ماآليات الحكومة لتحسين الواقع المعيشي؟
لم تكشف الحكومة في اجتماع مجلس الوزراء يوم 6/6/2023 عن الأليات والبرامج المادية لترجمة خططها التي أعلنت عن بعض عناوينها العريضة وأبرزها: دعم الطبقات الفقيرة والهشة، وتحسين الواقع المعيشي، وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والمتوازنة..الخ.
مالفتنا تأكيد مجلس الوزراء على (أهمية اتخاذ كل الإجراءات ووضع الخطط القابلة للتنفيذ لدعم مؤسسات الحماية الاجتماعية لتشمل الطبقات الفقيرة والهشة والمتعطلين عن العمل ومحدودي الدخل)، فهل يعني هذا التأكيد إن خطط الحكومة فيما يتعلق بشبكات الحماية الاجتماعية خلال السنوات الماضية لم تكن قابلة للتنفيذ؟
ونستنتج من الإتجاه الجديد للحكومة أن الطبقات الفقيرة والهشة لم تكن مشمولة بخطط الدعم الحكومية، مايدفعنا للتساؤل: إذا كانت الحكومة استثنت سابقا محدودي الدخل والطبقات الفقيرة والهشة والمتعطلين من دعم مؤسسات الحماية الإجتماعية .. فمن كان يستفيد من مليارات الدعم؟
والسؤال البالغ الأهمية: ماتصنيف 5 ملايين عامل في القطاعين العام والخاص لايكفي الأجر الشهري للفرد منهم أكثر من يوم واحد حسب تأكيد رئيس اتحاد نقابات العمال؟
ترى بماذا تتميز طبقة العمال، في العامين الأخيرين على الأقل، بأجورها الهزيلة عن طبقة المتعطلين أو الأكثر فقرا وهشاشة في المجتمع؟
بصراحة شديدة، لم نستوعب ماذا قصدت الحكومة في اجتماعها التاريخي يوم 6/6/2023 بانها ستعمل على (اعتماد سياسات دعم متنوعة وقطاعية مدروسة تساهم في تحسين الواقع المعيشي وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والمتوازنة)!
الإستنتاج الوحيد لما كشفته الحكومة هو أن شغلها الشاغل تحسين الأوضاع المعيشية لملايين الأسر السورية .. فهل هذا صحيح؟
لو أخذنا الأسابيع الأخيرة كمثال، فإن القدرة الشرائية للعاملين بأجر تراجعت بشكل مرعب، إلى حد أن التنظيم العمالي لم يعد قادرا على تجاهل الوضع المزري لملايين العاملين بأجر فقال رئيسه: الراتب يكفي ليوم واحد فقط!
من المستغرب أن ينشغل مجلس الوزراء بالعمل (لتوفير السلة الاستهلاكية الأساسية من المنتجات المحلية ودعم التسويق المحلي للخضار والفواكه)..ولا ينشغل بالإجابة على السؤال: كم عدد العاملين بأجر أو المتعطلين القادرون على شراء مكونات السلة الإستهلاكية الأساسية؟
لو أن الحكومة جادة بتأمين السلع الأساسية لأكثر من 5 ملايين أسرة تحمل البطاقة الذكية لوفرتها لهم شهريا وليس ثلاث مرات في السنة فقط؟
نعم، من مهام الحكومة دعم مؤسساتها لرفع إنتاجيتها، واستثمار طاقاتها القصوى لإنتاج أكبر كمية من المواد الغذائية بما يلبي حاجة السوق المحلية، وكذلك تقديم كل التسهيلات لتوريد المواد الأساسية، لكن من مهامها أيضا الإجابة على السؤال: من القادر على شراء السلع الأساسية المتوفرة في الأسواق؟
وعندما لاتتوقف الحكومة عن رفع أسعار حوامل الطاقة ومستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي، دون أن تقوم بتعديل سلم الرواتب والأجور بما يتناسب مع رفعها لأسعار المنتجات والخدمات، فهذا يناقض تماما تصريحاتها الإعلامية والورقية بأن شغلها الشاغل تحسين الأوضاع المعيشية للسوريين.
الخلاصة: لايكفي أن تعلن الحكومة انها تعمل على دعم الطبقات الفقيرة والهشة ومحدودي الدخل، فهذا الإعلان سيبقى حبرا على ورق مالم يترجم بالأفعال، وبالتالي نسأل: ماآليات الحكومة الفعالة لتحسين الأوضاع المعيشية لملايين الأسر السورية، ولماذا لم تبدأ بتطبيقها عبر مؤسسات التدخل الإيجابي والحماية الاجتماعية؟
علي عبود ـ خاص غلوبال