بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

"نباتات خارقة" لمساعدة البشرية!

السبت 16-09-2017 - نشر 7 سنة - 1177 قراءة

  يسعى العلماء للاستفادة من الثروات الطبيعية بهدف إيجاد حلول لمشاكل القرن الحادي والعشرين، مثل زراعة غابات مضادة للحرائق، واستخدام ما يعرف بـ "الموز الخارق" في أفريقيا للقضاء على المجاعات. تدخل النباتات في غذائنا، وصناعة ملابسنا، ونضعها أمام منازلنا بغرض الزينة،‫ لكن هل نحن نستفيد منها لأقصى حدّ ممكن بالفعل؟ يعتقد الباحثون العاملون في الحدائق النباتية الملكية في كيو، بالعاصمة البريطانية لندن، أن هناك الكثير من الطرق التي تمكنّنا من الاستفادة القصوى من النباتات، وأن هناك أربعة طرق ستقلب عالمنا رأسا على عقب، خاصة إن كنا من المتحمسين لمكافحة الحرائق، ومواجهة المجاعات‫. النباتات المهجنة   عندما ننظر إلى الخضراوات الموجودة في أطباقنا اليوم، لا نرى سوى ما كان يوما محاصيلا نمت في مزارع تقليدية، لكن هذه المحاصيل لها أشباه برية في الغابات، والتي تعرف في مجال الزراعة باسم "الأقارب البرية للمحاصيل". وكما يقال إن "الذئاب هي الأقارب البرية للكلاب‫"، فهناك أيضا "أقارب برية" للمحاصيل التي نتغذى عليها، وفقا لمنظمة "الأقارب البرّية للمحاصيل" (CWR). لكن تلك المحاصيل البرية التي تظهر بعيدا عن المزارع الأهلية، استطاعت تطوير مناعة قوية ضد الحشرات، والأمراض، وملوحة التربة، ومقاومة للتغيرات المناخية.   لذلك، طرحت منظمة "الأقارب البرّية للمحاصيل" فكرة مثيرة للاهتمام، مفادها أنه يمكننا أن نهجّن المحاصيل الزراعية التقليدية مع تلك البرية من فصيلتها، لكي تكتسب المحاصيل العادية قوةَ تلك المحاصيل البرية، مع المحافظة على كمية إنتاجها، والفوائد التي تقدمها لنا.   ويمكن لتهجين الخضراوات البرية مع نظيراتها في المزارع التقليدية أن يؤدي إلى إنتاج "خضراوات خارقة"، مقاومة للحشرات والأمراض‫.   كيف سيؤثر التغير المناخي على حياتنا في المستقبل؟   ويمكن لهذا النهج أن يشكل خطة عالمية بالفعل، فالدول صاحبة العدد الأكبر من تلك النباتات البرية التي لها أشباه من النباتات التقليدية هي البرازيل، والصين، والهند. بينما تشكّل كل من أذربيجان والبرتغال واليونان الدول الأعلى كثافة في زراعة تلك النباتات البرية.   وبالتالي، يُتوقع أن يصبح تطبيق برامج التهجين الزراعي، خاصة في الدول النامية، أمرا ضروريا، في ظل ارتفاع الكثافة السكانية في العالم إلى تسعة مليارات‫ نسمة.   وعلى الرغم من الانتشار الواسع لتلك المحاصيل البرية عالميا، إلا أنها مهددة بمعارضة كبيرة من جانب طيف واسع من مناصري قضايا البيئة. وذلك لأن أغلب عمليات التهجين الزراعي تعد تدخلا بشريا، سواء كان ذلك من خلال تغيير الطريقة التقليدية لاستخدام الأراضي، أو التسبب في الاحترار العالمي، أو التلوث، أو الحروب، أو اتباع أساليب الزراعة الكثيفة. الخضراوات البريّة المهجنة مع نظيراتها من المزارع الأهلية يمكن أن تساعدنا في إنتاج خضراوات أكثر مقاومة للحشرات والأمراض، وظروف البيئة القاسية   ويسعى ما يعرف بـ "مصرف الألفية للبذور" التابع للحدائق النباتية الملكية في كيو ببريطانيا، من خلال التعاون مع الصندوق الدولي لتنوع المحاصيل، إلى تطبيق برامج التهجين الزراعي تلك حول العالم، وإنقاذ تلك النباتات البرية في الوقت المناسب‫. استخدام النباتات في العلاج الطبي   ليس استخدام النبات كدواء فكرة جديدة، بل تعود تلك الفكرة لأزمنة بعيدة‫. لكن هل نواكب نحن تلك الاتجاهات الرامية لتسجيل استخدامات جديدة للنباتات كأدوية؟   لقد بلغت قيمة الصناعة الدوائية القائمة على النباتات، حسب آخر تقدير لمنظمة الصحة العالمية في عام 2012، رقما مذهلا يصل إلى 83 مليار دولار.   زيارة إلى المنطقة التي يأكل فيها البشر نباتات مفترسة   وتزداد شعبية هذا القطاع بشكل مستمر، ففي ألمانيا يستخدم أكثر من 90 في المئة من السكان أدوية مستخلصة من النباتات، مثل زهرة الكشاتبين، والثوم، لكن المشكلة الوحيدة هي أن واضعي السياسات يميلون إلى منع دخول المنتجات غير الآمنة والمزيفة إلى الأسواق.   والطريقة الأسهل للتحقق من استخدامات الدواء النباتي وفعاليته هي من خلال معرفة أسماء المكونات المستخدمة فيه، والتي ربما تختلط لدى المرضى مع أسماء أعشاب طبيعية تشبهها في اللفظ فقط، وتؤدي إلى أضرار صحية تكون قاتلة في بعض الأحيان.   والصين هي إحدى الدول التي تحاول منع ذلك، فقد أعلنت الحكومة الصينية في ديسمبر/كانون الأول عام 2016 نيتها إدخال طب الأعشاب الصيني التقليدي إلى النظام الصحي الرسمي بحلول عام 2020، إضافة إلى تقديم بيانات ووصف للمصدر النباتي المستخدم، لمنع أي لغط في المستقبل.   ويوصي الباحثون بشدة، إذا كنا نعتزم الاستفادة القصوى من النباتات، بأن نحصل على النباتات من مصادر مستدامة، وأن نزيد من مساحة الأرض المزروعة، وأن تكون هناك إجراءات موثوقة لتتبُع جميع خطوات إنتاج النبات، وضمان تطبيق إجراءات فعالة لمراقبة الجودة. الموز "الخارق"   يُعد نبات الـ "إنسيت" (enset) من عائلة الموز، ويعرف أحيانا باسم "الموز الخارق"، وأحيانا أخرى باسم "الموز الكاذب"، ويزرع في أثيوبيا منذ آلاف السنين، ولدى سكان أثيوبيا أكثر من 200 اسم لهذا النبات، كما أن له استخدامات متعددة‫.   فإضافة لكونه مادة غذائية أساسية، فهو يستخدم في صناعة الحبال، والأدوية، والأكواخ، وعلف الماشية، ويدخل أيضا في ‫صناعة الملابس.   كما أنه حاضنة بيئية مثالية لازدهار محاصيل القهوة‫، فهو يتحمل الجفاف، والأمطار الغزيرة، والفيضانات. فهل هناك شيء آخر لا يمكن لأشجار "الموز الكاذب" هذه أن تُستخدم فيه؟   يبحث العلماء إمكانية وجود بيئة ملائمة لزراعة هذا النبات المقاوم لعوامل الطقس القاسية في أماكن أخرى في أفريقيا، وفي الدول التي تعاني من المجاعة، فهذا النبات قادر على إطعام عدد أكبر من الأشخاص مقارنة بأغلب الحبوب والنباتات الأخرى، فهو يعطي إنتاجية أعلى منها بكثير، ويمكن أن يصنع منه أنواع مختلفة من الطعام.   وتُزرع شجرة الـ "إنسيت" البريّة في أثيوبيا منذ قرون، ويمكن إنتاجها بكثافة كبيرة، لأنها تنتج ثمرة ذات صلاحية طويلة الأمد، ويمكن استخدامها في صناعة الملابس أيضا‫. هناك أكثر من 28 ألف فصيلة نباتية مسجلة على أنها ذات خاصية علاجية، لكن أقل من 16 في المئة منها فقط مذكور في المطبوعات الطبية.   لكن على المزارعين أولا معرفة كيفية نقل بذور هذه الشجرة، ففي الوقت الراهن يقتطع المزارعون جزءا منها لزراعته في مكان آخر، ويزرعون المزيد منها بهذا الشكل، أي أن أحدا منهم لا يعرف تقريبا كيفية تلقيحها.   على كل حال، حينما يتوصلون إلى خفايا هذا الموز الخارق، لا يمكن وصف حجم الاستفادة المتوقعة منه. النباتات المقاومة للحرائق   يضع أغلب الناس شطائر البرغر، أو النقانق، فوق نار الشواء المشتعلة. أما حدائق كيو في انجلترا، فقررت وضع بعض النباتات فوق هذه النار لمعرفة مدى قابلية النباتات المختلفة للاشتعال.   تعد قابلية النباتات للاشتعال أمرا في غاية الأهمية، إذا فكرنا في حرائق الغابات والدمار الذي تتسبب فيه اقتصاديا، واجتماعيا، وبيئيا.   علماء بريطانيون يطورون نباتات مكافحة للتلوث بمادة "تي ان تي"   فقد تزيد النيران اشتعالا في منطقة ما من الغابات بسبب الافتقار للتنوع النباتي في ذلك المكان، أو لأن النبات الجديد الدخيل على منطقة ما لم يتكيف بعد مع المناخ السائد فيها.   ويعمل الباحثون حاليا باستمرار لإيجاد طرق جديدة لزراعة أو هندسة تلك "النباتات الخارقة"، التي قد تحل مشاكل كبيرة ومختلفة، مثل المجاعات، والجفاف، والحرائق، وغيرها.   وتبحث حدائق كيو تحديد عائلات النباتات القابلة للاشتعال، وذلك من أجل التخطيط لزراعة أراض واسعة بالنباتات التي يمكنها مقاومة النيران. ويمكن استخدام مثل هذه النباتات كعنصر طبيعي لمكافحة الحرائق، والحد من حجم الموارد الثمينة المُعرضة للاحتراق.   وتعد النباتات الأكثر إمكانية لتحمّل الحرائق المحتملة في المستقبل هي تلك التي لديها لحاء خارجي ثخين، وقابلية سريعة للتبرعم مجددا، وتلك التي لديها قشرة خارجية وتشبه مخروط الصنوبر.   ويحمل ذلك النبات المخروطي بداخله بذورا يطلقها إلى الهواء عند التعرض للحريق، وذلك لضمان انتقالها مع الريح لمكان آخر، واستمرار نمو نوعها، فتنهض مثل "طائر الفينيق" من تحت الرماد مرة أخرى، كما في بعض الأساطير. BBC  


أخبار ذات صلة