مقياس الذكاء العاطفي:  "الحربئة" السورية

صاحبة الجلالة_ لمى الحسنيه

لا يحتاج التجار السوريين لطرح أسئلة على زوجتهم، كما فعل الكتاب ميتش انثوني حين قرر كتابة كتابه  "البيع من خلال الذكاء العاطفي: مهارات لبناء علاقات أمتن مع الزبائن" عندما سألها ما شعورها حين تسمع كلمة "بيع"  و"باعة"، أجابت:

 "ذلك يعتمد على كم أريد ما يبيعونه. إذا أردت ذلك، هل يعرفون ما يتحدثون عنه وليسوا ملحّين ، عندها أحب عملية البيع  والناس اللذين يبيعون. ولكن، إذا كنت غير متأكدة من أنني أريد ذلك، أو أنهم لا يعرفون ما يتحدثون عنه، أوهم لجوجين

في محاولة لدفعي على الشراء ، عندئذ  أنا لا أحب ذلك و لا أحبهم على الإطلاق ".

ذلك أنهم، التجار السوريون، يستخدمون الذكاء العاطفي بالفطرة، حتى أن الكثير منهم لم يسمع قط بتلك التسمية، لكن من منا لم يسمع ب"الحربوء"، رغم ما تحمله هذه اللفظة من دلالات اجتماعية سلبية، قد يراها الكاتب دانيال غولمان ذكاءً عاطفياُ.  أثبت عمل غولمان البارز أن الذكاء العاطفي يشكل النسبة العظمى من إمكانات الشخص على النجاح (85%) مقابل(15 %) لمعدل الذكاء العام. وقد حولت هذه النتائج الافتراضات الأكاديمية التاريخية حول سمات النجاح رأسا على عقب. حتى وصلت إلى تأكيد أن النجاح مردود إلى حد كبير إلى الحس السليم و كيفية إدارة العاطفة.

هل سبق لك أن التقيت شخص ذكي حقا ولكن حقا غبي؟  بالطبع حصل ذلك، لكن ماذا يفتقر هؤلاء: الإدراك العام؟ الشعور بالآخرين؟ القدرة على الربط؟ لا يمكنهم رؤية الغابة عبر الأشجار؟ الأشخاص الذين تبادرت صورهم إلى ذهنك مصحوبة بابتسامة،  ربما هم أذكياء جدا ولكن يفتقرون إلى ما يدعوه الكاتب دانيال غولمان "الذكاء العاطفي". و قد تأثر الكاتب ميتش انثوني بكتاب دانيال غولمان" الذكاء العاطفي"، في منتصف التسعينات، و أدرك أهمية إدراكه و استيعابه  بالنسبة لأولئك العاملين في مهنة المبيعات. و قرر كتابة هذا الكتاب "البيع من خلال الذكاء العاطفي: مهارات لبناء علاقات أمتن مع الزبائن" اقتناعا منه بأن لا مكان أكثر حيوية من رفوف المبيعات للعب دراما الذكاء العاطفي.

واحدة من الحقائق التي لا حصر لها حول التنافسية هو أنه عندما يكون لدى العملاء خيار، يختارون الخيار الأقل استنزافا و إزعاجا من الناحية العاطفية. فكلما ازدادت البيئة تنافسية كلما كان استعمال الذكاء العاطفي أو عدمه محط تمحيص،  حيث أن الباعة اللذين يسببون أي درجة من الإزعاج العاطفي سوف يوضعون وجها لوجه مع طرقهم و أخلاقياتهم في التعامل.

حيث أن الوعي العاطفي سيأتي إما من خلال التأمل الشخصي أو من خلال تقيم  رؤسائهم.

يعتمد سرور و غبطة العميل أثنا عملية الشراء إلى حد كبيرعلى مهارة جعل الناس يشعرون بالراحة مع البائع و عملية البيع على حد سواء. وقد اكتسب وصقل بعض مندوبي المبيعات هذه المهارات، في حين مازال البعض الآخر جاهل بها. إمكانية وجود جهل يقودنا مباشرا نحو عملية البيع، حيث يجب على ممتهني المبيعات التعامل باستمرار مع عدد من "حقائب البيع" مختلفة مع كل عميل أوكل عميل محتمل. وهكذا، عندما تذكر كلمة بيع أو مندوب مبيعات، يمكنك الحصول على مجموعة واسعة من ردود الفعل العاطفية، أسوأها مشاعر التلاعب الناتجة عن الخداع والغضب.

لكن يمكننا البيع تحت مسمى آخر، أو كما يقول السوريون " بدل اسمه و هات غيره" . الذكاء العاطفي في البيع يبدأ مع الاعتراف بأنه يجب أن يلامس أجندات عاطفية تتجاوز عملية الشراء والبيع من أجل أن يكون المشتري راضيا عن الصفقة. وبالتالي فإن مستوى المهارة في مجال العواطف البشرية يجب أن يواكب خبرتنا في مجال التجارة. التحفظ الذي نجده لدى العديد من الزبائن حول التعامل مع الباعة من المرجح أن يكونوا قد تعاملوا مع أشخاص لم يتفهموا بشكل واضح هذه العوامل العاطفية أو فهموا أهميتها ولكن استخدامها بشكل استغلالي.

و قد استخدم الكاتب ميتش انثوني جواب زوجته، كما يستخدم التاجر السوري غنج و دلال المرأة السورية، و الذي تكشف عن آليات مؤثرة قد تؤدي إلى اتصال عاطفي (أو قطع) بين المشتري والبائع. حيث تكشف ردها عن ثلاث مستويات من الحكم:

1. 1. الرغبة العاطفية. ("إذا كان المنتج ما أريد")
2. 2. الذكاء . ("إذا كانوا يعرفون ما يتحدثون عنه")
3. 3. النهج العاطفي. ("إذا لم يكونوا لجوجين")

يحاول  كتاب "البيع من خلال الذكاء العاطفي: مهارات لبناء علاقات أمتن مع الزبائن" ، تقديم مهارات الذكاء العاطفي المتعلقة بالسؤالين الأول و الثالث.

يمكن للمهندس أو الطبيب أو المحاسب أن يجد مخرجا في كثير من الأحيان بدون درجة عالية من الذكاء العاطفي بسبب الطبيعة العلمية و الكمية لعملهم ، غير إن العاملين في مهنة مبيعات لا يستطيعون تحمل إغْفال هذه المهارة.و إذا فشلوا في إدراك الديناميكيات العاطفية سوف يمشطون قريبا إعْلاناتٌ الوظائف المُبَوّبَة. على مندوبي المبيعات أن يكونوا على دراية تامة في جميع الأوقات بالوعي العاطفي حيث إنه المفصل المتأرجح الذي يفتح أبواب الوصول إلى الأفراد والشركات. لتجاوز التحديات العاطفية، يجب أن نملك الوعي على العديد من المستويات، لا يتوجب فقط أن تكون عيوننا مفتوحة، ولكن يجب أيضا أن ننظر في اتجاهات عديدة.

وظيفة العقل الدماغي هو انتقاد، فك رموز ، الحكم السليم، التفاوض، والسيطرة. بالمقابل، الوعي هو وظيفة "العقل الكبير" التي تساعدنا على معرفة وشعور وقبول أنفسنا والآخرين. هذه اليقظة الذهنية تساعدنا على تلقي المدخلات من الآخرين والاستجابة بشكل مناسب لها وكذلك الاندماج والتواصل مع الآخرين بسلاسة. الكثير من ما تقرأه في كتاب ميتش انثوني يمكن أن يسمى "الإدراك العام" أو الذكاء العاطفي الأساسي. ومع ذلك، ينسى العديد من الناس الأذكياء جدا هذه الأساسيات على أساس يومي، و غالباَ ما يدفعون ثمن ذلك غالياَ.