إيران دعمت الحريري فاستقال في السعودية...ماذا عن إسرائيل؟
سامي كليب يشبه بيان الاستقالة الذي أعلنه رئيس الحكومة اللبناني من السعودية عبر قناة :" العربية" جميع بيانات دول مجلس التعاون الخليجي. هي العبارات نفسها التي ترد عادة في الحديث عن إيران وحزب الله. فما هي علاقة السعودية وإيران وإسرائيل بهذه الاستقالة التي فاجأت الجميع، ولعلها فاجأت الحريري نفسه قبل غيره؟ لنراقب الوقائع التالية: • قبل يوم واحد من استقالته كان الحريري من بين كبار المسؤولين اللبنانيين الذين استقبلوا بحفاوة المسؤول الايراني الرفيع علي أكبر ولايتي مستشار مرشد الثورة السيد علي خامنئي. قال ولايتي:" ان إيران تدعم الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري لأنها تضم كافة الأحزاب والأطياف اللبنانية" ...كان هذا أبرز اعتراف إيراني بالحريري ودعمه المباشر...لا بل ان ولايتي لم يترك مديحا الا وقاله بالحريري" المحترم" بعد لقائه به في السرايا الحكومية. فهل يُعقل أن يقول الحريري بعد أقل من ٢٤ ساعة:" ان إيران لا تحل في مكان الا وتزرع فيه الفتن والدمار والخراب ويشهد على ذلك تدخلاتها في الشؤون الداخلية للبلدان العربية" وانها مدفوعة ب" حقد دفين على الأمة العربية". • تقاطعت الزيارات الايرانية الى لبنان مع تصعيد غير مسبوق ضد حزب الله من قبل وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان. تارة يصفه بالميليشيا الشيطانية، مرة ثانية يهدد بجعله" عبرة للآخرين" ومرة ثالثة يقول "سياتي يوم قريب يعلمون ماذا نعمل وماذا نقصد؟" وان " الآتي سيكون مذهلا بكل تأكيد" ثم شرح لمن لا يريد ان يفهم أن موقفه لا يعبر عن رايه الشخصي وإنما عن رأي المملكة. لا شك ان استقالة الحريري وما سيليها هي من تلك الأشياء " المذهلة " التي وعد بها السبهان. • كان قد سبق هذا السباق السعودي الإيراني في لبنان، زيارة الحريري الى موسكو وبحث تسليح الجيش اللبناني في صفقة تفوق المليار دولار. وذلك فيما شهدت العلاقات الروسية السعودية انطلاقة لافتة مع زيارة الملك والحديث عن صفقة أسلحة روسية بينها صواريخ S 400 . سارعت واشنطن الى الاعتراض على الصفقة السعودية، ووجهت تحذيرات ضمنية الى الدولة اللبنانية كما انها تعاملت ببرود وتجاهل مع زيارة الرئيس ميشال عون الى نيويورك. • سبق الاستقالة أيضا رفع مستوى العقوبات الأميركية على حزب الله والوعيد بإجراءات أخرى. كما سبقها سعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الاتفاق النووي ووضع الحرس الثوري الايراني على لائحة الإرهاب رغم محاولات الاوروبيين كبح جماحه. • تخللت تلك الفترة تطورات كبيرة في الملف السوري، أبرزها سيطرة الجيش السوري وحلفائه على دير الزور، ثم الاختراق الذي حصل في منطقة " حضر" السورية من قبل المسلحين الذين قيل انهم مدعومون من قبل إسرائيل في منطقة القنيطرة وقرب الجولان والأردن، ثم استعادة الجيش السوري وحلفائه لتلك المنطقة الحساسة جدا. تخللتها أيضا مفاجأة للجميع، حين وقع الحريري وكذلك الرئيس ميشال عون قرار تعيين السفير اللبناني الجديد في دمشق. ما يعني ضمنيا الاعتراف بشرعية الدولة السورية (حتى ولو أن تيار المستقبل حرص على قول العكس للتخفيف من غضب حلفائه). ماذا في خلاصة ذلك؟ أعتقد أنه من التبسيط جدا حصر استقالة الحريري بضعف موقفه حيال الدور الذي يكبر يوما بعد يوم لحزب الله في لبنان. أو بقلقه من نتائج الانتخابات المقبلة. ان الاستقالة جزء من صراع كبير في المنطقة بين محور تقوده السعودية وآخر تقوده ايران. سعى الحريري أكثر من مرة للانخراط في اللعبة اللبنانية حتى ولو بشروط حزب الله، ذلك انه بحاجة الى استعادة شعبيته ولكن ايضا التأسيس لثروة مالية جديدة بعد فقد معظم ثروة والده الرئيس رفيق الحريري. وقد سارت الأمور طيلة العام الأول لحكومته على نحو شبه جيد بفضل التنسيق المباشرة بين فريقه وحزب الله ممثلا بالحاج وفيق صفا، كما أن وزير الداخلية الفاعل جدا والذي له شعبية جيدة في لبنان نهاد المشنوق ساهم في امتصاص الكثير من الأزمات وحلها. والواقع أن الحريري قدم تنازلات كثيرة مقابل قبول حزب الله برئاسته للحكومة...ذلك ان الحزب كان قد التزم فقط بالرئيس عون ولم يقل يوما ان قبوله بالحريري يعني القبول بعودة الحريري مرة ثانية الى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات. لا بل ان الحزب قال انه ملتزم بعون وليس ملتزما حتى بجبران باسيل بعد عون وانما هو سيبقى داعما للمرشح الماروني الآخر سليمان فرنجية...لكن حزب الله بعث هو الآخر بكثير من إشارات التعاون مع الحريري في ملفات كثيرة تبدأ بالبيان الوزاري ثم قانون الانتخاب وصولا الى القضايا المعيشية الداخلية اللبنانية. وتبادل الطرفان غزلا ضمنيا في أثناء استعادة الجيش اللبناني لجرود عرسال وطرد الإرهابيين من هناك بدعم ضمني من الحزب. كل ذلك لا ينفع. هناك طرف يعلن أنه انتصر في سوريا يتكون من روسيا والجيش السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد وايران وحزب الله. وهناك تحول دولي حيال مسألة التسليم ببقاء الأسد على الأقل حتى نهاية ولايته. وهناك ترسيخ للدور الروسي الكبير في سوريا والمنطقة. بالمقابل فان الحرب في اليمن لا تزال غامضة وتعزز يوما بعد آخر الحملة الدولية خصوصا من قبل المنظمات الانسانية وحقوق الانسان ضد السعودية. ولايتي تحدث عن هذا الانتصار في بيروت. سبقه الى ذلك تصريحات وخطابات كثيرة من قبل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ثم كانت الصدمة بتصريح لافت ومحرج من الرئيس الايراني حسن روحاني الذي قال :"أين من الممكن، في العراق وسوريا ولبنان وشمال افريقيا والخليج الفارسي، اتخاذ قرار حاسم من دون أخذ الموقف الايراني في عين الاعتبار. وقبل يومين عقدت قمة مقلقة للمحور الآخر جمعت قادة ايران وروسيا وأذربيجان. هناك ٣ أطراف متضررة من كل ذلك، أولها إسرائيل، ثم السعودية وبعض دول الخليج، وثالثها أميركا. لا بد اذا من رفع مستوى الضغط أينما كان ذلك ممكنا. من غير المسموح اذا بالنسبة لهذه الأطراف تكريس " الانتصار " في سوريا وانسحابه قريبا على الداخل اللبن