار، سببها غض طرف الحكومة عن تنظيم عقود الإيجار، وإخضاعها لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين، تتويجاً لانسحابها عن مهمتها الأساسية المتمثلة بخطط السكن والإسكان بشكل عام منذ عقود. ففي دولة تعيش حالة حرب، تسببت في نزوح نصف الشعب تقريباً، كان يجب التراجع عن هذه السياسات الحكومية، أو على الأقل فرض شروط معينة على الطرفين (المؤجر والمستأجر) لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، خاصة فيما يتعلق بقيمة بدلات الإيجار. فقد كان من المفترض مثلاً: وضع أسعار مناسبة لكل منطقة، ليتم تقييد عمل المكاتب العقارية بها، مع منح صلاحية أكبر للبلديات للتدخل، بحيث يكون عرض المنازل وعملية الايجار من خلالها، وفقاً لضوابط السعر والمواصفة المحددين سلفاً بسقوف عُليا، والأهم من ذلك: التأكد من صلاحية المنزل للسكن، وخصوصاً في هذه الظروف، وهو ما حيدت الحكومة نفسها عنه عمداً، انحيازاً لمصلحة تجار العقارات والسماسرة، على حساب المشردين، كما على حساب الخزينة العامة. قاسيون _بتصرف