و1650 مليار ليرة حجم الكتلة النقدية الموجودة بين أيدي كل السوريين..!!
صاحبة الجلالة _ حسن النابلسي
ثمة أرقام فيها من الطرافة والغرابة ما يدفعنا إلى أن نضعها بعهدة القائمين على السياسة النقدية كأدوات كفيلة –في حال توظيفها بالشكل السليم - بضبط سوق الصرف أولاً، والحد من التضخم وربما العودة به إلى وضعه الطبيعي ثانياً، وتحريك عجلة الإنتاج عبر تفعيل الاستثمار ثالثاً..!.
قد نصاب بالدهشة إذا ما علمنا أن حجم الكتلة النقدية من الليرة السورية الموجودة لدى السوريين تقدر بـ1650 مليار، منها نحو 400 مليار مودعة في البنوك الخاصة، وذلك وفقاً لتقديرات بعض المصادر المالية، التي أفصحت لـ"صاحبة الجلالة" أنه يقابل هذه الأرقام قيمة الدين العام المقدر بـ 3500 مليار ليرة أي ما يعادل 7 مليار دولار، بعد أن كان 360 مليار قبل الأزمة..!.
وعلى اعتبار أن سياستنا النقدية تتأهب لاستئصال ثقافة التعامل بـ"الكاش" والاستعاضة عنها بنظام الدفع الإلكتروني، نرى من المناسب أن نجعلها مدخلاً لكيفية تحقيق ما أوردناه بداية المقال.
أول خطوة لإقناع السوريين بنظام الدفع الإلكتروني يتوجب على مصرف سورية المركزي وضع خطة لسحب كتلة الـ1650 مليار آنفة الذكر، وذلك من خلال تشجيعهم على إيداع مدخراتهم في المصارف، ونعتقد أن خير وسيلة لهذا الأمر هو رفع سعر الفائدة، وتسهيل عمليات الإيداع التي يكتنفها عدد من الإجراءات الروتينية المعقدة نسبياً، وإذا كان الهدف من هذه الإجراءات هو ضبط سعر الصرف، فإننا نبين أن سعر الصرف هو وسيلة وليس هدفاً كما هو حاصل حالياً، كما أن الحفاظ على سعر الصرف لا يكون بالتضييق على الليرة حيناً، والتدخل المعلن أو الخفي في سوق القطع، ما يعني بالمحصلة أننا بحاجة إلى سياسة نقدية جديد وقد يكون سعر الفائدة أول أدوات هذه السياسة وليس آخرها، وبالتالي يستوجب رفعها حتى 30% إذا اقتضى الأمر، لكي يتشجع المدخر على إيداع أمواله في المصارف، ما قد ينعكس على سحب أو تخفيف السيولة الهائلة المطروحة للتداول. وتوسيع إمكانية توظيفها في القنوات الاستثمارية خاصة وأنها تعادل نصف قيمة الدين العام..!.
يقودنا الحديث عن رفع سعر الفائدة إلى الخسائر التي حلت بالمودعين خلال سنوات الأزمة، ومدى إمكانية التعويض عليهم، وانعكاس ذلك على تعزيز ثقتهم بالحكومة والسياسة النقدية، فلو افترضنا أن أحد المودعين أودع 1 مليون ليرة عام 2012 أي ما يعادل 20 ألف دولار آنذاك، بفائدة مقدارها 13% سنوياً، ستنمو قيمة المبلغ خلال خمس سنوات لتصل إلى 2.8 مليون ليرة سورية أي ما يعادل 3700 دولار وفق سعر الصرف الحالي، وبالتالي تكون خسارته 16300 دولار أي 8.15 ملايين ليرة...!.
وبحسب ما اقترحناه تجاه رفع سعر الفائدة إلى 30% وبأثر رجعي لأي مودع لم يلجأ إلى سحب أمواله والمضاربة بها في سوق السوداء، يفترض أن يحصل المودع على 300 ألف ليرة كفائدة عن السنة الأولى، و390 ألف عن الثانية، و570 ألف عن الثالثة، و670 ألف عن الرابعة، و1,80 مليون عن الخامسة وذلك من خلال مبدأ الفائدة المركبة. أي أن مجموع التعويض المفترض هو 4.127 مليون ليرة، أي ما يعادل 8250 دولار حالياً كتعويض عن خسارته خلال سنوات الإيداع لمبلغ المليون ليرة المعادل لـ20 ألف دولار وقت الإيداع قبل خمس سنوات..!.
نعتقد أن هذا الإجراء الذي يحتاج إلى جرأة حكومي سيعزز الثقة لدى المدخرين ويوسع دائرة الإيداع، والتي بدورها ستنسجم مع توجه المصرف المركزي باعتماد نظام الدفع الإلكتروني ويساعده على تجفيف أو تخفيف السيولة المتداولة، وسيخفض هذا الإجراء بالتوازي مع طرح سندات الخزينة سواء بالليرة السورية أم بالقطع الأجنبي من آثار التضخم كمرحلة أولى وربما يقضي عليه كمرحلة لاحقة، ومن ثم سينعكس بالضرورة على الأسعار باتجاه الانخفاض. مع الإشارة إلى أن طرح سندات الخزينة تمكن من الاستعاضة عن الدين الخارجي.