بهجت سليمان يكتب .. ليس دفاعا عن الأسد
كتب السفير السابق في الأردن الدكتور بهجت سليمان .. مخطئ مَنْ يَظُنّ أنّ الدفاع عن الوطن، في مختلف الميادين العسكرية والسياسية والدبلوماسية والفكرية والثقافية والإعلامية، في مواجهة هذه الحرب الضَّرُوس التي يَشُنّها المحور الصهيو - أميركي وأذنابه، على سورية، هي دفاع عن الرئيس بشّار الأسد.
والأمـرُ بِخِلاف ذلك تماماً، لِأنّ المسْتَهْدَف هو (الوطن) الكبير والصغير، وليس (الرئيس الأسد).
ولو أنّ الرئيس ارْتضَى التفريط بالوطن، أو ارتضى الانحراف بسفينة الوطن، صَوْبَ المَسار التّابع الخانع المذعِن للمحور الصهيو - أميركي، لَمَا كانت حَمْلة الشّيطنة والأبْلسة، غير المسبوقة في التاريخ ، التي تَعَرَّضَ لها ، قَدْ قامت أو حَدَثَتْ..
لا بل ، كانت الأمور ستجري، حينئذ، بِعَكـسِ ذلك تماماً ، أي أنّ حَمْلَةً بل حَمَلاتٍ كبرى، إعلامية وسياسية ودبلوماسية، كُنّا سَنَراها وسنعيشها، تجعل من الرئيس الأسد، حينئذ، زعيماً فريداً من نوعه في العالم، لا يُشَقُّ له غُبار، وكان سيُمْنَح "جائزة نوبل" التي مُنِحَت لأنور السادات ومناحيم بيغن وشمعون بيريز.
- وهذا يعني أنّ الرئيس الأسد، هو مَنْ يُدافع عن الوطن وعن الشعب وعن العرب وعن الإسلام وعن المسيحية، بُحُكْمِ مَوْقِعِهِ ومَوْقِفِهِ وخِيارِهِ وقَرَارِه، ولذلك جرى ويجري استِهْدافُهُ في إطار استهداف الوطن والأمّة..
والرئيس الأسد يقف في طليعة المدافِعين عن الوطن، ويَصُون الأمانة الكبرى التي حَمَّلَهُ إيّاها السوريّون، ويُدَافِعُ مِثْلَهُمْ ، عَبـْرَ موقعه على رأس جحافل الجيش السوري وفي مُقَدِّمة ملايين المدافعين من أبناء الشعب السوري.
- وكلّ مَنْ يُدافع عن الوطن، يقوم بواجبه.. وكلّ مَن يتخاذل في الدفاع عن الوطن، يخون الأمانة..
وكلّ مَن ينشقّ عن الوطن وينضمّ إلى أعداء الوطن، تَحِلُّ عليه لعنة الله والأمّة والتاريخ والوطن.
وأمّا حُثَالات معارَضات النّاتو، وامتداداتُها الأعرابيّة المتفسّخة، فهي آخِرُ مَنْ يَحِقُّ له في هذا لعالَم، التحدّث عن الديمقراطية والحرية والكرامة، لأنّهم باعوا الوطن بِمَا فيه وَمَنْ فيه، وباعوا أنفسهم لأعداء الحرية والديمقراطية والكرامة، من ثعابين الاستعمار الجديد ، وأذنابه الأعرابيّة المتهتّكة المتعفّنة.
- والحقيقة الساطعة هي أنّ "ثُلاثِيّة": ( الاستبداد - الفساد – التّبعيّة)
كانت تسود، بدرجات متباينة، في جميع الدول العربية من المحيط إلى الخليج، ما عدا دولةً واحدة هي "سوريّة" التي لا نقول بأنّها كانت مَلَاكا، لكنّها لم تكن تابِعةً بل مستقلّة، ولا مستبدّة ولا ديكتاتوريّة على صعيد صناعة القرار السياسي، بل كان هناك تَغَوُّلٌ أمنيّ فَرَضَ نفسه وفَرَضَتْه الظروف والتحدّيات التي مرّت بها سورية خلال العقود الماضية (وأنا هنا لا أُبَرِّر بل أُفَسِّر)...
وهناك فساد لا يُنْكِره أحد، وهو موجود في مختلف بقاع الأرض بدرجات متباينة، ولكنّ المشكلة لا تَكْمُن في وجود الفساد، بِقَدْرِ ما هي في الموقف من الفساد..
وإذا كانت الصِّيَغ السابقة في مكافحة الفساد، لا تُرْضِي شرائحَ وطنيّة واسِعةً، فإنّ هذه الشرائح قادرةٌ، من الآن وصاعِداً، على أن تضعَ الصّيغة أو الصِّيَغ التي تراها مناسِبة وملائمة ومفيدة وناجعة في مواجهة الفساد وفي محاربته، أينما كان وحيثما كان.
- والسؤال الأكبر الآن: هل الوقت هو وقت الحديث عن ذلك، أم عن التحدّي الوجودي المصيري الذي يواجِه الوطن والشعب والأمّة؟
إنّ التحدّي الأعظم الذي نواجِهُه الآن، هو تَحَدٍ وجوديٌ مصيريٌ..
وعندما يتحقق الانتصار القادم والساطع، يستطيع الشعب السوري، بجميع قُواه الحيّة، صناعةَ واجتراح وتخليق الصيغة السياسية المناسبة التي يرتئيها لنفسه، وليس الصيغة التي ارتآها أو يرتئيها له أعداء سورية الذين سَمَّوا أنفسهم "أصدقاءها!".
- وهذا لا يعني مطلقا، الإستسلام حاليا أمام غول الفساد الذي تضاعف في ظروف الحرب الطاحنة على سورية، بل يعني وضعه في إطاره الصحيح، من حيث مواجهته بما بصلب ويحصن الموقف الوطني الدفاعي الذي تقفه الدولة الوطنية السورية، والذي حمى سورية من الإنهيار والتلاشي.
(تضحيات سورية الأسطورية)
- من الضروري جداً أن نضع النقاط على الحروف، في ما يَخُصُّ دَوْرَ حُلَفَاء سورية وأصدقائها، الذين قدّموا مختلف أنواع الدعم والإسناد للشعب السوري وللدولة الوطنية السورية، في مواجهة الحرب الكونية العدوانية الإرهابية على سورية.
- ولكنّ هذا الدور المُشَرِّف لا يُخـفِي نَفْسَه، ولا يُخْفِيهِ أصْحابُهُ، وليس سرا ولا عيبا، بل هو واضح وظاهر للعيان من جهة، ومبعث فخر واعتزاز السعب السوري، من جهة ثانية.
- وأمّا ما ليس واضِحاً، للجميع ، فهو الدور الهائل للدولة الوطنية السورية، في ما يَخُصُّ حلفاءها وأصدقاءها، خاصّةً وأنَّ التضحيات السورية الهائلة، بدماء وأرواح عشرات آلاف الشهداء، والتي حَقَّقَّتْ صموداً أسطورياً، في مواجهة الحرب العدوانية الإرهابية على سورية.. هذه التضحيات وهذا الصمود:
1 - وَضَعَ "روسيا" على قَدَمِ المساواة مع "الولايات المتحدة الأمريكية" على رأس قمّة الهرم العالمي.
2 - وجعل من "الصين" قُطْباً هاماً في السياسة وليس في الاقتصاد فقط.
3 - وحَصَّن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية" ومَنَعَ الاستفراد بها، لا بل دَفَعَ " واشنطن" للبدء بتغيير سياستها السابقة، المفرطة في العدوانية، تجاه إيران، والبدء بِرَدْمِ الخنادق وإزالة الأسوار التي تفصل بين "واشنطن" و"طهران"، رغم الجعجعة الإعلامية والدبلوماسية الأمريكية تجاه إيران .
4 - وحمى "حزب الله" من الحصار والتطويق ومحاولات الخَنْق التي كانت مُبَيَّتَةً ومَرْسُومَةً، لأشْرَف وَأَنْبَل وأعـظم مقاومة في هذا العصر.
- صَحِيحٌ أنّ الضريبة التي دَفَعَها السوريّون، مُقَابِلَ ذلك ، كانت باهظة جداً جداً، ولكنّ الصحيح أيضاً، أنّ السوريين ، كانوا هم أصحاب الفضل الأوّل والأكبر، في صياغة عالَمٍ جديد، لا يهيمن عليه ويتحَكّم به، كُلِّياً، المحور الصهيو - أميركي..
وستكون "سوريّة الأسد" هي الرَّحِم الذي سوف يُنْجِبُ نظاماً عربياً جديداً، ليس تابعاً ولا خانِعاً، بل نظامٌ جديد مستقِلّ ومُتَحَرِّر من الوصاية النفطية الغازية، التابعة بِدَوْرِها للمحور الصهيو - أميركي..
مهما بدت الأمور الآن، بعكس ذلك ، ومهما حاول المحور الصهيو - أميركي وأذنابه الأعرابية، الإنتفاخ والظهور بمظهر المتحكم بشؤون العالم والمنطقة.
(سورية... ورفع السقف الأميركي)
- هذا النوع من التصعيد و رفع السقف الأميركي الجديد في التهجم على سورية، لا قيمة عملية له، إلا ككلام إدارة أوباما السابقة حول رحيل الأسد.
- والغاية منه الآن: هو رفع سقف المطالب الأمريكية من جهة للحصول على بعض ما يريدون..
وثانيا: ل شد أزر ورفع معنويات عصاباتهم الإرهابية في سورية، التي تتكبد الهزائم المتلاحقة..
- وأما روسيا - فليس الأمر كما يتخوف البعض -.. وهي لا تستطيع الغدر بنا، حتى لو أرادت.. فكيف بها وهي لا يمكن لها أن تفكر بالغدر بنا؟!
()"1958 -- 1954": الفترة الديمقراطية الذهبية في سورية(
- تلك الحكومات التي "صرعونا" بالحديث عن "الفترة الديمقراطية الذهبية!!" في سورية بين "1958 - 1954"..
- كانت عبارة عن "كراكوزات" تدار من الخارج أولا، وكان الثقل الأساسي، حينئذ في البلد، للجيش والإستخبارات ثانيا..
- بحيث يذهب وفد من الضباط السوريين، معظمهم من قادة القطعات العسكرية، إلى مصر لإقامة الوحدة بين سورية ومصر، ليس فقط بدون موافقة رئيس الجمهورية حينئذ "شكري القوتلي" وبدون موافقة الحكومة ورئيسها حينئذ "صبري العسلي"، بل وبدون معرفتهما..
- وبعد اتفاق وفد الضباط السوريين مع "عبد الناصر" على الوحدة، جرى إبلاغ رئيس الجمهورية "شكري القوتلي"، بأنه سيتم "تكريمه" بمنحه لقب "المواطن العربي الأول" عندما سيتنازل عن الرئاسة في سورية ل جمال عبد الناصر.. وهذا ما حصل.
ضباط الوحدة
زار القاهرة، الوفد العسكري السوري، المؤلف من:
- اللواء عفيف البزري
- المقدم جادو عزالدين
- المقدم حسين حدة
- المقدم طعمة العود الله
- المقدم جمال الصوفي
- المقدم مصطفى حمدون
- المقدم عبد الغني قنوت
- المقدم أمين الحافظ
- المقدم نور الله حاج ابراهيم
- المقدم ياسين فرجاني
- المقدم بشير صادق
- المقدم محمد النسر.
وصلوا إلى القاهرة سرا، بدون علم الحكومة السورية، بتاريخ: "13" كانون الثاني/ يناير عام "1958" وبقوا هناك ثلاثة أيام حتى تاريخ "16" من الشهر نفسه، وقابلوا عبد الحكيم عامر وجمال عبد الناصر، واختتمت اللقاءات بالإتفاق العام على الوحدة بين مصر وسورية..
وبعد الإتفاق على ذلك، جاء وزير الخارجية السوري حينئذ "صلاح البيطار" إلى القاهرة، لتوقيع ميثاق الوحدة بالأحرف الأولى بين سورية ومصر.
"فينكس"