مع ارتفاع الأسعار.. هل بقي المستهلك السوري مهتم بالجودة؟
صاحبةالجلالة _ متابعة
غدا تعبير إدارة الجودة من أكثر المفاهيم المتداولة في المنافسة بين المنتجات، فهي تعني الدرجة العالية من النوعية أو القيمة وإتمام الأعمال الصحيحة في الأوقات الصحيحة وتلبية احتياجات وتوقعات العميل بتلبية متطلباته، أي هي باختصار إرضاء الزبون.
ومما لا شك فيه أن الصلة وثيقة بين إدارة الجودة سواء للمنتج كسلعة أم خدمة في عمليات التنمية الاقتصادية، فبعد أن كان هدف المؤسسات الاقتصادية سابقاً يتعلق فقط بتلبية طلب الزبون، نجده اليوم يسعى لإيجاد تنافسية بين المنتجات بما يتعلق بالجودة، لكن ومع ضعف القوة الشرائية، هل بقي من يهتم بالجودة؟ أم إن السعر المنخفض أصبح هو الفيصل في الاختيار؟
مدير القياس والجودة في وزارة الصناعة الكيميائي محمد حسام الشيخة بين أن تقييم الجودة يعني تفحص مدى مطابقة المنتج للمواصفات ومتطلبات الزبائن، أي هو ضبط جودة المنتج، وهو محكوم بإجراءات موصفة في المعايير الدولية لنظم إدارة الجودة ولاسيما «ISO 9001:2015»، المرتبطة بضمان الجودة، موضحاً أنه ضمن آلية تقييم الجودة لا يكون المنتج جيداً إلا في حال مطابقته للمواصفات.
وأشار الشيخة في تصريح خاص لـ«الوطن» إلى أن تقييم الجودة يكون من خلال ضبط جودة المنتجات أو الخدمات المقدمة بأن تكون مطابقة للمواصفات السورية القياسية المعتمدة، فكل مادة خام تدخل في المنتج لها مواصفات معتمدة، مؤكداً أن حالة الجودة في تطور مستمر وليست ثابتة لتواكب التطور التكنولوجي في تقديم السلع والخدمات، وهي مرتبطة بالذوق الاستهلاكي، وبالاحتياج، وتغيير الأزمنة والأسواق المستهدفة.
ولفت الشيخة إلى أن تقييم الجودة يطبق على جميع السلع والخدمات بما فيها الخدمات المصرفية، فكل عمل يقدم يخضع لتقييم الجودة، بما يلبي رغبة الزبون من جهة ويكون مطابقاً لمواصفات التصنيع من جهة أخرى أي مراعاة الكم والنوع والزمان والمكان، فكل عمل خدمي أو إنتاجي مهما كان نوعه له معايير ومواصفات يجب مطابقتها لتتقدم بالشكل الأمثل.
وعن علاقة الجودة بالتنمية الاقتصادية أكد الشيخة أن التنافسية اليوم تقوم على تحقيق الجودة التي تسهم بشكل أساسي في ترشيد الإنفاق وخفض التكاليف والهدر بأنواعه وبالتالي أصبح المنتج أو الخدمة المقدمة أكثر جودة بسعر ملائم، وليس شرطاً أن يكون المنتج الأحسن جودة هو الأقل سعراً، بل أن يكون السعر المناسب للجودة المقدمة، أو للمواصفة المطابقة، وهو يعزز مركز المؤسسات بالسوق، كما يعزز الصورة النمطية للمنتج، مشدداً على ضرورة مواكبة المواصفات القياسية العالمية المتطورة باستمرار ليس بتطبيق المعايير فقط بل من حيث إمكانية الإنتاج، فلابد من تحديث خطوط الإنتاج، وتدريب اليد العاملة وتهيئة البنية التحتية المناسبة.
وعن آلية تطبيق السعر الفعلي على المنتج المحقق للجودة مع التكاليف، وهل السعر النهائي بعد حساب تكاليف هذا المنتج ملائم للدخل، أوضح الشيخة أنه من المفترض أن يكون السعر النهائي للمنتج ملائماً ومتناسباً مع جودة مدخلاته وعملية إنتاجه التي ازدادت تكاليف تأمينها بسبب الإجراءات القسرية الأحادية الجانب وتأخر سلاسل التوريد وتقادم خطوط الإنتاج، إضافة لمحددات أخرى ترتبط بجائحة كورونا والزلزال الذي ضرب سورية في الربع الأول من هذا العام، لكن بالنهاية يجب تقديم منتج جيد ضمن التكاليف بسعر مناسب لمدخلات التصنيع.
وعن تأثير الجودة بالمنتج في سورية خاصة مع انتشار كثير من المنتجات المخالفة بين الشيخة أنها مسؤولية اجتماعية للشركات والمنشآت وطالما هم يعملون على مطابقة الجودة والمواصفات حكماً سيستمرون بإعطائنا منتجاً مطابقاً، ومن ينحرف عن مواصفات الجودة للمنتج ليخفض تكاليفه بالتالي يخفض سعره سيفقد الاستمرارية في السوق سواء كان السوق داخلياً أم خارجياً للتصدير.
ولفت الشيخة إلى أن ضبط هذا الانحراف بالجودة تتم رقابته من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، من خلال أجهزتها الرقابية وكذلك مديريات الصناعة في المحافظات التابعة لوزارة الصناعة، إضافة لرفع وعي المستهلك بتحويل اهتمامه للمنتج الجيد وليس الأرخص سعراً، فغالباً – وتبعاً للقدرة الشرائية – ما يقارن المستهلك بين سعرين لمنتج من النوع نفسه من دون التعمق بمقارنة جودتها، ولا يوجد منتج نخب أول أو ثانٍ بل يوجد منتج مطابق للمواصفات أو غير مطابق.
الوطن