د. عماد فوزي شعيبي يسأل .. مشكلتي مع من..؟
صاحبة الجلالة _ د. عماد فوزي شعيبي حوار عقلاني حول المسؤولية والتاريخ والوعي: سألني بإلحاح: أنا كمواطن بعد كل شيء مع من مشكلتي؟ أجبته: مع التاريخ ، فالتاريخ لايستشير أحداً وفيه فواتير يجب أن تدفع، والتاريخ لايستشير أحداً. كنا قبل عقود نفكر كيف نتجنب في مسار التاريخ فواتيره الكمية ومساره الزمني. كنا نظن أننا -بالإرادة والفكر- يمكن أن نقلل فترة الحمل التاريخي ونخفف آلام الولادة، لكن التاريخ أنذرنا بحمل من خارج الرحم، وبوليد مصاب بالإيدز(فقدان المناعة). قال لي: هذا جواب في التاريخ وفلسفته ومساره، ولكن على المستوى الآني الفردي أليس لنا أن نحدد المسؤولية. أجبته من حقك على المستوى الآني و(المحايث) زمانياً ومكانياً أن تلقي بالأحكام، بل ربما ترى ذلك واجباً، وهذا مُصان لك. ولكن ما هو التالي؟. هل سيكون في ذلك محاكمة للتاريخ أم خروج عن منطق فواتيره. لا أعلم. لكن المحايث لايصنع دوماً التاريخ المُغاير. ما قلته ليس تسليماً بميكانيكية مسار التاريخ ووضعيّته وحتميته، لكنه محاولة للنظر (من فوق) المُحايث وللقراءة بعقل بارد، وهنا لاتبرر لأحد إنما تحمل الجميع المسؤولية وتساءل التاريخ عن عبثه ب(الأرادة) التي أرادت تجاوزه فسخر منها وأعادها إلى نقطة الصفر وأدفع الجميع ثمن التاريخ. قال لي هل هذا ما قصدته عندما تحدثت عن (مكر التاريخ) قلت: نعم وبدقة. كانت آمال الجميع وعلى مستوى الأمة تسير في اتجاه، وتعتقد أنها ستصّنع التاريخ كعجينة تكيّفها كما تشاء، وجاء التاريخ ليمكر بالجميع ويضعهم في (الكمين التاريخي) الذي لاعلاقة له بنظرية المؤامرة التي أرفضها لأسباب فكرية عميقة وأراها لاتصلح للتفسير ولا حتى للتعبيئة، فكمين التاريخ أنه كان ينتظرك على المفارق ليقول لك إنك لم تتطور كفاية لتحقق مشروعك بالقفز فوقي، وها قد كمنت لك، أرني إن كنت تستطيع تجاوزي؟ قال لي: كيف تمتلك حكمة الرؤية من علٍ وبمنظور بانورامي. قلت له: منذ أن استطعت أن أرتفع فوق معاناتي (المحايثة) ومن شتى شؤوني اليومية ومن ثنائيات القهر الشخصي والحقد كرد فعل ... لرؤية السياق بعقل العالم بمسؤولية وعيي التاريخي. هو عقل يصل إلى ما يتجاوز الآني والمحايث إلى الرؤية الأشمل دون محاباة أو تبرير أو عداء. بكلمة الوعي (مسؤولية) في اللحظة الحرجة من التاريخ. والمسؤولية تقتضي الرؤية الهادئة والباردة وقت تندلع الغرائز. وإلا فما معنى ان تحلل بهدوء فترة الاسترخاء وتفتقد لذلك لحظة البركان.