وزير المالية: زيادة الرواتب ليست غائبة عن الحكومة..ونواب:الموازنة بشكلها الحالي تزيد الفقراء فقراً
عرض رئيس لجنة الموازنة والحسابات حسن حسون التوصيات العامة الموجهة إلى رئاسة مجلس الوزراء لتقرير لجنة الموازنة والحسابات المتعلقة بمشروع قانون الموازنة العامة للدولة 2018، وذلك خلال جلسة مجلس الشعب يوم أمس، التي تضمنت بداية ضرورة التصدي بحزم لموضوع غلاء الأسعار والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه التلاعب بالأسعار أو استعمل الغش أو التزوير في تواريخ انتهاء صلاحيات المواد أو الاحتكار أو التغيير في المواصفات، والعمل على تحسين المستوى المعيشي للمواطنين والاستمرار في تأمين الاحتياجات الأساسية بالأسعار المناسبة وتوفير الرعاية الصحية والطبية.
إضافة إلى تعزيز مقومات الصمود للاستمرار في مكافحة الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار والاهتمام بجرحى الجيش والقوات المسلحة وتأمين جميع مستلزماتهم، إلى جانب ضرورة زيادة الرواتب والأجور ومتمماتها لجميع القوى العاملة في الجيش والقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي وأسر الشهداء وإيجاد فرص عمل لكل عسكري مضى على وجوده في الخدمة الاحتياطية مدة عامين.
وتضمنت التوصيات العمل على إحداث مؤسسة عامة تسمى «مؤسسة الشهيد» تعنى باحتياجاتهم ومتطلباتهم، واستصدار طابع بقيمة خمس وعشرين ليرة سورية تجبى لمصلحة هذه المؤسسة كي تشكل مورداً حقيقياً للعناية بأسر الشهداء وذويهم والعمل بشكل جدي على إيجاد حل للعسكريين الاحتياطيين الذين مضى على وجودهم في الخدمة الاحتياطية أكثر من سبع سنوات وضرورة تحديد مدة الخدمة الاحتياطية، وضرورة معاملة شهداء وجرحى القوات الرديفة معاملة الجيش والقوات المسلحة بإعفائهم من الرسوم والطوابع واستيعاب جرى الجيش والقوات المسلحة في الوظائف الحكومية ممن نسبة عجزهم 70 بالمئة فما دون، والإسراع في تسوية ومعالجة أوضاع الموقوفين والمفقودين وتعزيز نهج المصالحات الوطنية حفاظاً على النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية.
وأشارت التوصيات إلى ضرورة دعم قطاع الزراعة بشقيه النباتي والحيواني وتأمين مستلزماته إضافة إلى دعم القطاع الصناعي وحل مشكلاته وتوفير مستلزماته ومنحه المرونة والتسهيلات اللازمة، وحماية الإنتاج الوطني، وإقامة الصناعات التحويلية التي تتناسب وتوفر المواد الأولية الموجودة في القطر والعمل على إيجاد أسواق خارجية لتصريف الفائض من الإنتاج الوطني، وضرورة ربط الأجر بالإنتاج وتحفيز المنتجين والعمال والفلاحين وصغار الكسبة وإيجاد آلية تربط بين الأجور والأسعار، والأهم إعادة النظر بالسياسات الضريبية المعمول بها في القطر لأنها لم تعد تنسجم مع الواقع الاقتصادي الحالي، والإسراع بإعداد نظام ضريبي جديد ويمنع حالات التهرب الضريبي ويمد جسور الثقة بين المواطنين والدولة ويؤمن مورداً حقيقياً لخزانتها، وتعميم ثقافة الوعي الضريبي.
وتضمنت أيضاً ضبط وترشيد الإنفاق العام وخاصة الإنفاق الإداري غير المنتج، واتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لمعالجة أسباب الهدر بكل أشكالها واستصدار التشريعات الضرورية للحد من الفساد والروتين والتسيب والترهل الإداري، والعمل على تعديل قانون العقود بما ينسجم والتحولات الاقتصادية الجديدة والظروف الاستثنائية الحالية مع التأكيد ضرورة الالتزام بالمدد العقدية لإنجاز المشروعات الاستثمارية التي تنفذها الشركات الإنشائية العامة والتأكيد محورية الدولة في إدارة الاقتصاد الوطني وتفعيل التشاركية وفق أسس وطنية واضحة.
إضافة إلى توجيه الإنفاق العام الاستثماري للقطاعات الإنتاجية كثيفة العمالة بشكل يسهم في زيادة الإنتاج المحلي والدخل الكلي وتشغيل الأيدي العاملة وتحقيق معدلات نمو اقتصادية متوازنة. مع إيجاد آلية واضحة لتأمين مورد رزق لكبار السن والعجزة ممن ليس لديهم أي مورد رزق ولا يتقاضون أي معاشات تقاعدية.
وطالبت التوصيات بالإسراع في إنجاز المخططات التنظيمية للمناطق كافة واستصدار قانون جديد للاستملاك وتسديد قيمة الأراضي المستملكة لمصلحة إدارات ومؤسسات الدولة بالأسعار الحقيقية وإعادة النظر في الاستملاكات التي لم تستخدم بعد حسبما خطط لها في مشروعات الاستملاك وتطبيق القوانين والأنظمة الناظمة لها، إضافةً إلى العمل على تحصين الأملاك العامة للدولة من التعديات والمباشرة في تحديد مناطق السكن العشوائي في القطر، وضرورة إعادة الإعمار بالاعتماد على الإمكانات الوطنية المتاحة وبمساعدة الدول الصديقة والشقيقة التي وقفت إلى جانبنا وناصرت قضايانا في المحافل الدولية، وضرورة استصدار نظام أتمتة موحد ليشمل عمل الوزارة الواحدة والجهات التابعة لها للالتزام به بحيث يكون هناك بيئة برمجية موحدة يتقيد بها الجميع.
ولدى سؤال وزير المالية مأمون حمدان عن مطالب نواب الشعب ونظرتهم للتوصيات والتي تركزت على تحسين الوضع المعيشي وزيادة الرواتب قال: «إن الحكومة ليست غائبة عن الموضوع لكن النظرة تختلف وكل ينظر إلى الموضوع من زاوية مختلفة». مبيناً أن مداخلات النواب لا شك أنها تعبر عن وجهة نظر المواطنين الذين انتخبوهم ومن الطبيعي أن الموازنة فيها بعض المصطلحات الاقتصادية والفنية التي حاولنا توضيحها، مشيراً إلى أن الانتقادات التي وجهت عبر المداخلات قائمة على معلومات قد تكون غير المعلومات التي من المفترض أن يعتمد عليها النائب موضحاً أن نواب الشعب يعتمدون على نظرهم وتفكيرهم للموضوع الذي تتم مناقشته علماً أننا اليوم بحاجة إلى مراكز وإلى أرقام وإحصائيات للوصول إلى توجه عام.
وأشار إلى «أننا كحكومة لنا أساليبنا ووسائلنا للحصول على معطيات إضافية ونحن جاهزون لإطلاع نواب الشعب على ما يريدون من معلومات من الوزارات».
ومن مداخلات نواب الشعب فقد تساءل محمد جغيلي عن كيف تساعد الحكومة في استقرار سعر الصرف علماً أن المواطن كاد ينفرج بهذا الانخفاض ويرى ضرورياً تحديد هدف منشود لمستوى 300 ليرة لسعر صرف الدولار؟ وهل الحكومة والفريق الاقتصاد مقتنع أن الفجوة بين الأسعار والرواتب والأجور ردمت؟
بدوره وضع النائب وليد درويش إشارة استفهام على أرقام لجنة موازنة الحكومة لأنها تبنت أرقام تقرير الحكومة ذاتها واصفاً نسب التنفيذ بالضئيلة ولم تتجاوز 35 بالمئة في معظم وزارة الدولة.
بينما قال النائب رياض شتيوي: «إن الموطن مل من الأرقام والإحصائيات والوعود وهو يدعو إلى ضرورة أن تتلاءم الموازنة مع إمكانات وقدرات المواطن وقوت يومه وتوفير فرص عمل وضرورة أن تعكس الموازنة تحقيق العدالة الاجتماعية». ورأى أن الموازنة بشكلها الحالي تزيد الفقراء فقراً مع غياب رؤى لإصلاح السياسات الضريبية منوهاً بأن عجز الموازنة هو بالنتيجة عجز المواطن، مطالباً بتحسين الدعم لمختلف شرائح المجتمع وسد عجز الموازنة بالطرق المثلى.
النائب عمار الأسد غلب موضوع أولوية الإنتاج على موضوع المطالبة بزيادة الرواتب إضافة إلى دعم الصناعة. بينما رأى النائب شحادة أبو حامد أن التقرير منسجم مع البيان لكنه بعيد عن الواقع في انخفاض سعر صرف الدولار، ولا يزال التاجر هو المسيطر على السوق، مبيناً أن العبرة في تطبيق وتنفيذ بنود الموازنة ويعول الشعب على الحكومة في إيجاد الحلول الناجعة لمشكلاته المستعصية.
بدوره النائب زهير رمضان قال: «نحن نقول ما نريد والحكومة تفعل ما تريد». واصفاً أعضاء المجلس بفرسان كلام.
بدوره قال النائب وائل ملحم: إن بيان الموازنة لا ينسجم مع بيان الحكومة وخاصة في معالجة قضايا ومشكلات الجرحى والشهداء. بينما وصف النائب عمار بكداش الموازنة العامة بالأداة المحددة للسياسة الاقتصادية العامة ودليل على الكفاءة المهنية لمن وضعها.
مضيفاً: إن هذه الموازنة لا تدعو إلى التفاؤل وهي متناقضة مع إنجازات وطننا في محاربة الإرهاب. رأى كذلك أن تقرير اللجنة لم يتطرق إلى التغيير المهم الحاصل في انخفاض سعر الصرف مقابل الليرة السورية على الرغم من أن هذه الظاهرة إيجابية إذا تم استخدامها بشكل عقلاني لتشجيع الإنتاج والمنتجين في سبيل تحسين الوضع المعيشي، داعياً إلى ضرورة السعي لزيادة الرواتب ووضع إستراتيجية لربط الأجور بالأسعار ومحاسبة محدثي النعمة والمضاربين والمتاجرين بالأزمة.
وبالعودة إلى التقرير تبين أن زيادة العجز في مشروع الموازنة العامة للدولة بمقدار 57.83 مليار ل.س أي بنسبة 7.8 بالمئة عن العجز المتوقع في موازنة عام 2017 وقد عزت وزارة المالية أسباب زيادة العجز في عام 2018 إلى زيادة الاعتمادات المقدرة في مشروع موازنة 2018 بمبلغ أكبر من مبلغ الزيادة في الإيرادات العامة المقدرة، نتيجة إظهار مبلغ الدعم الاجتماعي المتعلق بالمشتقات النفطية والمقدر بحوالى 257 مليار ل.س بينما لم يتم إظهاره في موازنة عام 2017، وكذلك رصد الاعتمادات اللازمة للترفيعات الدورية للعاملين ولتوفير فرص العمل الجديدة وإضافة الاعتمادات اللازمة لحسن سير العمل في الجهات العامة، كما تم زيادة الاعتمادات المخصصة للمشروعات الاستثمارية نتيجة تحسن الأوضاع الأمنية في ضوء أهمية هذه المشروعات وأولويتها لدفع عجلة الإنتاج الوطني وتحفيز النمو الاقتصادي، حيث قدرت الزيادة في الإيرادات العامة بمبلغ 469.17 مليار ل.س الأمر الذي جعل العجز المقدر في مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2018 يفوق المتوقع في موازنة عام 2017 بمقدار 57.83 مليار ل.س.
وإضافة إلى ذلك فإن لجنة الموازنة والحسابات ترى أن الأمر يعود إلى جملة من العوامل والاعتبارات كان لها الدور الكبير في زيادة حجم العجز المقدر في موازنة عام 2018 منها على سبيل المثال لا الحصر تعثر وتوقف العديد من المؤسسات والشركات الاقتصادية، وعدم معالجة أوضاعها وحل مشكلاتها في الوقت المناسب ما أدى إلى خروجها عن الخدمة وتوقفها وتراكم خساراتها، وعدم الاهتمام في اتخاذ الإجراءات الحاسمة في معالجة أسباب الهدر بكل أشكاله، ومحاربة الفساد والروتين والتسيب والترهل الإداري، وعدم وجود إدارات كفوءة تمتلك الخبرة والكفاءة وتتمتع بالنزاهة والسمعة الجيدة.
"الوطن"