4000 طفل كانوا تحت سيطرة الإرهابيين راجعوا مشفى ابن خلدون للأمراض النفسية
عانى الكثير من المواطنين من العيش تحت سيطرة التنظيمات والميليشيات الإرهابية المسلحة في سورية، إذ تعرضوا لأقسى أنواع العنف النفسي والجسدي، ما أدى إلى إصابتهم بأمراض واضطرابات نفسية شديدة، بحسب ما صرح به المدير العام للهيئة العامة في مشفى ابن خلدون للأمراض النفسية والعقلية في حلب بسام حايك. وكشف حايك في تصريحه له عن حدوث 100 محاولة انتحار أسبوعياً يتم إنقاذ 99 حالة منها، لافتاً إلى أن أغلب المحاولات تتم عن طريق الأدوية، ويصلون إلى المشافي وتتم معالجتهم، ومنها محاولات مخبأة لا تصل إلى الطبيب أو لا يعرف بها الناس، ناهيك عن أطفال ذوي السبع سنوات يتحدثون عن الموت بشكل روتيني ويهددون به، ما قد يؤدي إلى جريمة الانتحار دون وعي، مشيراً إلى أن حالة انتحار واحدة تعتبر أمراً خطيراً بالنسبة للمجتمع السوري الذي لم يعتد على مثل هكذا حالات، ويجب التعامل معها بشكل جدي وحذر، لافتاً إلى أن هذه النسبة تعد قليلة ودون النسب العالمية والأوروبية، معيداً ذلك إلى وجود داعم اجتماعي وخاصة بالنسبة للأطفال المصحوبين مع ذويهم. وتابع: أما بالنسبة للأطفال غير المصحوبين والذين استشهد أهاليهم أو سافروا فيعد علاجهم صعباً وتتم متابعتهم كي لا ينجرفوا نحو الانتحار، وخاصة في ظل وجود ضعف بمساعدة الجمعيات من جهة الإقدام على إيوائهم بعد تحسنهم، كونه قد تتطور لديهم حالات اللامبالاة المجتمعية فيتحولون إلى شخصية عدائية. وبين حايك أن عدد المرضى الذين تعرضوا لضغط نفسي شديد نتيجة وجودهم بين هذه التنظيمات المسلحة، والذين يتعامل معهم المشفى حالياً يصل إلى 42 مريضاً ومريضة، أغلبهم من البنات الذين تعرضوا لمشاهد جنسية أو تعرضوا للتحرش الجنسي وحجز الحريات وغيرها من الأمور الأخرى. وميز حايك بين نوعين من الأطفال، النوع الأول هو النوع غير المدرك والذين تتم معالجتهم في المشفى لإعادتهم إلى كنف أهاليهم، والنوع الثاني يتم استقبالهم برعاية محكمة الأحداث والذين يدخلون إلى المشفى بصفة الأمانة، وهم الأطفال الذين لوحظ لديهم سلوك عدواني واضطراب مضاد للمجتمع، إضافة إلى ما فرضته عليهم التنظيمات الإرهابية من قوالب داعشية متشددة، والذين يشكلون خطراً على المجتمع، مبيناً أن المشفى يقوم بالاحتفاظ بهم كإجراء احترازي، وتتم معالجتهم بالأدوية وجلسات العلاج المعرفي السلوكي، إضافة إلى إعادة برمجة الدماغ ليتقبلوا الحياة بشكل أفضل، منوّهاً بأن فترة علاج هذه الحالات تطول بين ستة أشهر إلى سنتين، لضمان أن هذا الشخص لن يؤثر على مجتمعه. وأضاف: وقد يأخذ العلاج مساراً مختلفاً عندما يكون هؤلاء الأشخاص قد تجاوزوا 18 سنة والذين تمت محاكمتهم قضائياً. وكشف مدير المشفى عن ازدياد في نسبة الأمراض النفسية بسبب الحرب بشكل كبير، كاضطراب الشدة النفسية التالية للرض والذي يصل عدد المراجعين الذين يعانون منه إلى نحو 800 مراجع شهرياً، إضافة إلى الاكتئاب والقلق والصدمات النفسية، وصدمات الانفجارات، إضافة إلى الرضوض النفسية الشديدة عند الأطفال، والناتجة عن ظروف الحرب والقصف وترويع الناس والخطف المتكرر وخاصة عند الأمهات، مشيراً إلى وجود أمراض لم تتأثر بالحرب ولكن ازدادت شدتها كمرض الفصام. وبين أن المشفى كان قد استقبل ما يتجاوز 4000 طفل في عياداته موزعين بين 2846 طفلاً و1215 طفلة، يعانون من اضطرابات خفيفة نتيجة تواجدهم تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية، ولم يحتاجوا إلى إقامة في المشفى، لافتاً إلى أن عدد من درب في المعسكرات الإرهابية يبلغ 198 طفلاً و71 طفلة، مشيراً إلى أنه وحتى تاريخه يصل إلى المشفى أطفال كانوا تحت سيطرة داعش يعانون من اضطرابات نفسية ونمائية، منوهاً بأن عدد المرضى الذين تمت معالجتهم بشكل كامل هو عدد قليل. وأشار إلى أنه يتم التمييز بين الأطفال المرضى نفسياً والأطفال الأصحاء من خلال تأهيلهم نفسياً بشكل بسيط من خلال عدة أنشطة عامة تتعلق بالألعاب والرسوم والألوان والدروس بالتعاون مع وزارة التربية ومنظمة طلائع البعث، ليتم اختيار الطفل الذي لديه سلوك عدواني أو انعزالي أو مرضي، كما يتم التركيز الكبير على المراهقين الذين لديهم سلوك عدواني. ومن جانب آخر أكد حايك أن السعة الاستيعابية للمشفى تصل إلى 320 سريراً، في حين يصل عدد المرضى المقيمين إلى 220 مريضاً، منهم 50 سيدة، تتنوع أمراضهم بين الفصام والاكتئاب والرضوض النفسية الناتجة عن الحرب، إضافة إلى الإدمان حيث يصل إلى المشفى 20 مدمناً شهرياً، لافتاً إلى وجود 5500 مراجع يزورون مركز الدعم النفسي المتقدم التابع للمشفى، نصفهم سيدات وحوالي 20% منهم أطفال، حيث يتم تقديم العلاج النفسي لهم لكل الأمراض الخفيفة، كالقلق والاكتئاب واضطرابات النوم والهلع والاضطرابات النفسية والجسدية، إضافة إلى الصدمة النفسية الحادة والمزمنة. وفيما يخص الصعوبات التي يعاني منها المشفى أشار حايك إلى قلة عدد العاملين وعدم وجود الائتمان الكافي من قبل المؤسسات المحلية والعالمية والدولية، إضافة إلى مشاكل في التمويل، وعدم توفر الأدوية النوعية بسبب الحصار الجائر على الشعب السوري، لافتاً إلى محاولات وزارة الصحة بتأمين العلاج الأفضل من خلال إيران والهند، وتأمين بدائل محلية عن هذه الأدوية تكون بنفس الجودة أو أقل منها. الوطن