كتب زياد غصن: المواطن "بيدبر حالو"
واحدة من الحجج التي يحاول المسؤولون إقناع أنفسهم بها عند مقاربتهم للأوضاع الاقتصادية المتدهورة، لاسيما عند إقرارهم رفع أسعار السلع والخدمات، أن المواطن قادر على أن يتدبر أموره.
ولذلك تراهم يرفعون سعر مادة تلو الأخرى، ويعقدون اجتماعاً إثر اجتماع، من دون أن يسألوا أنفسهم بمسؤولية: كيف يتمكن المواطنون من تأمين احتياجات معيشتهم؟
نعم معهم حق...
المواطن يتدبر أموره في كل شيء...
فهو مثلاً يتدبر معيشته بشراء أسوأ أنواع السلع الغذائية وأرخصها سعراً.. ولا مانع إذا كانت صلاحية بعضها على وشك الإنتهاء.
وفي النقل يُضطر للتلويح لأي سيارة عابرة، يتعلق بباب أي باص عام، يجلس على أرضية أي سرفيس، يسير مشياً لعدة كيلومترات، ويفاضل بين أولاده في الذهاب إلى الجامعة.
وعند المرض يجرب كل وصفات الطب الشعبي، يسأل كبار السن، يقنع نفسه بأن مرضه أزمة عابرة فيتحمل الألم والوجع لأيام وأسابيع، وعندما يفقد الأمل بالشفاء الذاتي يقصد مركز صحياً أو مستشفى حكومي وينتظر.
وفي بحثه عن مسكن للإيجار، لا بأس من منزل بلا أعمدة، بلا نوافذ وأبواب، بلا أدنى شروط السلامة العامة، ولا مانع إذا كان من المنازل المتضررة بفعل الزلزال الأخير...
والقائمة تطول... وتطول.
نعم المواطن يتدبر أموره، لكنه يفعل ذلك مكرهاً على حساب صحة أولاده وحياتهم، على حساب مستقبلهم، على حساب أبسط حقوقهم..
والسؤال... كيف ستتدبر البلاد أمورها مع جيل قادم يعاني تغذوياً وصحياً وتعليمياً من انتكاسات وفجوات وأمراض كثيرة؟
بثقة أقول: ليس هناك من يعنيه ذلك.
دمتم بخير
زياد غصن - شام إف إم