إخناتون كان أشبه بالفضائيين!.. هل كان الفراعنة بنفس جمال تماثيلهم حقًا؟
إخناتون كان أشبه بالفضائيين!.. هل كان الفراعنة بنفس جمال تماثيلهم حقًا؟
الاثنين 27-11-2017
- نشر 7 سنة
- 5724 قراءة
عندما تلتقط صورة «سيلفي» وتستعد لنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، ألن يخطر في بالك إضافة بعض التعديلات على وجهك قبل النشر؟ ربما تغير الألوان حتى لا تظهر تلك البثور على وجنتيك، هل هناك برنامج يعدل من شكل الأنف؟ رائع ربما تستخدمه أيضًا؛ حتى تصل بالصورة إلى الشكل المثالي الذي تتمناه لنفسك.
في ما سبق كنا نتحدث عن صورة سيلفي عمرها لن يزيد عن ساعة على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم تنسى، فماذا عن بناء تمثال يمتد عاليًا لأمتار عديدة، مع احتمالية أن يكون أكبر تمثال صُنع لإنسان في بلدك على مر التاريخ؟ ألن تضع لمساتك الخاصة على هذا التمثال؟ في هذا التقرير سنحاول الإجابة عن هذا السؤال من خلال 5 أوجه مصرية قديمة.
إخناتون.. يشبه الفضائيين أم زاهد في الجمال البشري؟
بُنيت العقيدة المصرية منذ بداية حضارتها على عبادة تجليات متعددة للإله الواحد فيما يسمى بالـ«نتر» أو الكيان الإلهي، الأمر الذي منح المصريين القدماء ممارسة العقيدة في الحياة اليومية، فعندما يتعامل المصري مع البقرة، يتذكر الإلهة حتحور أو الأم السماوية، والتي يتجلى فيها طاقة الحب والتناغم والموسيقى، وعندما يداعب المصري القطة يرى تجلي طاقة الخصوبة والحماية التي تجسدها الإلهة باستيت.
وتلك هي العقيدة التي عاشت فيها الحضارة المصرية القديمة حتى الأسرة السابعة عشر، ولكن حين تولى الملك المصري إخناتون الحكم، وكون الأسرة الثامنة عشر، أراد لنفسه أن يكون مختلفًا في كل شيء، وبداية قام بتغيير اسمه من «أمنحتب الرابع» إلى إخناتون، والتي تعني بالفرعونية «مجد آتون أو تجلي آتون». فهل توقفت التغيرات التي أراد إخناتون تصديرها عن نفسه في التاريخ عن اسمه فقط؟
رغبة إخناتون في التفرد جعلته يفرض ديانة التوحيد تحت راية إله واحد هو آتون، وبالإضافة إلى ذلك كان يرى أن آتون المتجسد في الشمس يرسل أشعته من أجل الإحاطة بإخناتون وأسرته الملكية فقط، وهو ما تراه بسهولة في المشاهد المنحوتة في المعابد المصرية في ذاك الوقت، ومن أجل تجليه ككائن هو أقرب للكمال، وهو المختار من الإله آمون، كان يجب أن تكون هيئته مختلفة أيضًا، ولأن الجمع بين الأنوثة والذكورة كان مفتاح الحياة لدى المصريين القدماء، فكانت تماثيل وصور إخناتون بجسد له أثداء متدلية وأفخاذ ملفوفة مثل النساء؛ حتى يجمع بين طاقتي الحياة مثلما جسد المصريون الإله حابي إله النيل.
بجانب الخصائص النسائية التي ظهرت في تجسيد هيئة إخناتون، كانت رأسه ممدودة للوراء بشكل مبالغ فيه، ويشبه رأس الكائنات الفضائية كما تصور الآن في الأفلام الأجنبية، وتكرر هذا الشكل في صور زوجته الملكة نفرتيتي وبعض أبنائه، وظهرت العديد من النظريات غير المُثبتة – والتي رآها البعض أقرب للنكات – التي طرحت احتمالية وجود أصول فضائية لإخناتون وعائلته التي تعتبر من أكثر العائلات غموضًا في تاريخ الحضارة المصرية القديمة.
تلك النظرية مبنية على احتمالية أن التمثال تم تجسيده على الشكل الحقيقي لإخناتون على أرض الواقع، وهو أمر لم يكن منتشر انتشارًا كبيرًا في مصر القديمة؛ لأنه عادة ما يكون التمثال تجسيدًا للكيان الملكي للملك المراد تمجيده، وليس لملامحه البشرية، وهو الأمر الذي أثبت عندما عُثر على مومياء توت عنخ آمون، ابن الملك إخناتون، أما شكل إخناتون الحقيقي مقارنة بالتماثيل، فهو أمر لم يُكشف عنه حتى الآن، وإذا كان اخناتون رجلًا وسيمًا متناسق الجسد مفتول العضلات، واختار أن يضحى بهيئته البشرية من أجل ترسيخ اختلافه عن باقي البشر أم لا.
توت عنخ آمون.. هل كان مشوهًا؟
حظي الملك المصري توت عنخ آمون بشهرة وشعبية أوسع من والده إخناتون؛ نظرًا لمقبرته التي عُثر عليها كاملة بكنوزها دون أن يمسها أحد السارقين عبر آلاف السنين، ومن أكثر العلامات المميزة للملك الصغير توت عنخ آمون هو القناع الذهبي الخاص به، والذي منح العالم صورة عن وسامة هذا الملك، ولكن أظهرت الأبحاث في عام 2015 أن هذا القناع صُمم في الأساس لوجه امرأة، ورجح عالم الآثار نيكولاس ريفز القائم على هذا البحث أن القناع كان للملكة نفرتيتي، فهل كان الملك الصغير جميلًا بالفعل؟
عالم الآثار إيبريت زينك صرح للإعلام أن توت عنخ آمون والذي يعني اسمه الصورة الحية للإله آمون، صورته البشرية الواقعية كانت مشوهة، وجسده كان ملتويًا، ورجح إيبريت أن السبب هو كون الملك الصغير نتاج تزاوج أسري بين شقيق وشقيقته؛ أدى إلى هذا التشوه الجسماني، والقناع الذهبي لم يكن المُحرف الوحيد لشكل توت عنخ آمون الحقيقي، بل إن صوره على جدران المعابد أيضًا تظهره ملكًا شابًا وسيمًا بمعايير أغلب مجتعات العصر الحديث حتى، دون توضيح ملامحه غير المتناسقة، والتشوه الجسدي الذي لم يمنحه القدرة على ممارسة حياة طبيعية، أو حتى قيادة إحدى العربات الحربية المصرية القديمة.
رمسيس الثاني.. لا يكذب ولكنه يتجمل
عُرف الملك المصري رمسيس الثاني بالبناء العظيم، وتميزت تماثيله التي شُيدت من أجل تجسيد كيانه الملكي؛ بكبر حجمها وفخامتها، وإذا كان بحوزتك جنيه من العملة الورقية المصرية الآن، فيمكنك أن تتأمل واحدًا من أهم المعابد التي شيدها الملك رمسيس الثاني، وهو معبد أبو سمبل في مدينة أسوان في مصر، والذي يأتي له العديد من السائحين كل عام حول العالم؛ حتى يراقبوا أشعة الشمس وهي تستقر على ملامح وجه تمثال الملك الوسيم ذي الابتسامة الهادئة.
ولكن هذا الوجه منمق الملامح، والذي رُسخ في ذهن العديد من علماء آثار المصريات، لم يكن الوجه الحقيقي للملك؛ فعندما وجدت مومياء الملك، وأعادوا إنشاء ملامح وجهه بالتكنولوجيا الحديثة؛ كان الوجه الواقعي أشبه بالرسم الكاريكاتيري للملك.
تظهر ملامح الملك رمسيس الثاني في تمثاله متناسقة ووسيمة، الأنف صغير، والوجه دائري مبتسم يدل على الوسامة، ولكن كما أراد الملك رمسيس الثاني أن يرهب أعداءه القادمين من الصحراء بتماثيله هائلة الحجم بمعبد أبو سمبل، حين يرونها من آلاف الأميال، إذا اقتربوا لغزو مصر؛ فهو أراد ايضًا أن تكون هذه التماثيل على أفضل وجه، فلم يرد الخلود لأنفه المعقوف، ورأسه البيضاوي، وأسنانه غير المتناسقة، والتي ظهرت لعلماء الآثار وقت إعادة إنشاء وجه الملك من المومياء، وليس التمثال.
المومياء التي تُعرض عرضًا متحفيًا بالمتحف المصري بمدينة القاهرة، أظهرت من خلال الفحص المجهري للرأس أن الملك كان له شعر أحمر، ولا يغطي فروة الرأس كاملة، ولذلك أكد العلماء أن الملك البناء كان في الأصل أصلعًا، إلى جانب التهاب المفاصل الذي ظهر حين حُللت المومياء وفُحصت مجهريًا، والتي كانت علامة أكيدة على تقوس جسد الملك في سنوات عمره الأخيرة، والذي جعله – وفقًا لما أكده فحص المومياء – أحدب الظهر ويسير بهذه الهضبة التي تشبه أحدب نوتردام فوق كتفيه.
الأمر الذي يجعلنا نتساءل: هل كان الملك يحاول أن يقوم بالتعديلات المظهرية التي يتمناها لنفسه؛ ليرى تماثيله خالية من العيوب الجسدية، وممثلة لكيانه الملكي، والذي لا يجب أن يشوهه بعيوب بشرية في الشكل، ظنًا منه أن كيانه الملكي هو الباقي، وأن هذا الشكل هو الذي اختار أن يراه به المئات من الأجيال القادمة، أم أن تلك التعديلات الجوهرية كانت مجرد رغبة خالصة في التجمل من ملك حكم مصر فترة طويلة؟
كليوباترا.. هل كانت جميلة بالفعل؟
معذرة إليزابيث تايلور؛ هذا هو الوجه الحقيقي للملكة كليوباترا! هكذا خاطب أحد الإعلاميين ممازحًا الممثلة إليزابيث تايلور، والتي قامت بدور الملكة كليوباترا في فيلمها الشهير الذي يحمل نفس الاسم، وهذا عندما استطاعت عالمة الآثار سالي آشتون تجميع العديد من الأدلة التشريحية لوجه الملكة الحقيقي، وإخراج أقرب صورة مُعدلة للشكل الذي كانت عليه الملكة على أرض الواقع، ولم يكن هذا الشكل مقاربًا للممثلة إليزابيث تايلور على الإطلاق، فهل كان وجه كليوباترا قبيحًا، أم كان ينطوى عن جمال مصري يختلف عن ملامح ممثلة أجنبية؟
نظرًا للتعاون الحربي، والعلاقات الرومانسية بين الملكة كليوباترا والزعيمين الرومانيين يوليوس قيصر ومارك أنتوني، حظيت الملكة بقاعدة شعبية كبيرة، ودار حولها العديد من القصص الشعبية والتي لم يُبثت صحتها، ولكن تلك المكانة جعلت صورتها تُحفر حرفيًا في الثقافة المصرية والرومانية أيضًا، وبتجميع كل الصور والتماثيل التي شيدت من أجل هذه الملكة، قامت سالي بالتركيز على تجميع ملامح الوجه، وتصحيحها وتجميعها على برامج خصصت لهذا الغرض، لتصل إلى شكل نهائي للشكل الذي كانت عليه كليوباترا بالفعل، وهو ما أثبت أنها كانت امرأة جميلة بالفعل، ولكنها أيضًا لا تشبه إليزابيث تايلور.
المرأة المجهولة.. جمال مصري نادر
بعيدًا عن السياسة والحكم والكينونات الملكية، كيف كانت ملامح الفتاة المصرية في مصر القديمة، وهل هي قريبة لملامح المصريات الآن أم لا؟
لحسن الحظ عمل العديد من علماء الآثار على الإجابة عن هذا السؤال، حين بدأوا إعادة إنشاء ثلاثية الأبعاد لجمجمة فتاة مصرية، عُثر عليها منذ 100 عام، وتبلغ الجمجمة من العمر ما يقرب من ألفين عام، ولأن هوية الفتاة مجهولة، اختار القائمون على عملية إعادة إحياء هذا الوجه المصري أن يسموها ميريت آمون، وهو يعني باللغة المصرية القديمة «محبوبة آمون».
ولكنها ليست ميريت آمون ابنة الملك رمسيس الثاني لعدم الخلط بينهما، وغالبًا ما اختار الباحثون هذا الاسم لما يحمله من شعبية كبيرة في مصر القديمة؛ بسبب الشعبية التي كانت تحظى بها ميريت ابنة الملك رمسيس الثاني، ولأن ملامح الفتاة قريبة التشابه من ملامح تمثال ميريت آمون الموجود في أخميم بمدينة سوهاج.
الفريق البحثي التابع لجامعة ملبورن في أستراليا، بدأ إعادة إحياء هذا الوجه عن طريق الصدفة، حين وجد أحد أعضاء الفريق تلك الجمجمة مجهولة الهوية في مخزن الجامعة، دون أن يهتم أحد بتحليلها، ومع أن الجمجمة كانت مهملة في المخزن، وظن الفريق أنها قد تكون تعفنت من الداخل، إلا أنهم تفاجأوا بحالة تحنيطها المثالية، والتي صمدت أمام الزمن والإهمال.
رجح فريق البحث أن الجمجمة لفتاة مصرية، عمرها حوالي 20 عامًا، وأكدوا أنها غالبًا ما كانت تعاني من مشاكل صحية مثل الأنيميا الحادة بالدم، وصرحت أستاذة علم التشريح بالجامعة فارشا بيلبرو أن تلك التجربة ليس الهدف منها إعادة هذا الجمال المصري النادر للحياة فقط، بل هي تجربة عملية مثمرة لكل طالب تشريح؛ حتى يستطيع تشخيص الأمراض من أقل بقايا ممكنة من جسد المتوفى، مهما طال الوقت بين الوفاة والتشريح، وأكد الفريق على أهمية التعامل مع رأس هذه المرأة بكل الاحترام، وحفظها جيدًا، حتى وإن لم تكن تابعة لأي من العائلات الملكية المصرية.
ساسه بوست