الأجور في القطاع الخاص عرض وطلب!! … خبير تنموي : ليس ملاكاً ولكنه أفضل من القطاع العام..والوظائف السورية تشوبها تشوهات كثيرة
صاحبةالجلالة _ متابعة
يستغل الكثير من أرباب العمل في القطاع الخاص حاجة الشباب إلى العمل في ظل تدني الأجور في القطاع العام أولاً، وندرة فرص العمل ثانياً، إذ بات إيجاد عمل في القطاع الخاص أمراً صعباً يحتاج الكثير من البحث سواء عبر صفحات «فيسبوك» أم عن طريق توصية الأقارب والأصدقاء بالسؤال عن شواغر عند معارفهم أو الأماكن التي يعملون بها..هذا إذا لم نتحدث عن الضعف الكبير في الأجور والذي يدفع العامل للبحث عن أعمال إضافية كي يتمكن من تحمّل أعباء الحياة.
هذا الواقع لا يتناسب مع حجم شركات القطاع الخاص والمنشآت بمختلف تصنيفاتها، ويدفعنا لطرح تساؤلات عديدة من قبيل: ما السبب في ندرة فرص العمل؟ وهل يقوم القطاع الخاص بدوره في توظيف الأيدي العامة؟ وهل يوظف الخريجين الجدد وأصحاب الخبرات..أم إن هذا الأمر يمكن تصنيفه تحت مسمى «المسؤولية الاجتماعية» ويتوقف على مدى رغبة رب العمل في ذلك؟
الخبير التنموي ماهر رزق، اعتبر في حديث مع «الوطن» أن توظيف الخريجين الجدد واستيعاب الأيدي العاملة لا يدخل في نطاق المسؤولية الاجتماعية، ولطالما كان القطاع الخاص مستفيداً من عوائد عملية التنمية، فيجب عليه بالمقابل أن يكون مساهماً بها، لذا لا ينحصر واجبه في تشغيل الأيدي العاملة فقط، وإنما يجب تشغيلهم بطريقة لائقة.
ورأى رزق أنه يوجد الكثير من العيوب والتشوهات في الوظائف السورية، إذ لا يوجد بيئة عمل صالحة ولا يوجد أجور جيدة تليق بالعمال، فاليوم تم تصنيف خط الفقر عالمياً عند حدود 2.15 دولار يومياً للفرد الواحد «ما يعادل 31820 ليرة»، وإذا كان الحديث عن أسرة يبلغ عدد أفرادها وسطياً 5 أشخاص فيجب أن يكون الحد الأدنى للرواتب 300 دولار «4.44 ملايين ليرة»، وتعميم هذا يعد ضرباً من ضروب المستحيل.
واعتبر رزق أن القطاع الخاص يتعامل مع قضية التوظيف وفقاً لمصلحته، فهو ليس ملاكاً، ولكن مع ذلك فهو بالظرف الحالي أفضل من القطاع العام على اعتبار أنه غير مقيد بقوانين وأنظمة العمل وسلم الرواتب والأجور وغير ذلك، إذ لا يلزمه سوى الحد الأدنى المحدد بـ278 ألف ليرة، ويتجاوز القطاع الخاص هذا الحد عند حاجته، فعندما يكون بحاجة لاختصاص محدد فهو على استعداد أن يدفع ملايين الليرات كأجر لشخص واحد فقط، في حين الظلم في الأجور يقع على أولئك الداخلين حديثاً إلى سوق العمل، أي الذين يمتلكون خبرات مهنية ضعيفة، لذا تكون هذه الشريحة هي الخط الأول للهجرة للبحث عن ظروف أفضل في الخارج، وهذا ما أدى إلى نزف مخيف في المواهب والخبرات السورية.
وأشار إلى أن الفجوة الكبيرة للرواتب بدأت منذ الفترة التي تفشى فيها فيروس كورونا وهي الفترة الأخطر في الاقتصاد السوري، حيث بدأت تنخفض قيمة الأجور، وقد ارتفع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية نحو ثلاثين ضعفاً، علماً أن هذه الارتفاعات الحادة لم تحدث خلال سنوات الحرب، ما أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار السلع والمواد في الأسواق، في الوقت الذي لم تستطع الرواتب والأجور سواء في القطاع العام أم الخاص أن تواكب تلك الارتفاعات، مضيفاً: «وما يحدث أن القطاع الخاص يعتمد في تحديد أجوره على رواتب القطاع العام، إذ يعتبرها منطلقاً ويضع نسباً قليلة جداً فوقها، ويعتبر نفسه أنه متفوق على القطاع العام الذي تعد المشكلة فيه مختلفة، لكونه يعتبر التوظيف نهجاً اجتماعياً وما يزال يقوم بذلك على الرغم من قلة إنتاجيته.
وفي السياق، اعتبر رزق أنه على الرغم من كل المشاكل التي يعاني منها القطاع الخاص إلا أن دخوله يعد مفيداً، بدلاً من انتظار تغيير العقلية الحكومية ومنظومة القطاع العام التي تتضمن نحو مليوني موظفاً، ما يمنعها من اتخاذ قرارات فاعلة لإيجاد حلول لهذا الحجم الكبير من العمالة التي تعد غير منتجة في معظمها.
ورأى رزق أن محاولات وزارة التنمية الإدارية للإصلاح الإداري لم تكن في وقتها، فلا يمكن وضع معايير وشروط تصلح للعمل في منظمات دولية بأجور مخزية، مطالباً بإصلاح منظومة العمل، وأن يكون هناك إدارة صحيحة للاقتصاد الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمل.
وحول معدلات أجور القطاع الخاص، أكد رزق أن الوظائف الفنية والتقنية والتخصصية كمهندسي المعلوماتية والمخبريين والكيميائيين تتفوق على غيرها، حيث تصل الأجور فيها إلى 15-20 مليون ليرة، أما بالنسبة للوظائف الأخرى كالمحاسبين والمعلمين والحقوقيين وغير ذلك فتكون المنافسة فيها قليلة نتيجة لكثرة أعداد هذه الفئات، وبالتالي تكون الأجور منخفضة.
الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور زكوان قريط، اعتبر أن القطاع الخاص يقوم بدوره في توظيف الأيدي العاملة، وإلا لم يشهد القطاع العام أي تسرب وظيفي، فهو يقدم مغريات وبيئة عمل وأجوراً وتعويضات أفضل من تلك الموجودة في القطاع العام، معتبراً إياه أفضل الخيارات الموجودة في الداخل، لذا فهو بمنزلة الملاذ والملجأ الوحيد للعاملين سواء كانوا موجودين بالقطاع العام، أم بالنسبة للشباب ممن هم في مقتبل العمر الذين يبحثون عن فرص عمل.
وأشار إلى وجود تفاوت كبير في الأجور بالقطاع الخاص فقد يصل الفرق بين أجرَي موظفَين جامعيَين إلى الملايين من الليرات، معيداً ذلك إلى أن سوق العمل أصبح عرضاً وطلباً، تنعكس فيه الأجور طرداً مع أعداد العمال الذين يمتلكون الخبرات ذاتها ويحملون الشهادة الجامعية ذاتها، لافتاً إلى أن الحد الأدنى من الأجور يبدأ من 700 ألف ليرة ويصل إلى بضع ملايين، وقد يتقاضى المديرون التنفيذيون في البنوك أجوراً كبيرة
الوطن