بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

«نيويورك تايمز»: لماذا لا ينجح من يحلمون بالشهرة وتغيير العالم على الأغلب؟

الجمعة 08-09-2017 - نشر 7 سنة - 5814 قراءة

كتبت إيميلي أصفهاني سميث، مؤلفة كتاب «قوة المعنى: الشعور بالتحقق في عالم مهووس بالسعادة» مقالًا نشر في موقع صحيفة «نيويورك تايمز» تشرح فيه مشكلة طلاب الجامعة في عصرنا الحالي، الذين يريدون، بشدة، تغيير العالم، في الوقت الذي يعتقد فيه الكثير جدًا من الناس أنَّ الحياة الكاملة تتطلب فعل شيء غير عادي يجلب الاهتمام مثل أن يصبح المرء مشهورًا على موقع إنستجرام، أو أن يبدأ شركة ناجحة للغاية أو ينهي أزمة إنسانية. هذه التطلعات المثالية، بطبيعة الحال، جزء من الشباب. لكن بفضل الشبكات الاجتماعية، أصبح الغرض والمعنى مختلطين بالبريق، إذ تبدو الحيوات الاستثنائية على الإنترنت كما لو كانت هي القاعدة. ومع ذلك، ففكرة أنَّ الحياة المجدية ينبغي أن تكون أو تظهر جديرة بالملاحظة، ليس أمرًا نخبويًا فحسب، لكنه مضلل كذلك. وقالت إيميلي إنها قد أجرت لقاءات صحافية، أثناء السنوات الخمس الماضية، مع عشرات الناس في كل أنحاء البلاد حول ما يعطي حياتهم معنى، وقرأت آلاف الصفحات من أبحاث علم النفس والفلسفة وعلم الأعصاب لفهم الأشياء التي تجلب الرضا للناس. وقالت إنَّ ما تعلمته أنَّ أكثر الحيوات ذات المعنى عادة ما لا تكون استثنائية، وإنما مجرد حيوات عادية تُعاش بكرامة. وربما لا يكون ثمة تعبير أفضل عن تلك الحكمة من كتاب «ميدل مارش» لجورج إليوت، وهو كتاب تعتقد إيميلي أنَّ على كل طلاب الجامعة قراءته. وتتطلب قراءة الكتاب، البالغ عدد صفحاته أكثر من 700 صفحة تفانيًا وانضباطًا، وهو الغرض منه، بشكل ما. فإنهاء قراءة هذا الكتاب أمر عسير يتطلب جهدًا، وهو نفس ما ينطبق على الحياة ذات المغزى. إنَّ معظم الشباب لن يحققوا الأهداف المثالية التي وضعوها لأنفسهم. فلن يصبح معظمهم مارك زوكربرج المقبل، ولن يحظوا بنعي في الصحف الشهيرة عند موتهم. لكنَّ ذلك لا يعني أنَّ حياتهم سوف تفتقر للمعنى والقيمة. بطلة القصة دوروثي بروك، امرأة غنية شابة من بلدة ريفية إنجليزية. دوروثي فتاة عاطفية المزاج تطمح في تحقيق إنجاز جيد في العالم في مجال الأعمال الخيرية. أما بطل الرواية، تيرتيوس ليدجيت، فهو طبيب شاب طموح يأمل في الوصول لاكتشافات علمية مهمة. كلا البطلين يأمل في أن يحيا حياة ملحمية. ينتهي الحال بكل من دوروثي وتيرتيوس في زيجات كارثية، فتتزوج دوروثي من القسيس كازوبون، ويتزوج تيرتيوس من روزاموند جميلة البلدة. وتذبل أحلام البطلين ببطء. فروزاموند، التي اتضح أنها تافهة وسطحية تريد من تيرتيوس أن يعمل في مهنة مربحة بما يكفي لتوفير نفقات حياتها الباذخة، ويخضع تيرتيوس، بحلول نهاية الرواية، فيتخلى عن مسعاه العلمي ليصبح طبيبًا للأغنياء. ومع أنَّ تيرتيوس «ناجح» بالمعايير التقليدية، إلا أنه يموت بعمر الـ50 معتقدًا في نفسه الفشل لعدم متابعته خطة حياته الأصلية. أما دوروثي، فبعد وفاة القسيس كازوبون، تتزوج من حبها الحقيقي، ويل لاديسلاو. لكنَّ طموحاتها الأكبر لا تتحقق. للوهلة الأولى، تبدو كما لو كانت هي الأخرى قد أهدرت إمكاناتها. لكنَّ مأساة تيرتيوس، بحسب إيميلي، أنه لم يتصالح قط مع واقعه الممل، أما انتصار دوروثي فيكمن في أنها قد تصالحت مع هذا الواقع. إذ تتأقلم دوروثي، بنهاية الرواية، على الحياة بصفتها زوجة وأمًا، وتصبح، بحسب كلمات إليوت «مكتشفة اللاشيء». ربما يكون في ذلك الأمر خيبة أمل للقارئ، لكن ليس الأمر كذلك بالنسبة لدوروثي التي انغمست بكلّيتها في أدوارها بصفتها أمًا وزوجة بـ«نشاط حميد غير مصحوب بآلام القلق من اكتشاف الذات والحماسة لها.» ولما نظرت دوروثي من نافذة منزلها ذات يوم، ورأت أسرة تمشي في الشارع أدركت أنها، هي أيضًا «جزء من تلك الحياة اللاإرادية وأنها لا يمكنها أن تنظر إلى تلك الحياة من مأواها الباذخ بصفتها مجرد متفرجة، لا ولا يمكنها أن تغمض عينيها وتنخرط في شكوى أنانية» بعبارة أخرى، بدأت دوروثي في أن تعيش اللحظة. بدلاً من أن تستسلم للقنوط الناتج عن الأحلام المحبطة، قبلت حياتها كما هي وساعدت أولئك المحيطين بها قدر استطاعتها. هذه هي كلمات إليوت الأخيرة حول دوروثي: «أنفقت طبيعتها الكاملة، نفسها في قنوات ليست ذات أسماء عظيمة على الأرض، مثل ذلك النهر الذي هزم سيرس. لكنَّ أثر حياتها على أولئك المحيطين بها كان فياضًا بشكل لا حدود له، ذلك أنَّ الخير المتنامي في العالم يعتمد جزئيًا على الأفعال غير التاريخية، وأنَّ الفضل في أنَّ الأمور ليست سيئة معك ومعي، كما كان يمكن لها أن تكون، يرجع إلى أولئك الناس الذين عاشوا حياة مخلصة مخفية وانتهى بهم المطاف في مقابر لا يزورها أحد». هذه القطعة، بحسب إيميلي، واحدة من أجمل القطع الأدبية، وتلخص مغزى الحياة المجدية: ألا وهو التواصل والمساهمة في شيء يتجاوز الواحد منا، بأية صورة متواضعة قد يتخذها ذلك الأمر. وقالت إيميلي إنَّ معظم الشباب لن يحققوا الأهداف المثالية التي وضعوها لأنفسهم. فلن يصبح معظمهم مارك زوكربرج المقبل، ولن يحظوا بنعي في الصحف الشهيرة عند موتهم. لكنَّ ذلك لا يعني أنَّ حياتهم سوف تفتقر للمعنى والقيمة. كلنا لنا دائرة من الناس الذين يمكننا أن نلمس حياتهم ونحسنها، ويمكننا أن نجد المعنى الذي نبحث عنه في ذلك. ويؤكد عدد متزايد من الأبحاث في علم النفس حول المعنى، هذه الحكمة المستمدة من رواية إليوت ــ وهي أنَّ المعنى ليس موجودًا في النجاح والبريق، وإنما في العادي. إذ أظهرت دراسة أنَّ المراهقين الذين كانوا يقومون بالأعمال المنزلية، كانوا يتمتعون بشعور أقوى بالغاية. وتفسير ذلك في اعتقاد الباحثين أنَّ أولئك المراهقين يساهمون في شيء أكبر: ألا وهو أسرتهم. واكتشفت دراسة أخرى أنَّ تحسين مزاج صديق كان نشاطًا أضفى معنى لحياة أحد الشباب. ويجد الناس الذين يرون في وظائفهم فرصة لخدمة مجتمعهم المباشر معنى أكثر في عملهم، سواء أكان ذلك العمل في منصب محاسب يساعد زبائنه أو عمال مصنع يدعمون أسرهم براتبهم. واختتمت إيميلي مقالها قائلة إنَّ على الطلاب، مع توجههم للمدرسة هذا العام، أن يفكروا في الكلمات التالية: ليس مطلوبًا منك أن تغير العالم أو أن تجد غرضك الوحيد الحقيقي لتعيش حياة ذات معنى. إنَّ الحياة الجيدة هي حياة من الخير، وهذا شيء يمكن لكل الناس أن يطمحوا إليه، بصرف النظر عن أحلامهم أو ظروفهم. ساسه بوست


أخبار ذات صلة

تأثير التعليم على الفيزيولوجيا

تأثير التعليم على الفيزيولوجيا

إشراف.. الأستاذ الدكتور رشاد محمد ثابت مراد

المايسترو ميساك باغبودريان:

المايسترو ميساك باغبودريان:

من المحزن عدم وجود أي برنامج يتحدث عن الموسيقا في قنواتنا التلفزيونية