السوق السوداء تزدهر.. والإجراءات الحكومية محاربة من وراء الكواليس!...
تدأب الحكومة في الفترة الأخيرة على إدارة الموارد المتاحة بين أيديها لإيصالها للمواطنين على الوجه الأمثل، وإن كنا لسنا بصدد انتقاد سوء إدارة هذه الموارد الآن إلا أن ذلك يعتبر أحد أهم أسباب ازدهار السوق السوداء في هذه الأيام، ولا أعتقد أن الحكومة غافلة عن هذا الأمر، لكن الموضوع بحاجة إلى الضرب بيد من حديد للجم تجار هذه الأسواق ووضع حد لهم بعد أن أصبحت لقمة عيش المواطن مرهونة بأيديهم..
إما عليك انتظار رسالة الفرج عزيزي المواطن، وإما عليك الذهاب إلى السوق السوداء، فكل شيء متوفر هناك، خبز، بنزين، مازوت، غاز.....إلخ، وقد حاولت الحكومة إيصال الدعم إلى مستحقيه من المحروقات مؤخراً للقضاء على السوق السوداء لمادتي البنزين والمازوت إلا أن ذلك لم يقض على هذه السوق بعد مضي خمسة أيام على تطبيق الآلية الجديدة لتوزيع هاتين المادتين، لا على العكس.. بل انعكست سلباً على أجور النقل، فباتت أجرة أقصر طلب في سيارات الأجرة (التكاسي) تصل إلى عشرة آلاف ليرة سورية وسطياً، أما الطلبات التي تتعدى ال10كيلو متر فوصلت أجرة الطلب إلى عشرون ألف ليرة سورية، وقال بعض أصحاب سيارات التكاسي الذين التقينا أن تنكة البنزين (20 ليتراً) وصل سعرها إلى 90 ألف ليرة سورية في السوق السوداء..
و لا يبدو الحال أفضل بالنسبة للسرافيس، فقد رفع السائقون أجور النقل بنسبة 100%، بدعوة أنهم يشترون المازوت من السوق السوداء ب2500 ليرة لليتر الواحد، والشيء المؤسف أن المعنيين ولدى عرض المشكلة عليهم طلبوا من المواطن أن يشتكي، تاركين الحبل على الغارب للصدام بين السائقين والمواطنين وكل منهم يشد اللحاف إلى طرفه..
أما سوق الخبز فهي حكاية أخرى، فقد وصل سعر ربطة الخبز في السوق السوداء إلى 1000 ليرة للربطة الواحدة، وكانت ربطات الخبز تخرج من الباب الخلفي للفرن خجلاً وحياءً، أما اليوم فبات الخبز يخرج لتجار أزمة الخبز على عينك يا تاجر، ويقف المواطن حائراً متسائلاً عن الرقابة والعصا التي تلوح بها الجهات المعنية..
أما أسطوانة الغاز فوصل سعرها أيضاً في السوق السوداء إلى 40 ألف ليرة سورية، وهي متواجدة بشكل دائم.. وما عليك عزيزي المواطن إلا أن تقبض راتبك الشهري وتشتري به أسطوانة غاز، وكم يتساءل مواطنون عن الميزان الذي تكيل به الحكومة لتعطي عائلة مكونة من 5 أشخاص وربما أكثر جرة واحدة بنفس المدة التي تعطي فيها جرة غاز لعائلة مكونة من شخصين مثلاً؟..
السوق السوداء أصبحت هي السوق الطاغية في البلاد، ولا يكفي أن تؤمن الحكومة مصادر الطاقة فحسب، بل يجب أن تشرف على توزيعها، وتتأكد من وصولها بشكل كامل لأصحابها من خلال عينات عشوائية، فكم من تنكة بنزين أو مازوت وصلت لمستحقها (16) ليتراً وربما أقل من ذلك، وكم من جرة غاز تفاجأ صاحبها بنفادها وهو لم يكد يستخدمها، وكم من ربطة خبز نقص وزنها أكثر من نصف كيلو، فتجار السوق السوداء لا يعجزون، بل يبدعون بطرق سرقة المواطن في زمن مات فيه الأخلاق والضمير.
المشهد