بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

المهندس رشاد كامل يكتب : الذكاء الصنعي يستبعد قبول النساء للتوظيف، الذكاء الصنعي العربي في الغالب سلفي وسلطوي

الجمعة 02-12-2022 - نشر 2 سنة - 2411 قراءة

تتسارع وتيرة استخدام المعادلة السحر التي أعطت فعلياً قبلة الحياة للذكاء الصنعي في العام ٢٠١٨ وانطلقت الشركات العالمية في سباق محموم في إنجاز تطبيقات تعتمد على الذكاء الصنعي الذي أستطيع فعلياً ان أقول انه اقترب من ان يعي نفسه.

وأتيح لي ان استكشف امكانيات (writer.com) احدى تلك التطبيقات الذكية القادرة على صنع محتوى بأنواعه من مقالات الى اسئلة واجوبة متكررة إلى البيانات الصحفية وصولا الى انتاج اعلانات بمحتوى يفهمه ويعيه..

عندما انهيت التجارب ووضعت ملاحظات وتحاورت مع مؤسس النظام المهندس وسيم الشيخ هذا السوري الرائع، وضح لي امرين، الاول ان النظام يتعلم وهو يتطور مع الزمن، وان كان هناك بعض الأخطاء في الإجابات فتكون بسبب أن تلك الأخطاء موجودة أساسا في نصوص منشورة على الانترنت وهو اعتبرها صحيحة واستخدمها، وأنهم في شركته يعملون بجهد لتنظيف هذه المعلومات وأنه مع الزمن سيتعلم الذكاء الصنعي ما هو الصحيح وما هو الخطأ من المعلومات التي تعلم منها...

وفهمت منه انهم مروا بمرحلتين الاولى في العام ٢٠٢٠ عندما استخدموا طاقات معالجة لمركز معالجة مخصص للذكاء الصنعي من شركة Nvidia ولمدة شهر كامل وذلك لتمكين الذكاء الصنعي ان يعالج ويتعلم من كل المحتوى المتوفر على الانترنت، وعملوا على تنظيف تلك المعلومات لسنتين ليعودوا ويكرروا نفس عملية هضم كل معلومات الإنترنت مرة أخرى بعدما تعلم الذكاء الصنعي أكثر من عمليات التحاور من أكثر من ٧٠ خبير معه...

السؤال الأهم الذي أجابني عليه هل من الممكن ان يعمل الذكاء الصنعي في لغات أخرى ومنها العربية، وجوابه الصادم كان: ممكن، ولكن سيكون بذكاء محدود ومحدد بنوعية المحتوى المتوفر بتلك اللغة على الانترنت...

ولمعلوماتكم وفي دراسة نشرت عن أهم ١٠ ملايين موقع حول العالم، اللغة العربية شكلت فقط ١ بالمئة ، بالمقابل اللغة الانكليزية شكلت 59.5 بالمئة من اللغات العالمية على الإنترنت تليها فورا الروسية بنسبة 5.3 بالمئة وباقي اللغات من اسبانية والمانية ... اقل فأقل..

اذا سباق احتلال المحتوى اليوم أثمر لثقافة اللغة الانكليزية بنسختها الامريكية تحديدا..

فعندما يتعلم الذكاء الصنعي هذه مصادره، هو سيأخذ من نبع ثقافي واحد ومن طريقة تفكير واحدة، وطريقة وصول لقرار، ولتجارب سابقة واحدة..

لن يكون الذكاء الصنعي القادم الا ذكاء صنعي بنكهة اقل ما نقول عليها متبلة بالطريقة الأمريكية..

السنا نحن كذلك كبشر.. الان

فلا لوم على الذكاء الصنعي

في دراسات أخرى تابعتها عن نفس الموضوع، تبين ان العديد من المؤسسات في أمريكا بدأت في فرض قوانين لتعليم الذكاء الصنعي عدم الانحياز ضد السود وضد المرأة وضد المختلف عموما، لانهم اكتشفوا ان الذكاء الصنعي المسكين تعلم من مصادر كانت اساساً مصادر منحازة ضد الأقليات والأعراق الأخرى والمرأة ...

أهم تجربة في هذا المضمار الذكاء الصنعي الذي تم اعتماده في شركة أمازون والذي درس اداء مئات الاف الموظفين على مدى الزمن في امازون وبناء على ما وجده بنى نموذج الموظف الأكثر انتاجية الذي سيتم قبوله في العمل لديهم، ليتبين فيما بعد ان الذكاء الصنعي يستبعد قبول النساء للتوظيف لانه حسب انماط التوظيف التي درسها من ملفات امازون نفسها كانت غير صديقة للمرأة، فتصور الذكاء الصنعي او بالاحرى تعلم ان هذا هو الحال... و الان يتم إعادة تأهيل هذا الذكاء الصنعي ليعدل عن تحفظه عن المرأة في تلك الشركة...

والامثلة كثيرة منها ضد السود والأقليات ومتابعة المجرمين حسب أعراقهم وهي معضلات اخلاقية لا علاقة لها بالذكاء الصنعي فعلاً وانما بما تلقفه وتعلمه منا المسكين.

وبناء عليه، وعندما يسألني الأصدقاء عن الذكاء الصنعي باللغة العربية اجيبهم : سيكون ذكي بما يعادل محتوانا العربي على الإنترنت أي أن ذكاءه سيكون ١ بالمائة بالمقياس العالمي ، لكن الأسوأ من هذا انه سيكون سلفي وربما متطرف أيضا، وإذا ما حللنا المحتوى العربي على الانترنت فسنجد أن ما يسكنه الكثير الكثير من المحتوى الديني بأنواعه ومن مختلف الطوائف وتغزوه الكتب التراثية وثقافة السلف وصولا الى اشعار الجاهلية، وفي الطرف الاخر اخبار واخبار واخبار عن كل انواع السلطات في بلادنا العربية والتي بمعظمها إنجازات وانتصارات، وسباب لإسرائيل والامبريالية...

ما الذي سيتعلمه الذكاء الصنعي من كل المحتوى العربي على الانترنت؟

الحل في ان نحجب المحتوى العربي المتوفر على الانترنت عن الذكاء الصنعي لأن ذلك سيكلفنا عقود من تصليح المفاهيم الني ركبناها بعقل هذا المسكين، الأفضل ان نلجأ لتدريب الذكاء الصنعي العربي قطاعيا، أي ان نأخذ مواضيع محددة، ادبية، قانونية، طبية، اجتماعية .. منتقاة بعناية شديدة تبني صورة العربي الجديد لدى الذكاء الصنعي العربي... ربما نساعده لاحقا في فرز القديم المنتهي الصلاحية من الحديث المطلوب...

لكني اشك بذلك ... فنحن لسنا شعوب تصنع المحتوى ...

لذلك افضل ما سيحدث برأيي هو ان الذكاء الصنعي العربي سيأتينا بشكلين، الاول صناعتنا وسيكون مثلنا سلفي سلطوي، والثاني مستشرق يخاطبنا بالعربية، لكن من ذكاء ووجهة نظر امريكية...

هذا هو الحال اليوم...

خسرنا جولة المحتوى

استسخفنا الاستثمار فيه

وسندفع الثمن الآن ...

رشاد أنور كامل

كانون الأول- 2022


أخبار ذات صلة