في رمضان يعاني الفقراء وينتعش الحيتان.
تختلف النظرة إلى شهر رمضان الذي ينتظره الناس بكل الإيمان والتقوى ليعيشوا أجواءه الإيمانية، لأنه بالأصل هو مناسبة لها طقوسها الخاصة التي قد تتطلب زيادة ملحوظة على نفقات الأسرة، حيث كان الجميع سابقاً يحاولون الإدخار في الأشهر الأخرى لتقديم الأفضل على صعيد المأكل والمشرب واللباس، وخاصة للأطفال الذين ينتظرون حلول العيد ويعدون الأيام التي تفصلهم عنه.
ولكن للأسف بات من الصعب على أصحاب الدخل المحدود أن يؤمنوا السلع الأساسية في الأشهر الأخرى، وبات من المستحيل أن يدخروا شيئاً إضافياً لهذا الشهر الفضيل، فقد ذكر مشرفو سوق الهال أن الطلب على شراء الخضر والفواكه قد انخفض أكثر من خمسين بالمئة قبل شهر رمضان بسبب ضعف القدرة الشرائية لغالبية الأسر، وبعضهم توقع أن تنخفض الأسعار مع بداية شهر رمضان، لكن موجة الغلاء الإضافية قد بدأت قبل أسبوع ومستمرة، وكأن هذا الشهر تحول من مناسبة للإيثار والتعاون والعبادة إلى شهر للغلاء واستغلال حاجات الناس.
إذ شهدت الأسعار قفزة إضافية في اليوم الأول من الشهر، وبات الجميع يتحدث برجاء أن يظفروا بمنحة تعينهم على الإيفاء ببعض الالتزامات الضرورية تجاه أسرهم.
إن المعاناة مع ارتفاع الأسعار في رمضان قضية مزمنة نعيشها منذ عقود، لكن الوضع المادي كان يساعد على تخطي ذلك الارتفاع سواء بالتوفير من الأشهر السابقة أو بالتعويل على الأشهر اللاحقة، أما الآن فقد تقطعت مع المستهلك كل السبل، وبالتالي فإن على الجهات المعنية بحماية المستهلك أن تجد حلولاً”لهذا الهيجان السعري” الذي يفتقر للمبررات الاقتصادية والوجدانية والدينية، ولايحوز أن نحول شهر رمضان إلى مناسبة لزيادة معاناة الفقراء ولانتفاخ جيوب الحيتان.
أعتقد أن الحديث عن ارتفاع أسعار بعض الخضر بات مملاً لكن لابد من ذكر بعض مما لاحظناه اليوم، حيث وصل سعر الزهرة إلى ثمانية آلاف للكيلو، والفليفلة بخمسة عشر ألفاً ومثلها للفول والباذنجان والقائمة تطول، بمعنى أن الأسعار ارتفعت بنسبة تتراوح بين خمسين إلى مئة بالمئة رغم ضعف القدرة الشرائية، وهذا يحتاج إلى مزيد من ضبط الإيقاع في الأسواق التي تخطت كل الخطوط الحمراء وكل عام وانتم بخير.
غلوبال