بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

غرفة سرية جديدة.. كيف ساهمت الفيزياء في الاكتشاف الأخير بهرم خوفو ؟

الأحد 05-11-2017 - نشر 7 سنة - 987 قراءة

  حتى بعد مرور ما يزيد عن 4500 عام على بنائه، لا زال الهرم الأكبر يخفي أسرارًا لم تكتشف. كان آخرها ما أعلنته مجلة نيتشر مؤخرًا عن تصوير علماء فيزياء الجسيمات لما قد يكون سردابًا أو غرفة سرية بداخل هرم خوفو. ويعد هذا الاكتشاف ضخمًا؛ كونه قد يؤدي لحل بعض ألغاز بناء الهرم وتركيبه. أما في المقال التالي، فيكتب مدرس الفيزياء بجامعة لانكستر هرالد فوكس، ليشرح الإنجاز العلمي في هذا الكشف، ودور الفيزياء في الوصول له. وفيما يلي الترجمة الكاملة للمقال:   كشف علماء في مجال فيزياء الجسيمات عن فراغ هائل مخفي بداخل هرم خوفو أكبر أهرام الجيزة في مصر، والذي بنى بين 2600 و2500 قبل الميلاد. اعتمد العلماء في اكتشافهم – المنشور في مجلة نيتشر – على التصوير باستخدام الأشعة الكونية، وقد يساعد اكتشافهم هذا في فهم لغز بناء الهرم.   تعمل التقنية المستخدمة عن طريق تتبع جسيمات «ميوون»؛ وهي جسيمات تشبه الإلكترونات في شحنتها وامتلاكها لخاصية اللف الذاتي، لكن كتلتها تعادل 207 أضعاف من كتلة الإلكترون. يشكل هذا الفرق أهمية كبيرة كونه يحدد رد فعل الجسيمات عند اصطدامها بالمواد. فالإلكترونات عالية الطاقة تصدر إشعاعًا كهرومغناطيسيًا – كما في الأشعة السينية – عند اصطدامها بمادة صلبة، ونتيجة لذلك تفقد طاقتها وتعلق في هذه المادة. تنخفض هذه الإشعاعات الكهرومغناطيسية بمقدار 207 مرات في جسيمات ميوون بسبب الفرق في الكتلة، ولذلك تملك قدرة عالية على النفاذ، ولا توقفها أية مادة بسرعة.   تنتج جسيمات ميوون من الأشعة الكونية. تتساقط جسيمات مشحونة على الغلاف الجوي الخارجي لكوكب الأرض مصدرها الشمس، وقد تأتي من مصادر أخرى خارج مجموعتنا الشمسية – تبعث أشعة كونية ذات طاقة أعلى – وتنتج جسيمات ميوون، وجسيمات أخرى، إثر سلسلة تفاعلات. ويمكن رؤية جسيمات ميوون في الحالة القاعية بشكل أكثر من باقي الجسيمات؛ كونها مستقرة، وذات عمر أطول نسبيًا. وبالرغم من فقدانها الكثير من الطاقة في رحلتها، إلا أنه توجد جسيمات ميوون لها طاقة عالية جدًا.  

جسيمات ميوون واستخداماتها العلمية

يمكن التحقق من وجود الجسيمات بسهولة نسبية، فهي تترك بعض الأثر نتيجة «التأين» الذي تتعرض له طوال مسارها، ويعني هذا أنها تزيل الإلكترونات من الذرات فتجعلها مشحونة. وهذا أمر مفيد جدًا؛ إذ يسمح للعلماء باستخدام عدة مستشعرات تتتبع بها مسار جسيمات ميوون حتى مصدرها. أما إن كانت مواد كثيرة تعوق مسارها، فيمكن أن تفقد طاقتها، وتتوقف على المادة وتتحلل (أي تنقسم إلى جسيمات أخرى) قبل أن تستشعر.   جعلت هذه الخصائص جسيمات ميوون مرشحة مثالية لتصوير الأشياء التي لا يمكن اختراقها أو يستحيل مطالعتها. تمامًا كما تعكس العظام ظلالًا على الفيلم الفوتوغرافي عند تعريضها للأشعة السينية، تعكس المواد الثقيلة والكثيفة -ذات العدد الذري الكبير – أيضًا كالظلال، أو تقلل من عدد جسيمات ميوون التي تمر عبر المادة.   أول مرة استخدمت فيها جسيمات ميوون بهذه الطريقة كانت عام 1955، عندما استخدمها إ. ب. جورج لقياس حمل الصخور فوق نفق؛ بمقارنة تدفق جسيمات ميوون الداخلة والخارجة من هذا النفق. وكانت أول محاولة جادة لالتقاط ميووجرام في عام 1970، حين بحث لويس و. آلفارز عن جحور مختفية بداخل الهرم الثاني في الجيزة، لكنه لم يجد شيئًا. بينما في خلال العقد الأخير تقريبًا، تلقت تقنية التصوير بجسيمات ميوون دفعة جديدة. بمجهود ياباني مشترك، التقطت صورة ميووجرام لفوهة بركان جبل آزاما للبحث في تكوينه الداخلي. كما تستخدم تقنية المسح بجسيمات ميوون للبحث عن بقايا مفاعل فوكوشيما. وفي المملكة المتحدة، تقترح جامعة شيفيلد قياس تدفق جسيمات ميوون لمراقبة أماكن تخزين الكربون.  

عملية استكشاف خوفو

أسهل طريقة لاستخدام جسيمات ميوون في البحث في الأجسام الكبيرة – مثل الهرم – هي أن تراقب الفرق بين تدفق الجسيمات المارة من خلاله. سيعكس الهرم المصمت ظلًا أو يقل عدد الجسيمات التي تمر في اتجاهه. أما إن كان هناك فراغ كبير بداخل الهرم، فيزيد تدفق الجسيمات في اتجاه هذا الفراغ. وكلما زاد الفرق بين المصمت والمفرغ كلما سهل الأمر.   كل ما تحتاجه هو أن تكون في مكان قريب من الأرض، وأن تنظر للأفق في اتجاه الأهرام، ثم تحصي جسيمات ميوون القادمة من كل اتجاه. يجب أن تحمل الجسيمات الكونية بعض الطاقة ليمكنها المرور من هرم بأكمله، كما أن أعيننا صغيرة نسيبًا، لذا نحتاج للبقاء لوقت طويل نوعًا ما. عادة ما يستغرق الأمر شهورًا عديدة حتى يمكننا إحصاء جسيمات كافية. وكما نحتاج لعينين حتى يمكننا رؤية العالم بأبعاده الثلاثة، نحتاج لعينين من مستشعرات الجسيمات حتى نرى الفراغ داخل الهرم بأبعاده الثلاثة.   الشيء الملفت في طريقة عمل هذا الفريق هو أنه اختار ثلاث تقنيات مختلفة للاستشعار عند البحث في الهرم. تعد الأولى واحدة من التقنيات القديمة، لكنها توفر دقة عالية في الصور الناتجة، في شكل ألواح فوتوغرافية تظللها الأيونات. تركت لشهور بداخل أحد الغرف المعروفة في الهرم، ثم حللت في اليابان بعد جمع البيانات. أما التقنية الثانية، فاستخدم فيها مادة بلاستيكية خاصة تشع ضوءًا عند مرور جسيم مشحون خلالها. وتستخدم المستشعرات المماثلة في عدة تجارب نيوترينو حديثة. وأخيرًا، ملئت الغرف بالغاز – ليمكن مراقبة التأين الذي تسببه الجسيمات المشحونة – واستخدمت لمراقبة مسارها في اتجاه الفجوة المكتشفة مؤخرًا.   كانت الإشارات الكهربية لهذه المستشعرات ترسل مباشرة إلى باريس عبر خط بيانات بتقنية الجيل الثالث. إذ أنه أمر معقد أن تحصل على صورة ميووجرام – تظهر النور والظلام فقط – لهرم كهذا، وذلك لوجود ثلاث كهوف وسرداب كبير بداخله. لذا، يجب عادة مقارنة هذه الصور بصور محاكاة الحاسب لمرور جسيمات ميوون خلال الهرم بكل تفاصيله المعروفة. وفي هذه الحالة، أسفر تحليل دقيق للصور من المستشعرات الثلاثة، وللمحاكاة الحاسوبية، عن فراغ – لم تعرف طبيعته حتى الآن – بطول 30 مترًا داخل الهرم الأكبر. وياله من نجاح عظيم لهذه الحزمة الجديدة من الأدوات.   يمكن لهذه الطريقة أن تساعد الآن في دراسة الشكل المفصل لهذه الفجوة، بالرغم من أننا لا نعلم ما هو دور الهيكل البنائي بالتحديد، لكن يمكن لمشاريع بحثية تجمع علماء من فروع مختلفة أن تساعدنا في اكتشاف المزيد عن هذه التقنية. من الرائع أن نرى كيف أن فيزياء الجسيمات الحديثة يمكن أن تساعد في استكشاف أقدم ثقافة إنسانية. ربما نشهد بأنفسنا بداية ثورة في العلم تجعله مكملًا لبعضه بحق.   ساسه بوست


أخبار ذات صلة

تأثير التعليم على الفيزيولوجيا

تأثير التعليم على الفيزيولوجيا

إشراف.. الأستاذ الدكتور رشاد محمد ثابت مراد

المايسترو ميساك باغبودريان:

المايسترو ميساك باغبودريان:

من المحزن عدم وجود أي برنامج يتحدث عن الموسيقا في قنواتنا التلفزيونية