أسس زيادة الأجور الحقيقية
هناك ثلاثة ثوابت أساسية تحكم مسألة زيادة الأجور الحقيقية:
1- الحد الأدنى للأجور والحد الأدنى لمستوى المعيشة:
المؤشر الذي ينبغي أن تقاس به الأجور الحقيقية، ليس عدد الوحدات النقدية أو الرقم المطلق للأجر، لأنّه مجرد رقم لا معنى له دون قياسه بالقيمة الشرائية، أي: إلى قدرته أو قوته الشرائية للسلع والخدمات التي تؤمّن الحدّ الأدنى المطلوب للمعيشة.
فإذا كان الأجر مئة ألف ليرة شهرياً، وكانت المئة ألف ليرة تشتري خمس دجاجات، فإنّ الأجر يساوي هنا خمس دجاجات، ولا معنى لرقم أو عدد الوحدات النقدية.
بالنسبة للحد الأدنى لمستوى المعيشة، تعددت المقاربات لتتقاطع عند مستوى (600000) ليرة شهرياً، لأسرة من 3 أشخاص، وهذا الرقم يختلف وفق المحافظات السورية، ففي مدينة دمشق قد لا يكفي هذا الرقم شخصاً واحداً فقط.
وإذا علمنا أن متوسط الأجور للعاملين في القطاع العام (وهو متوسط أجر بدء تعيين وسقف الأجر للفئة الأولى+ أجر بدء تعيين وسقف الأجر للفئة الخامسة ÷ 2) لا يزال يراوح عند حدود 50 ألف ليرة سورية، فإن هذا المتوسط يعادل في قدرته الشرائية حوالي (700) ليرة فقط عام 2011، في حين أن متوسط الأجور في عام 2011 يعادل في قوته الشرائية حوالي (2) مليون ليرة عام 2021.
2- ربط الأجور بالأسعار (معدل التضخم):
إن ربط الحد الأدنى للأجور بالحد الأدنى لمستوى المعيشة ليس كافياً، فهناك نسبة تضخم طبيعية تتراوح بين (3-5%) وهذا ما يستدعي إعادة تقييم الحد الأدنى لتكاليف المعيشة كل فترة وربطه مع المستوى العام للأسعار ومعدل التضخم، وأن يتم تعديل الأجور آلياً، وهذا معمول به في سورية حيث تزداد الأجور كل سنتين بمعدل (9%)، لكن مع سقف يصله الأجر بعد حوالي تسع ترفيعات.
3- مصدر تمويل زيادة الأجور:
تمويل زيادة الأجور يجب ألّا يكون من خلال طباعة أوراق نقدية دون رصيد أو دون إنتاج حقيقي للاقتصاد القومي، وإلا كان التمويل تضخمياً وبالتالي ستكون الزيادة وهمية أي زيادة في عدد الوحدات النقدية دون قوة شرائية، وهذا ما يقود لارتفاع الأسعار بمعدل أعلى من معدل زيادة الأجور الاسمية وبالتالي ستلتهم الأسعار أي زيادة في الأجور.
ما الحل إذاً؟
وكيف يمكن زيادة الأجور الحقيقية؟
في علم الاقتصاد هناك أحد احتمالين لا ثالث لهما:
1- تحقيق نمو اقتصادي سنوي يسمح بتخصيص جزء من هذا النمو في زيادة الأجور.
2- إعادة توزيع الدخل القومي لمصلحة الفئات الأقل دخلاً.
زيادة الأجور ممكنة، وبمعدلات جدية، حين تكون هناك إرادة للإصلاح الضريبي، التخلي عن مبدأ التوظيف الاجتماعي والتخلص من البطالة المقنعة، تعديل سياسة الدعم الاجتماعي واستبدال الدعم السلعي بدعم نقدي، تنظيم الاقتصاد الخفي أو اقتصاد الظل.
صحيفة الثورة