شهد كل حروب القرن..أكبر معمر في سورية ..124 سنة ولم يزر الطبيب سوى مرة واحدة
صاحبة الجلالة _ ضياء صحناوي
يعتبر بحسب وثائق السجلات الرسمية أكبر معمر في سورية ، حيث يعود تاريخ ميلاده إلى العام 1893، ولد في قرية مرشتة المجاورة لقرية العلية في محافظة طرطوس حيث يقيم حالياً.
لم يتعلم القراءة والكتابة في المدارس لأنها لم تكن موجودة أصلاً، لكنه حفظ القرآن على يد ما كان يدعى خطيب القرية آنذاك، وكان كغيره من سكان الريف يعمل في الزراعة مع والده، وهي مصدر دخله الوحيد كغالبية الأهالي في ذلك الوقت.
عاصر فترة الاحتلال العثماني في نهاياتها وما رافقها من ظلم وتجويع وهروب من أخذ الشباب إلى حروب الدولة العثمانية آنذاك وكانت تسمى "السفر برلك"، حيث كان الذاهب لا يعود، ولا تعرف الأرض التي مات فيها، فكان الحل الوحيد أمام الشباب هي الاختباء في الأحراش التي لا يستطيع العسكر اقتحامها.
يقول المعمر الحامض لصاحبة الجلالة: التحقت كالكثيرين من شباب الريف في الساحل السوري إبان الاستعمار الفرنسي إلى رجال الشيخ صالح العلي في ثورته التي كانت منطقة القدموس أحد معاقلها المهمة، وقد كان عملي ينصب على مراقبة الدوريات الفرنسية كوني أعيش في منطقة مرتفعة كاشفة لكل تحركات الفرنسيين ودورياتهم الكثيفة.
ويضيف .. تزوجت باكراً، وقد توفيت زوجتي بعد ان أنجبت لي خمس بنات، أما زوجتي الثانية وتدعى وهيبة، فما زالت على قيد الحياة وقد أنجبت لي محمد وعلي، وله من بناته وأولاده 57 حفيداً وحفيدة، حيث أمضي الوقت في السؤال عنهم جميعاً، وفي معرفة أخبارهم.
وبعد تقدمي في السن لم يعد لي القدرة على العمل في الأرض، فأقوم فقط ببعض الاعمال الخفيفة حفاظاً على صحتي، وكل اهتمامي يذهب في الجلوس مع زوجتي الغالية التي رافقتني عقوداً طويلة على الحلوة والمرة، والمحافظة على صحتها من واجبي، أما فيما يتعلق بالقرية وأهلها، فهم عزوتي ومشاكلهم همي الدائم، حيث أحاول قدر الاستطاعة أن أزرع المحبة والوئام في نفوس الجميع.
ومن الجدير بالذكر أنه لم يزر الطبيب سوى مرة واحدة في حياته كلها قبل بضعة أشهر بسبب ارتفاع بسيط في الضغط.
تقول الناشطة الإعلامية مها محفوض لصاحبة الجلالة: لم يعرف المعمر سليم الحامض أي شيء عن الحرب في سورية إلا قبل فترة قليلة، لأنه مازال محافظاً على النمط البسيط لحياته، مبتعداً عن كل وسائل الحداثة، فإذا ذكرت الأحداث التي تعصف بالوطن أمامه، كانت ردة فعله مفاجئة، ويقول: لا مشكلة فسورية أم الانتصارات ولا خوف عليها.
وتتابع: لطالما تميز الرجل بصبره وتحمله للشدائد وحمده لله في السراء والضراء، خاصة عند فقده لاثنين من إخوته في يوم واحد في حادث أليم في مصفاة بانياس عام 1982.
حكمته دائماً كانت سيدة الموقف في كل خلاف ينشب بين طرفين سواء من أهالي القرية أو المناطق المجاورة أو من المحافظة بأكملها، ودائما كان رأيه المصيب وحكمه عادل.
ويتميز بروح المزاح والدعابة، وتراه دائماً مبتسماً متفائلاً وراضياً بحياته التي عاشها، ويعرف عنه كرمه اللامحدود، وكان ولايزال بيته يدعى المنزول ويقصده كل ضيف يزور القرية.
ومن الملفت لكل من يمر أمام شرفته في كل صباح أن الرومانسية حاضرة لديه دوماً فقد اعتاد أن يعد لزوجته مشروب المته بخلطة الزهورات الخاصة به، ويلف لها السجائر العربية بيديه، معتبراً ذلك درساً في المحبة والاحترام للأجيال الشابة.