انتقادات حادة واتهامات بالفساد نواب: الحكومة إما أنها تتعاطف مع التجار وإما غير قادرة عليهم
كان أداء وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تحت مجهر أعضاء مجلس الشعب الذي وجه بعضهم لها العديد من الانتقادات الحادة وصلت في بعضها إلى توجيه تهم بالفساد إضافة إلى الانتقادات الموجهة لأداء المؤسسة السورية للتجارة، معتبرين أن الحكومة لم تلتزم بالشفافية فيما يتعلق في موضوع الأسعار حتى إن كلام رئيس الحكومة كان بعيداً عن ذلك في جلسة أمس الأول «حسب أحد النواب».
المداخلات الحادة التي وجهها بعض الأعضاء في جلسة أمس التي خصصت لمناقشة أداء وزارة التموين دفعت الوزير إلى أن تكون ردوده في بعضها حادة لدرجة أن النائبة غادة إبراهيم اعترضت عليه بقولها: يبدو أن الوزير يحدثنا وكأننا خارج البلاد ولا نعلم أن هناك حرباً».
وقال النائب آلان بكر: من الواضح أن الدور التشريعي سوف ينتهي من دون أن تنتهي الهموم والمشاكل التي تم طرحها بداية الدور في عام 2016 والتي يتم تكرارها، مضيفاً: بل على العكس هناك بعض المشاكل تفاقمت.
وأضاف بكر: نعلم بالحصار الجائر والحرب على سورية وكيف أن أعداء سورية يخططون في كل لحظة لتشديد العقوبات على الشعب السوري لكن هناك إجراءات لو تتخذها الحكومة قد تخفف من معاناة الشعب، مشيراً إلى أنه من غير المقبول أن يأتي شخص ليأخذ 5 آلاف طن من السكر من دون أي وثيقة، فهذه أموال الشعب ذهبت هكذا، مضيفاً: يبدو أن الشعب له الله.
ولفت بكر إلى أن بسطة في السوق حينما تأخذ كمية معينة من المواد فإنه توثق ذلك ببيان ووثيقة فكيف تم إعطاء هذه الكمية من السكر من دون وثيقة رغم أن الموضوع مضى عليه فترة إلا أنه لم يحل إلى الآن.
وأضاف بكر: هل يعقل أنه لم نجد طريقة حضارية توزيع الغاز حتى لا يقف المواطن في البرد ويلوم الحكومة ومجلس الشعب على هذه الوقفة وعلى التقصير، داعياً إلى عدم ضرب المواطن منية أن هناك دعماً قائلاً: والله نحن نستفز المواطن وكان اللـه بعون القائد بشار الأسد علينا وعلى الحكومة.
ورأى النائب مجيب الرحمن الدندن أن الحكومة لم تلتزم بالشفافية التي وجه بها الرئيس بشار الأسد وذلك عندما انخفضت القوى الشرائية خلال الشهرين الماضيين إلى نسبة 100 بالمئة والأسعار تتضاعف أكثر من ذلك وبقينا أمام إجراءات وتصريحات حكومية بعيدة عن الشفافية.
وأضاف الدندن: يجب أن نكون شفافين وصريحين مع المواطن الذي صمد طوال هذه السنوات وهو قادر على الصمود لذلك، مشيراً إلى أن الحديث الذي تحدث به رئيس الحكومة بجلسة الأول من أمس بعيد كل البعد عن الشفافية، والإجراءات المتخذة ضعيفة.
الدندن لفت إلى أن الكثير من النواب طالبوا الحكومة بدعم زراعة القمح حتى إنه كان هناك خطأ في عملية التسويق في الموسم الماضي ما دفعنا إلى الاستيراد، مشيراً إلى أن الأغنام والعواس تهرب وأنه من الممكن أن يحدث ذلك مشكلة.
ورأى النائب صفوان قربي أن المؤسسة السورية للتجارة مخترقة بامتياز وذاكرتنا القريبة والبعيدة عنها لا تبشر بخير رغم كل الدعم المادي الكبير وتعويض وترقيع خسائرها الضخمة رغم أنها هي ذراع التدخل الرئيسة، مشيراً إلى أن التدخل الإيجابي عنوان كبير يحتاج إلى أدوات عمل وإمكانيات مادية وإدارية.
وأكد قربي أن «السورية للتجارة» لا تملك العدد الكافي من منافذ التدخل وأنه لابد من طرح مشكلة العدد ليكون توزيع المواد المدعومة بيسر وسهولة وكرامة مقبولة، متسائلاً: هل يتناسب الوقت المهدور المتوقع للاستلام مع هامش التوفير المادي للمواطن البسيط.
وتساءل النائب فارس الشهابي هل يتم توزيع المواد بشكل صحيح في منافذ البيع رغم أن عدد الصالات 1250، مشيراً إلى أن هناك ديوناً على المؤسسة بـ30 مليار ليرة كما أنها غير مؤتمتة حتى هذه اللحظة إضافة إلى أن هناك تعاقداً مع 22 شركة صناعية فقط.
وأضاف الشهابي: إذا أردنا أن نخفض الأسعار في السورية للتجارة يجب ألا نشتري من التاجر بل من المنتج والمزارع، أما نحن فنشتري من التجار، مشيراً إلى أن هناك عدة جهات تضع يدها على هذه المراكز إضافة إلى أن هناك العديد من المشاكل لم تحل بعد الدمج.
ولفت الشهابي إلى أنه يتم محاسبة المؤسسة على أنها مؤسسة اقتصادية ونقول إنها تخسر ولا تعمل رغم كل القيود الإدارية والمحاسبية والتدخلات، داعياً إلى إعادة هيكليتها قانونياً ومحاسبياً وإعطائها كل المرونة، مضيفاً: وإلا فإننا لا نستطيع ضبط الأسواق لأن ضبطها لا يتم عبر الرقابة التموينية بل يكون عبر مراكز بيع.
واعتبر زميله أحمد هلال أن نوعية الطحين والخبز غير جيدة وأشار إلى التفاوت في الأسعار بين محل وآخر ومنها ارتفاع أسعار البيض والبطاطا والفروج، مشيراً إلى موضوع فقدان الغاز في الأسواق.
وتساءل النائب شحادة أبو حامد: هل يوجد نية لتأمين حاجة المواطنين وتحسين عمل الوزارة ومحاسبة الفاسدين المعروفين بالاسم والوظيفة؟ وهل توقف عمل الوزارة الإيجابي في تأمين السلة الغذائية فقط وتم التخلي عن دورها الأساسي في تحقيق التوازن في السوق ومنافسة التجار؟
ورأى النائب عمار الأسد أن المشكلة تلخص في أمرين إدارة الموارد وضبط الأسواق، مضيفاً: هنا نتكلم عن لقمة عيش المواطن التي تنتج محلياً، وتابع: لماذا دائماً نتحدث عن التاجر فالقصة عند المستورد وبالتالي القصة مركبة.
وأعرب عمار الأسد عن أمله أن يكون هناك تأهيل للكوادر باعتبار أن هناك مشكلة في كوادر الوزارة فلا يجب تحميل كل المسؤولية للوزير، وهناك أدوات ضعيفة، مشدداً على ضرورة أن يكون هناك ضبط حقيقي. فليس من المعقول أن ننزل الجيش الباسل إلى الأسواق لضبطها وبالتالي لا بد من وجود كوادر مؤهلة لضبط الأسواق.
وأضاف عمار الأسد: المشكلة اليوم بالناس الفقراء الذين لايستطيعون تأمين قوت يومهم وبالتالي يجب أن يكون هناك إستراتيجية وأدوات فاعلة على الأرض.
ورأى النائب جمال يوسف أن الحكومة إما متعاطفة مع التجار وإما غير قادرة على محاسبتهم، لافتاً إلى أن أهل قريته تمنوا أن يحاسب ولو تاجراً واحداً وهم مستعدون أن يأكلوا الحشائش.
وقال النائب محمد صالح الراعي: لم نسمع من عرض الوزير شيئاً عن مشكلة الغاز في ظل عدم توفر الكهرباء والمازوت، مشيراً إلى أن عدد صالات السورية للتجارة قليلة.
وأشار الراعي إلى أنه سمع أن هناك رخصاً شكلية لمحال تجارية لأفران ودكاكين لمعامل حلويات وحدادين يعبأ لها الغاز من الأسطوانات الكبيرة أكثر من المواطنين.
ورأت النائبة غادة إبراهيم أن ما يستفز المواطن في هذه البلد شرطي المرور ومراقب التموين، موضحة أنه يأتي مراقب التموين علماً أنه يتمتع بصفة الضابطة العدلية ويأخذ المعلوم وأمام المواطن، متسائلة: أين الرقابة في هذا الموضوع وهو يحمل اسم حماية المستهلك وهو ليس له بهذا الاسم من نصيب، مشيرة إلى وجود إهمال في مستودعات المطاحن في حماة وهي تعشش فيها الجرذان.
ولفت النائب محمد البطران إلى أن الوزير تحدث أنه «عن توفير ملياري ليرة في المطاحن» فلو كان هناك تشدد أكثر في مطاحن الدولة وعدم الطحن في المطاحن الخاصة لكان الوفر عشرات المليارات، متسائلاً: أين ذهبت المليارات وهل تمت محاسبة من أهدرها؟ وبالتالي هناك فساد كبير سواء في النقل والطحن أم في الحسابات والموظفين.
وأضاف: أتمنى أن نبحث في هذا الموضوع وأين هذه المليارات التي ذهبت إلى جيوب شركات خاصة في دور الوزير الحالي والوزراء السابقين؟
ورأت زميلته عائدة عريج أن الحكومة نجحت في بعض الأماكن في دعم المنتجين لكنها أخفقت إخفاقاً ذريعاً فيما يتعلق بمعيشة المواطن وضبط الأسواق، متسائلة: هل المواد التي سوف يتم توزيعها عبر البطاقة الذكية موجودة؟ وهل سيكون هناك توزيع عادل؟
ولفت النائب معين نصر إلى أن المواطن أصبح صابراً على تقصيرنا نحن والحكومة وهو حالياً يقف موقف المدافع عن نفسه من كم الاتهامات الموجهة له من الحكومة كان اللـه بعونه، مضيفاً: دائماً نقول المشكلة بالتجار والباعة بينما هي بالمستوردين.
وتساءلت زميلته زينب خولة: هل ستكون آلية المواد عبر البطاقة الذكية بطريقة الذل ذاتها التي تتم عبر الغاز؟ مشيرة إلى أن أسعار صالات السورية للتجارة بأسعار السوق ذاتها.
وانتقد العديد من النواب المراقبين التموينيين مؤكدين ضرورة محاسبة المقصرين منهم وأن يكون هناك رقابة على الأسواق لأنها مازالت خجولة.
للوزير توضيح
وكشف وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عاطف النداف عن توقيع عقد لاستيراد 40 ألف طن من السكر، وعقد آخر لاستيراد كميات من الرز، مؤكداً أنه سوف تتم زيادة الكميات والمواد على البطاقة الذكية بعد انتهاء مرحلة التجريب التي سوف تبدأ على ثلاث مواد وبحسب توافر المادة لتكون أيضاً فترة لتدريب الموظفين.
وفي كلمة له في بداية الجلسة أكد النداف أن الوزارة تستورد مواد كما أنها طلبت من وزارة الاقتصاد أن تستورد أيضاً، مشيراً إلى أن هناك صعوبات في عملية الاستيراد نتيجة العقوبات والحصار الاقتصادي وبالتالي يتم اللجوء إلى شخص آخر للاستيراد باسمه ويتم تحويل القطع أيضاً لأن هناك صعوبة في ذلك أيضاً.
ولفت النداف إلى أنه تم افتتاح نحو 274 صالة جديدة للسورية للتجارة ليصبح العدد 2274 صالة، مشيراً إلى أنه تم الطلب من كل وزارة أو مؤسسة لديها موظفون كثر بتزويد الوزارة بغرفة لفتحها صالة كما أنه تم الطلب من رؤساء البلديات أيضاً بذات الموضوع من دون ربح، ولافتاً إلى أن هناك فرقاً كبيراً بين أسعار المؤسسة السورية والأسواق.
وفيما يتعلق بموضوع القمح كشف النداف أن عملية استيراده مازالت مستمرة باعتبار أن الموسم الذي تم الحصول عليه لا يكفي سوى أربعة أشهر ما عدا الحسكة وبالتالي يجب تأمين الأشهر الأخرى، مضيفاً أطمئن أعضاء المجلس بأن مخزوننا جيد.
وأكد النداف أن تأمين الطحين للمطاحن مستمر رغم الصعوبات التي نعانيها من عمليات الصيانة وغيرها، كاشفاً أنه تم توفير ملياري ليرة نتيجة العقود التي تم توقيعها في العام الماضي، ومؤكداً أن تحسين نوعية الخبز مستمرة.
وأشار النداف إلى أن هناك ارتفاعاً في الأسعار وتقلب فيها، مؤكداً أنه لا تستطيع أي دولة أن تسعر كل مادة بل هناك تسعير مركزي لبعض المواد الأساسية باعتبار أن السوق مفتوح وهو عبارة عن عرض وطلب، كاشفاً أنه تم تنظيم 40 ألف ضبط في العام الماضي.
وخلال رده على مداخلات أعضاء المجلس أعلن النداف عن توقيف نحو 20 مديراً من السورية للتجارة في السجن نتيجة الفساد كما تم تغيير 24 مديراً في المراكز الرئيسة والفرعية.
وفيما يتعلق في ارتفاع الأسعار في السورية للتجارة أكد النداف أن هناك من المواطنين من يخلط بين صالة تابعة للسورية للتجارة وصالات الجمعية التعاونية حتى إن بعض أعضاء المجلس خلطوا بينها في السكن الخاص بهم حينما قدموا شكوى على أساس أنها تابعة للوزارة لكن تبين أنها جمعية تعاونية.
ولفت النداف إلى أنه لم يبق سوى 36 صالة مطروحة للاستثمار بعدما تم سحب كل الصالات من المستثمرين وأصبحت تابعة للوزارة، مشيراً إلى أن المواد التي يتم استيرادها وبأسعار غالية تهرب إلى لبنان حتى أنه يتم تهريب أعلاف الدواجن والشعير وهذا يدل على غلاء الأسعار في ذلك البلد رغم أنه لا يوجد حصار وغير ممنوعة من الاستيراد.
وبدت علامات الحدة واضحة على وجه النداف حينما توجه بأسئلة إلى أعضاء مجلس الشعب بقوله: هل تعلمون كيف تعمل الحكومة فأنا خرجت من مكتبي أمس الساعة الثالثة إلا ربعاً وكذلك حال رئيس الوزراء والوزراء والفريق الاقتصادي.
وأشار النداف إلى أن الحكومة تعمل على طريقين إسعافي وإستراتيجي.
ولفت النداف إلى أن المواد متوافرة رغم أن البلد تمر في حرب وحصار اقتصادي ولا يوجد أي موراد للدولة لا من السياحة ولا من بيع النفط وهناك احتلال.
وفيما يتعلق بموضوع الغاز أكد النداف أن السورية للتجارة هي منفذ بيع مخصص لها 4 آلاف أسطوانة غاز على مستوى سورية وبالتالي فهي توزع حينما تتوافر المادة لكن عندما لا تتوافر ماذا تفعل؟
ولفت النداف إلى أن هناك بعض أعضاء مجلس الشعب قدموا له طلبات لنقل موظفين منهم من التربية وهم معلمون إلى مراقب تموين، ما دفع أحد الأعضاء للرد عليه بقوله: «أرجو التوضيح لأن هذا الكلام خطير» إلا أن النداف تابع حديثه من دون أن يوضح أو يعقب على الموضوع.
الوطن