تدني الجودة ليس جهلاً ولا قلة في المواد الأولية بل نهج تجاري لجني أرباح فاحشة
من يتابع واقع مصطلح الجودة في سورية يرى أن لها أقساماً ودوائر منتشرة في جميع مؤسسات الدولة، وحتى لدى القطاع الخاص، إضافة إلى أن ورشات العمل والمؤتمرات العلمية عن الجودة لا تتوقف طيلة العام، ومع ذلك تجد أن أغلبية المنتجات المطروحة في الأسواق لا تمت للجودة بصلة، إذ إن المواطنين يشترون منتجات بأسعار مرتفعة، وبعد فترة قصيرة يبدؤون إما بصيانتها أو تنسيقها.
خبيرة الجودة الدكتورة شفيعة سليمان أكدت في تصريح لصحيفة «الوطن» أن الممارسات القائمة حالياً بإنتاج منتجات متدنية الجودة ليس سببه قلة الخبرة أو غياب المواد الأولية، بل العملية مقصودة لحصد أرباح كبيرة، وللأسف هذا الواقع تحول إلى ثقافة مع غياب الرقابة على الأسواق، وتم تكريس ممارسات سلبية وسيئة والمواطن يسهم بصمته بتكريس هذه الثقافة.
واعتبرت سليمان أن المنتجات المستعملة التي يبيعها المواطن هناك من يعمل على تدويرها وبيعها من جديد، وعند الشراء نجدها كما يقال «ستوك»، لافتة إلى تداخل البضاعة الصحيحة مع السيئة لدرجة يصعب الفصل بينها بالنسبة للمتسوق العادي أو الذي ليس من أهل الاختصاص.
وحول إمكانية وقف ظاهرة تدني الجودة والغش، بينت أن المعالجة تحتاج إلى قائمة طويلة من الممارسات أو طائفة من التدخلات من شتى الجهات، حتى تكون الممارسة «جودوية» على الأرض، وهناك بعض القضايا تحتاج إلى حلول جذرية لا تسامح فيها، لكون الممارسات السيئة لا تتم عن جهل أو عدم معرفة، بل هي ممارسات مقصودة بقصد الربح الفاحش، والحصول على المال من أقصر طريق من دون النظر إلى المصلحة العامة لسمعة صناعتنا أو تجارتنا وهذا ما يجب أن يوضع له حد.
وأوضحت سليمان أن الصناعة السورية كانت شامة على خد الصناعة العربية والعالمية ومشهود لها لكن جودتها تراجعت، وهناك رشاوى تدفع من أجل التستر من المراقبين في الأسواق على هذا الانفلات وتدني الجودة.
وحول ضبط الجودة في الأسواق، اعتبرت أنه من واجب الجهات الرقابية الرسمية أن تعلم أن أصحاب المصالح لا يسيرون على الطريق الصحيح من دون سن التشريعات والعقوبات الرادعة، وأن الجهات الرقابية تتحمل في الدرجة الأولى هذه المسؤولية، من خلال سحب العينات وعدم التساهل في نتائجها، وتقديم تقارير صادقة وخاصة للمواد الغذائية، وهذا يحتاج إلى تشبيك بين عدة وزارات في الدولة.
وحول انتشار مواد تخالف المواصفات وقد تتسبب بأمراض أو غيره من المشاكل، تابعت خبيرة الجودة بأنهم شركاء في الخطأ لأنه عندما يحدث خطأ جسيم يمس الصحة العامة مثل تزوير تاريخ الإنتاج ولا يعطون رأيها ويرفعون أصواتهم ضد هذا الفعل، فإن هذا الصمت يؤدي إلى تكرار التجاوزات وزيادتها لكون الرقابة رخوة من الجهات المعنية ومن المتضرر.
وفي السياق، بين مصدر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لـ«الوطن» أنه من يشتري أي قطعة وتكون جودتها منخفضة وغير مطابقة للمواصفات المعلنة عنها عليه تقديم شكوى إلى التموين في حال عدم تبديل القطعة أو ترجيعها، والقانون سمح بتحديد مصدر العطل إن كان من الاستخدام أم من سوء التصنيع، وبناء على هذا التحديد يكون القرار إما بمخالفته وإجباره على التبديل وإما لا
الوطن