قيمة الاحتياطيات النفطية والغازية قد تصل إلى نحو تريليون دولار!
ما نقل أخيراً عن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك د.عمرو سالم لجهة واقع ثروة الفوسفات في بلادنا يحتاج إلى تصويب وتصحيح، وهذا بغض النظر إن كان الوزير قد قال بالفعل ما نشر حرفياً عن لسانه، أو أن التعامل الإعلامي مع بعض المصطلحات كان خاطئاً.
أولاً يجب أن نعلم أن الفوسفات يتواجد في مناجم وليس في حقول، وتالياً فإن الشركات الروسية والإيرانية تستثمر منجمي فوسفات وليس حقلين، وهذا خطأ مبرر يقع فيه غير المتخصصين في قطاع الجيولوجيا والثروة المعدنية. لكنه عندما يصدر عن مسؤول يعطي انطباعاً مختلفاً.
أما ما يتعلق بواقع هذه الثروة في بلادنا، فإن البيانات والوثائق الرسمية تؤكد أن الاحتياطيات المكتشفة تقدر بنحو 1.8 مليار طن، وهي تنتشر في عدة مواقع من بادية تدمر، أهمها: مناجم الصوانة الشرقية وخنيفيس. ووفقاً لوسطي سعر الطن الواحد من الفوسفات والمقدر بنحو 60 دولاراً، فإن قيمة الاحتياطيات القابلة للإنتاج تصل إلى نحو 100 مليار دولار، على حين أن الاحتياطيات النفطية المتبقية والقابلة للإنتاج تقدر بنحو 2.5 مليار برميل، أي ما قيمته نحو 225 مليار دولار بناء على السعر العالمي لبرميل النفط حالياً، والمقدر بنحو 90 دولاراً.
ووفقاً للتقديرات الإحصائية الرسمية، فإن حجم الاحتياطيات السورية المتبقية من الغاز الطبيعي والقابلة للإنتاج تصل إلى ما يقارب من 220 مليار متر مكعب، أي ما قيمته بناء على السعر العالمي للغاز حالياً نحو 572 مليار دولار، هذا إذا كان سعر المتر المكعب من الغاز نحو 2.6 دولار. وعليه فإن قيمة الاحتياطيات النفطية والغازية قد تصل إلى نحو تريليون دولار، لكن من الضروري التوقف عند النقاط التالية في مقاربة ملف الثروات النفطية والمعدنية:
-هناك طاقة إنتاجية يومية متباينة بين حقل وآخر أو منجم وآخر، لا يمكن تجاوزها أياً كان حجم الاحتياطيات المكتشفة، وتالياً فالأرقام الإجمالية السابق ذكرها لا يمكن استثمارها بكليتها، لأنها في واقع الأمر عبارة عن إيرادات مجزأة زمنياً؛ فمثلاً هي في النفط مجزأة على نحو 18 عاماً، بحصيلة إنتاج يومي يصل إلى 285 ألف برميل.
-جزء كبير من هذه الثروات هو لتغطية احتياجات السوق المحلية كالنفط والفوسفات، وأحياناً لا يصدر منها أي كميات، لا بل ويجري استيراد بعض الكميات من الخارج لسد الحاجة المحلية كما هو الحال مع الغاز الطبيعي، وتالياً فإن المنفعة الاقتصادية لهذه الثروات ليس في تصديرها خاماً، وإنما في إسهاماتها في تحريك العجلة الإنتاجية الداخلية.
-تباين أسعارها عالمياً بين فترة وأخرى، وخير مثال على ذلك النفط الذي وصل سعره في بعض السنوات إلى ما يقل على 30 دولاراً للبرميل، ثم عاد تحت ضغط الأزمات المختلفة ليتجاوز عتبة 100 دولار، ولذلك فقيمة الاحتياطيات والإيرادات هي متباينة بين شهر وآخر، وخاضعة لمتغيرات وعوامل عديدة.
مجمل القول: ليس من المفيد أن يجري تضخيم حجم الثروات والموارد الوطنية كما حدث قبل سنوات، عندما بدأ الحديث عن الاكتشافات النفطية والغازية في المياه الإقليمية لبعض دول البحر المتوسط كسوريا، لبنان، فلسطين المحتلة، قبرص، تركيا وغيرها؛ فمثل هذا التضخيم يمكن أن تنعكس أثاره سلباً على توجهات ومواقف الرأي العام المحلي، الذي يعاني أفراده الأمرَّين في تأمين لقمة العيش، ثم يأتي من يقول إن البلاد “تنام” على ثروات كبيرة.
يشار إلى أن موقع “هاشتاغ” نقل عن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عمرو سالم قوله إن ما يشاع في بعض وسائل التواصل الاجتماعي عن استثمار الروس والإيرانيين للفوسفات السوري أمر غير صحيح، مبيناً أن روسيا وإيران تستثمران “حقل” فوسفات واحد لكل منهما، وأن هذا الأمر يجري كنوع من رد الديون، عوضاً عن الدفع النقدي، مضيفاً أن “لدى سوريا احتياطي هائل من الفوسفات يفوق النفط، والحقلين المُستثمَرين لا يشكلان إلا جزءاً صغيراً من حقول الفوسفات في سوريا”.
أثر برس - زياد غصن