وجبة الإفطار الواحدة تساوي عشرة أضعاف الأجر اليومي للفرد.. والأسعار ترواح مكانها رغم تراجع سعر الصرف إلى أدنى مستوياته منذ شهرين!...
لازالت الأسعار في الأسواق مستقرة بعد أن شهدت تراجعاً بسيطاً أول شهر رمضان، ورغم تراجع سعر الصرف إلى أدنى مستوياته منذ نحو الشهرين إلا أن الأسعار لم تعد إلى ماكانت عليه سابقاً، لكنها تراجعت بنسبة بين 20_30% فقط، بينما سجل ارتفاع بعض السلع أكثر من 100% ولبعضها الآخر حوالي ال60% على أقل تقدير.
تشهد الأسواق بشكل عام إقبالاً لا بأس فيه، ولعل الشهر الكريم زاد من إقبال الناس على الشراء رغم غياب العديد من الأطعمة عن موائد السوريين هذا العام..
حيث غادرت اللحوم الحمراء في العام الماضي غالبية موائد السوريين إذ أنها أصبحت تعد ترفاً لا يمكن توفير ثمنه من قبل العديد من المواطنين، قبل أن تلحق بها اللحوم البيضاء هذا العام بعد أن سجل سعر كيلو الفروج 6300ل.س، فيما أصبحت الأصناف الأخرى كالبيض الذي سجل 7300ل.س والحلاوة 12000مجرد ضيوف على الموائد بين الفينة والأخرى... فيما استقرت أسعار الخضروات الأساسية عند آخر هبوط سجلته منذ نحو أسبوع، فالبطاطا تراوحت أسعارها بين 800 - 1200 ليرة سورية، والباذنجان عند 1800ل.س،أما الزيوت فبقيت مستقرة أيضاً عند مستوى آخر هبوط سجلته، فالزيت البلدي استقر عند 14000ل.س للكيلو الواحد فيما الزيت النباتي استقر عند9300ل.س للكيلو الواحد أيضاً.
رغم التراجع الجزئي الذي سجلته الأسعار إلا أن أصحاب الدخل المحدود يقفون حيارى في الأسواق بحثاً عن السلعة الأرخص، إذا أن سلة المواد الغذائية الأساسية التي كانت تحتوي على الخبز والأرز والعدس والزيت بنوعيه والسمنة والسكر والشاي ارتفع سعرها بنسبة فاقت ال200% مقارنة بالعام الماضي، وهي تكلف الآن أكثر من ضعف الراتب الشهري للموظفين، كما ارتفعت أسعار منتجات الألبان والفاكهة بشكل مبالغ فيه. أما الخبز الذي يعد من المنتجات المدعومة، فضلاً عن كونه أرخص مصدر للسعرات الحرارية، فبات الحصول عليه يتطلب قضاء ساعات انتظار في طوابير طويلة، أو شراءه من السوق السوداء بسعر يزيد عشرة أضعاف عن سعره الحقيقي...
ومع تراجع القوة الشرائية لليرة السورية لم يعد راتب الموظف يكفي ثمناً لإفطار يوماً واحداً في شهر رمضان مقارنة مع أيام هذا الشهر الفضيل قبل عقد من الزمن. فإذا اعتبرنا أن المكون الأساسي الذي كان يقاس عليه حاجة الفرد للغذاء هو نصف فروج فيما مضى، حيث كان سعره قبل عام 2011 هو 150 ل.س، وكان راتب الموظف وقتها حوالي 15000، ليرة فإذا كان لدينا أسرة مكونة من 5 أشخاص فهي بحاجة إلى 750ل.س ثمن وجبة طعام متكاملة، أما اليوم فثمن نصف الفروج هو 8000ل.س أي أن الأسرة المذكورة بحاجة إلى 40 ألف ل.س ثمناً لوجبة إفطار واحدة من هذا المكون .. وهي تأتي على راتب الموظف بكامله إذا ما فكر أصحاب الدخل المعدوم باسترجاع ذكريات الماضي القريب.. أي أن راتب الموظف لم يعد يكفي ثمناً لوجبة طعام واحدة متكاملة..
أما تكلفة الطبخة الواحدة فوصلت إلى عتبة ال 25 ألف ليرة، ما يعني أن راتب الموظف هنا بمقدوره أن يشتري مكونات طبختين فقط بالشهر، ومع ذلك يستغرب العالم من قدرة المواطن السوري على التكيف مع الحياة، ما يزيد إيمانناً إيماناً بقدرة الأقدار على تصريف أمور الكون عندما تعجز العلوم المادية عن إيجاد الحلول الصحيحة لمعادلة حياة المواطن السوري..
المشهد