علي عبود يكتب.. لن يُصدّق ملايين السوريين إن إيران وروسيا عاجزتان عن تأمين وحماية وصول التوريدات إلى الموانئ السورية
ليست المسألة بنقص التوريدات، وإنما بعدم رصد الإعتمادات لزيادة كميات المحروقات لملايين الأسر السورية، ولمئات الألوف من المنتجين في القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية، وبالتالي فأي وعود بتحسين الكهرباء وتوزيع المشتقات النفطية ليس أكثر من إبر تخدير موضعية لامتصاص غضب الناس!
وسواء أمّت ناقلات النفط والغاز ميناء بانياس، أم تأخرت بالوصول، فالنتيجة واحدة: التقنين الجائر بتوزيع الكهرباء والمحروقات لن يتغير إلا باتجاه الأسوأ!
ولم تعد وزارة الكهرباء تتحدث عن زيادة ساعات الكهرباء، بل بعجزها عن تأمين أكثر من ساعتي وصل مقابل اربع ساعات قطع، بل بشّرتنا مؤخرا بتقنين جائر أكثر فأكثر إن لم تتحسن توريدات الغاز!
أما وزارة النفط، ولكي تستمر بالتقنين الجائر لتوزيع الغاز بما لايتجاوز ثلاث اسطوانات سنويا، فلم تجد من تبرير لفعلتها بعدالتحسن النسبي بتوريدات واكتشفات الغاز، سوى بنقص الإسطوانات تارة، أوبنقص العمالة تارة أخرى، وياليتها كانت صريحة مع ملايين الأسر السورية وكفّت عن حقنها لهم بالوعود المخدرة وأعلنتها مباشرة وبحزم: لن تحصلوا على أكثر من ثلاث اسطوانات غاز سنويا!
وربما سنطالب وزارة النفط قريبا، أي في عز الشتاء، ان لاتخفّض توزيع المحروقات إلى 50 ليتر مازوت وإلى إسطوانتي غاز سنويا، وقد تضطرنا الأيام الباردة أن نترجى وزارة الكهرباء أن تزودنا بساعة وصل واحدة ليلا فقط!!
نعم، تصريحات المسؤولين بوزارتي النفط والكهرباء غير مبشّرة، بل هي تُهيئنا نفسيا لمزيد من التقنين الجائر لأسباب غير معلنة، بل لاتجرؤ على إعلانها !
والسؤال: ماجدوى الإجتماعات الدورية مع روسيا وإيران لتفعيل الإتفاقيات الموقعة معهما أو لتوقيع إتفاقيات جديدة إن لم تنعكس تحسنا بتوريدات نفطية وغازية؟
وإذا كان الأمر يتعلق بإجراء أعمال ترميم وصيانة، أوحتى إنشاء محطات توليد جديدة، فمتي ستُقلع مثل هذه المشاريع في حال كانت وزارتي الكهرباء والنفط جادتين فعلا بإخراجنا من وضع التقنين الجائر الذي يُلحق الخسائر الفادحة بالإقتصاد والعباد؟
لن يُصدّق ملايين السوريين إن إيران وروسيا عاجزتان عن تأمين وحماية وصول التوريدات الأكثر من كافية إلى الموانئ السورية؟
كما لن يُصدق ملايين السوريين بأن إيران التي تُقّدم عروضا مغرية للبنان لإنقاذه من العتمة ستتأخر بإنقاذ السوريين سواء بزيادة التوريدات إو بإعادة تأهيل محطات التوليد وإقامة أخرى جديدة!
ترى ماحقيقة مايجري في وزارتي الكهرباء والنفط المسؤولتان ويمنعهما من إطلاق مبادرات تنهي التقنين الجائر بدلا من تنغيص حياة ملايين السوريين والمنتجين؟
نعم، لم نفاجأ مؤخرا بإعلان الجزائر عن توقيع اتفاقية مع سلوفينيا لتزويدها بالغاز الطبيعي عبر تونس وإيطاليا، مثلما لم نفاجأ بإعلانها منذ سنوات بتزويد لبنان بالمحروقات، لكننا كنا وما زلنا متفاجئين بعدم إبرام وزارة النفط لاتفاقية مع نظيرتها الجزائرية لإمدادنا بالغاز لتشغيل محطات التوليد وإلغاء التقنين الجائر للمحروقات!
واعتقدنا بعد اجتماع وزير النفط والثروة المعدنية المهندس بسام طعمة مع محمد عرقاب وزير الطاقة والمناجم الجزائري في موسكو،وليس في دمشق، بتاريخ 11/10/2022 أننا سنخرج أخيرا من نفق التقنين الجائر، ويبدو إننا كنا متفائلين أكثر مما يجب!!
وكان مبعث تفاؤلنا إن أحد أبرز العناوين التي بحثها الوزيران في موسكو، وليس في الجزائر أو دمشق: تزويد سورية بالغاز المنزلي!
وما زاد من جرعة تفاؤلنا اتفاق الوزيرين السوري والجزائري على تسريع إجراءات الوصول إلى توقيع عقد يتيح تزويد سورية بما تحتاجه بالنظر لامتلاك الجزائر كميات كبيرة من الغاز المنزلي!
وزاد تفاؤلنا بانتهاء التقنين الجائر إلى حده الأقصى بإعلان الوزير الجزائري استعداد الجزائر لاستقبال وفد سوري لإنهاء هذا الموضوع بالسرعة الكلية!!
ولكن سرعان ماعاد الإحباط إلينا مجددا مع التصريحات الأخيرة لمسؤولي وزارتي الكهرباء والنفط فقد بشروننا إن لانهاية قريبة ،ولا حتى بعيدة، للتقنين الجائر للكهرباء والمحروقات ، بل أوحوا لنا إن هذا التقنين سيزداد قسوة في موجات البرد الشديدة والعواصف الثلجية!
الخلاصة: تجاهلت وزارة النفط دعوة الوزير الجزائري، فلم ترسل حتىالآن وفدا إلى الجزائر لتوقيع عقد لتزويد سورية باحتياجاتها من الغاز بالسرعة الكلية، لأنها ليست مستعدة، بل ربما لاتريد إنهاء التقنين الجائر الإلزامي على ملايين السورين والمنتجينَ!!
علي عبود ـ خاص غلوبال