الأزمة تحد من عطاء البعض وتكفي آخرين ((شر القتال))..!!
صاحبة الجلالة _ أحمد يوسف:
تعامل بعض رجال الأعمال، قبل الأزمة الجارية وخلالها، مع المسؤولية الاجتماعية للشركات كنوع من الترف الاجتماعي الأقرب إلى (برستيج)، إذ لم تقدم منشأته ولسنوات طوال شيئا في هذا الجانب، اللهم بعض الأعمال والتبرعات الخيرية المستندة على اعتبارات دينية أكثر منها مؤسساتية.. فهؤلاء يترددون في أخذ التزاماتهم الاجتماعية والأخلاقية والتنموية تجاه المجتمع على محمل الجد، بيد أن هناك من يرى في هذه المسؤولية واجبا أخلاقيا واجتماعيا، فضلا عن كونها التزاما من قطاع الأعمال تجاه البيئة التي يعمل فيها.
ويلاحظ من خلال تتبع أعمال عديد الشركات، سيما الكبرى منها، والتي غطى تقرير الحوكمة في الشركات الخاضعة لإشراف هيئة الأوراق والأسواق المالية أغلبها، أن الشركات المساهمة المحلية تتبنى –نظريا- سياسة المسؤولية الاجتماعية المعروفة ب/سي إس أر/ على نحو واضح ومنظم، إلا أن تطبيقاتها تقتصر على عدد ضئيل من هذه الشركات، فيما تغيب مثل هذه السياسة عن بعض الشركات بشكل كامل.
ووفقا لهذا التقرير، فإن ممارسات هذه المسؤولية تمثلت في رعاية أنشطة وأحداث اجتماعية وتبرعات ومنح، مقابل أنشطة بيئية لشركات تنتمي لقطاعات الصناعة والخدمات والاتصالات، وذلك عبر استخدام الطاقة البديلة وتحقيق شروط السلامة البيئية.
واعتبرت الهيئة أن الأزمة الجارية أثرت على نحو ملحوظ في تراجع الدور الاجتماعي للشركات، ما أجبرها على تغيير أولوياتها وضغط نفقاتها، وإن كان هذا الدور يختلف من شركة لأخرى، تبعا لطبيعة النشاط والقطاع والمستوى التنظيمي والإداري الذي تعمل فيه. كما أن الشركات المدروسة تهتم جميعا بتبني سياسات واضحة ومحددة للسلامة المهنية للعاملين لديها من خلال الحفاظ على هؤلاء العاملين والتعامل مع الحالات الطارئة، سيما مع ارتفاع مستويات المخاطر في بيئة العمل جراء الأزمة الراهنة.
ويشير عضو جمعية المحاسبين القانونيين لطفي السلامات إلى تعاظم أهمية الدور الاجتماعي والتنموي الذي يجب أن تؤديه الشركات المحلية، مع أهمية أن تقنع نفسها قبل الآخرين، بأن ما تقوم به ليس عملا خيريا وتطوعيا وحسب، بل استثمارا في كسب ثقة وولاء المجتمع أو المجتمعات التي تتحرك فيها، فالناس، والذين هم في النهاية المستهلكون وطالبو المنتجات والخدمات والراغبون بالمساهمة في أسهم هذه الشركة أو تلك، ينظرون باحترام وامتنان كبيرين لمنشأة تتبنى تجميل ساحة عامة أو إنشاء مؤسسة تعليمية أو إبتعاث طلبة للدراسة أو تقديم نفقات علاج، وما إلى ذلك ما يجعلهم أكثر ميلا وقبولا لها، وينعكس ذلك على أرباحها وأسهمها.
وتتبارى الشركات الناجحة حول العالم في تقديم نماذج من أنشطة وممارسات تعنى بالمسؤولية الاجتماعية وتظهر نتائجها، والتي يشار إليها في بعض الأحيان بمسؤولية الشركات أو مواطنة الشركات أو أداء المؤسسات الاجتماعية، فقد طورت شركة (هندوستان) أنظمة تغليف تناسب الظروف القاسية وأغراض النقل والتخزين في الهند، ثم انتشرت هذه المنتجات في إفريقيا وآسيا، وتحقق الشركة اليوم أرباحا سنوية تصل إلى /150/مليون دولار.
وكان للنجاح الذي حققه مصرف (غرامين) في بنغلادش عبر الخدمات التمويلية الصغيرة، أو ما يعرف ب(بنوك الفقراء)، الأثر الكبير في انتشار هذا النوع من الأعمال حول العالم بصفتها عمليات تجارية مربحة.
وأمكن إنتاج أنواع من الأدوية المتقدمة في الهند بأسعار في متناول الفقراء، وبمزايا ربحية أيضا، ويقدم مستشفى (أرافيند) للعيون خدماته في إفريقيا وكمبوديا وفيتنام، حيث ترتكز فلسفته على تقديم إمكانات فنية متقدمة ذات جودة عالية وتكاليف منخفضة تحقق في الوقت نفسه أرباحا كبيرة.