المحافظة لا تستطيع الدخول لإجراء صيانة أي عقار..و ساروجة لا تعتبر ضمن دمشق القديمة
الأحد 28-04-2019
- نشر 6 سنة
- 1534 قراءة
كشفت مديرة دمشق القديمة حياة الحسن عن وجود ما يقارب 19بالمئة من مساحة دمشق القديمة مستملكة لمصلحة الجهات العامة منذ عشرات السنين مع وقف التنفيذ. وأشارت الحسن في حديثها لــ«الوطن» إلى تسبب هذا الاستملاك لعقبات كثيرة نظرا لعدم تنفيذه من جهة، ولعدم إلغائه من جهة ثانية. مضيفة: تعتبر اغلب بيوت دمشق القديمة من البيوت الطينية والخشبية، وتعرضت لإهمال كبير من أصحابها منذ سنوات طويلة، وتهالكها وقدمها وانعدام الصيانة.
وبينت الحسن أن المعاناة الأساسية في وجود عقارات كثيرة مستملكة للجهات العامة كانت في حينها تهدف إقامة مشاريع ذات نفع عام، ونتيجة هذا الاستملاك تقيدت المحافظة فلا هي تستطيع اتخاذ أي إجراء تجاه الجهة المستملكة ولا اتجاه من وقع عليهم الاستملاك، مضيفة: بعد عام 1979 حيث سجلت دمشق القديمة على قائمة التراث العالمي وأصبحت المحافظة ملزمة بمنع أي إجراء في هذه الجانب فلا نسمح بفتح أي منافذ طرقية في الأبنية القديمة ولا بناء ملاجئ عامة في الساحات فيها ولا إجراء الهدم لأبنيتها.. الخ، وبالتالي فجميع العقارات التي وقع عليها الاستملاك أصبحت واقفة وغير مسموح أي إجراء عليها حتى للجهات المستملكة بعد دخول كل المنطقة قائمة التراث.
وقالت: اليوم مازالت هذه العقارات مستملكة إلا أنها ليست في يد الجهة المستملكة، والمحافظة لا تستفيد عملياًمن إنذار القاطنين فيها بإجراء الصيانة لأنه لا صفة قانونية لهم، والجهات صاحبة الاستملاك لا تهتم بهذه العقارات، وهذه المشكلة.
وتابعت: إضافة إلى وجود مشكلة في عقارات اليهود الغائبين التي تدار من مجلس إدارة أملاك اليهود، وهي تعاني انهيارات كثيرة نتيجة عدم إجراء الصيانة لها وتعرضها للإهمال لسنوات طويلة وبسبب العوامل الجوية من أمطار وشمس، الآن تحاول المحافظة تدعيم هذه الأبنية بشكل إسعافي من الخارج فقط، لأنه لا يجوز الدخول إليها نظرا لخصوصيتها.
وأشارت الحسن إلى وجود الكثير من البيوت في دمشق القديمة هجرها أصحابها إما لأنهم خارج القطر أو بسبب سكنهم في بناء حديث، ويتم العمل على التواصل مع المخاتير ولجان الحي للوصول إلى أصحاب هذه البيوت في حال وجود أي خطر وضرر من انهيار أجزاء منها لإنذارهم لتدعيمها، وفي حال الوصول إليهم يتم إنذارهم للقيام بالتدعيم الأساسي لهذه البيوت، أما في حال لم يتم الوصول إليهم وكان هناك خطر على الأملاك العامة أو الجوار من تهدم هذه البيوت تقوم مديرية الصيانة في محافظة دمشق بعملية تدعيم معدني للعقار لرفع الخطر عن الناس، وفي حال كان صاحب العقار موجوداً فيتم منحه الموافقة المطلوبة للترميم البسيط أو التدعيم أو إعادة البناء إن لزم مع المحافظة على أوصاف العقار الأساسية وبمواد تقليدية، وبحالات كثيرة يمكن وللضرورة الإسعافية إعطاء موافقات فورية تحت عنوان إصلاح طارئ أو إزالة خطورة، منوهة بأنه تم خلال العام الماضي منح 115 ترخيصاً لإزالة الخطورة و10 تراخيص للإصلاح الطارئ.
وعن السبب وراء عدم وجود دراسة شاملة لجميع الحالات وإيجاد الحلول لها، قالت الحسن: نحاول رفع مذكرات بخصوص الاستملاك القديم والعلاقة بالجانب التراثي للمدينة القديمة، والبحث عن طريقة لمعالجة الوضع مع الجهات المستملكة لهذه العقارات والوصول إلى نتيجة مفيدة، ولكن هذا الموضوع يحتاج إلى متابعة وقرارات من جهات على أعلى المستويات، وكل ما نعمل عليه هو عبارة عن حلول اسعافية. وتابعت: قدمنا الكثير من التسهيلات والتشجيع لأصحاب العقارات القديمة التي يخشى من تهدمها، حيث ووفق النظام الخاص بالمدينة القديمة يتم إعفاء الرخص المقدمة لهم للترميم البسيط والإصلاح الطارئ من جميع الرسوم، إضافة إلى إمكانية وتشجيع تقديم قروض من مؤسسة التمويل الصغير وبالتعاون مع محافظة دمشق لغاية ترميم هذه البيوت، وهذه القروض قد يصل سقفها إلى مليون ليرة سورية، والمواطن لا يدفع الفوائد المترتبة عن هذا القرض بل تدفعها المحافظة، وهناك إمكانية تشجيعية لحسم جزء من رأس المال في حال نفذ المقترض الشروط المطلوبة بشكل صحيح.
وبينت أنه تم خلال العام الماضي منح 87 موافقة للترميم البسيط في دمشق القديمة، إضافة إلى 15 ترخيصاً بالترميم، وكذلك منحنا 38 موافقة إعادة بناء وتوظيف. منوهة بأن المحافظة لا تستطيع الدخول لإجراء صيانة أي عقار إلا إذا كان يشكل خطورة على الجوار أو الأملاك العامة ولم نتمكن من الوصول لإنذار أصحابه، أو لم ينفذوا الصيانة على الرغم من إنذارهم.
وعن الاسواق القديمة أوضحت الحسن أنها جزء من النظام العمراني لدمشق القديمة، مبنية من الطين والخشب، مشيرة إلى وجود جزء كبير من التجار يخزنون مواد وبضائع في هذه المحال التي تحولت إلى مستودعات مواد سريعة الاشتعال مثل مواد الماكياج، مضيفة: وللأسف حدثت حوادث حريق متكررة لذلك قمنا بإنذار أغلب هؤلاء التجار بوضع أجهزة إطفاء قادرة على معالجة أي حريق يتعرض له المستودع بسبب هذه المواد أو بسبب الماس الكهربائي، وتابعت: وكإجراء وقائي قمنا بوضع سيارة إطفاء صغيرة لإطفاء أي حريق يمكن أن يحدث فيها، ولكن للأسف هناك صعوبة في ضبط هذه المحال فهناك تقريبا بحدود 5 آلاف محل والكوادر في المدينة القديمة قليلة جداً.
وعن مدى الخطورة التي يشكلها ارتفاع منسوب مياه نهر بردى على أساسات الأبنية القديمة، بينت الحسن أن الموضوع من اختصاص دائرة الأنهر في محافظة دمشق، ولديهم في هذه الدائرة حلول كثيرة منها فتح المخارج الموجودة على النهر في حال ارتفاع المنسوب، منوهة بأن هذه الأبنية قديمة وموجودة منذ فترة طويلة وبالتالي لم تتأثر بمياه النهر، مشيرة إلى إجراء يتم العمل عليه لرفع الشبك الموجود والموضوع لأسباب أمنية في بعض المنافذ والذي أصبح يحجز الأوساخ ويعرقل مرور المياه.
وبينت الحسن أن منطقة ساروجة خارج حدود مدينة دمشق القديمة، وتابعت: أما العقارات ضمن الشريحة الأثرية فيها. فإن مراقبة وضعها من اختصاص دائرة خدمات ساروجة، ودور المدينة القديمة هو منح الرخص والموافقات فقط لترميم العقارات التي تحتاج إلى ترميم فقط، وينطبق عليها ما ينطبق على المدينة القديمة في حال كانت ضمن الشريحة الأثرية.
وبخصوص الشكاوى من أصحاب المطاعم والمحال الليلية في دمشق القديمة، حيث يقومون بأعمال تقلق الراحة العامة، أكدت الحسن أنه عادة يتم منح رخص التوظيف والترخيص لهذه المطاعم من المدينة القديمة وبالتنسيق مع السياحة والآثار.. أما مراقبتها ليلاً وأيام العطل والأعياد فهو من اختصاص قسم شرطة المحافظة بشكل عام، وبينت أنه في حال كانت هناك شكوى فإننا نقوم بمتابعتها واتخاذ الإجراءات المطلوبة من إنذارات للالتزام أو استصدار قرارات الإغلاق، مضيفة: اليوم وكما ذكرنا هناك أكثر من 5 آلاف محل بمختلف النشاطات في المدينة القديمة بكل أسواقها المعروفة وليس لدينا الكوادر الكافية لمراقبة كل هذه المحال بشكل دائم وبالتالي فقد اتبعنا طريقة مراقبة من خلال تقسيم المدينة إلى عدة محاور للتدقيق في التراخيص الإدارية لهذه المحال، والتعرف على أسباب عدم تمكن البعض من الحصول على هذه الرخص الإدارية وتذليل الصعوبات أمامهم للحصول عليها وتسهيل إجراءات منحها.
بدوره بين مختار ساروجة هيثم الفحل لـ«الوطن» أن ساروجة لا تعتبر ضمن دمشق القديمة، لكن في عام 1978 صدر قرار عن محافظ دمشق بالسماح بالبناء في منطقة ساروجة فسارع التجار لشراء العقارات القديمة في تلك المنطقة، البعض منهم قام بالهدم والبناء وهم قلة قليلة، لكن البعض الآخر أسقط في يدهم عندما تم اعتبار عدد كبير من العقارات القديمة في ساروجة ضمن الشريحة الأثرية وبالتالي منعت المحافظة في عام 1979 هدمها أو البناء عليها. ولذلك في ساروجة أكبر عدد من العقارات القديمة الآيلة للسقوط، وقد تركها التجار لأنهم لا يستطيعون هدمها أو البناء عليها.
وأشار إلى أنه يسطر سنوياً عدد من الكتب إلى المحافظة لإخبارهم بوضع بعض العقارات التي تشكل خطورة على الأملاك العامة، منوهاً بطلب المحافظة لأسماء وعناوين المالكين لإنذارهم للترميم، مضيفاً: ولكن للأسف دون جدوى لأن أغلب هؤلاء خارج البلد، والآن ندور في حلقة مفرغة فلا نستطيع الدخول إلى المنازل لأنها أملاك خاصة، وأي دخول إليها يعني اغتصاب عقار، حيث في ساروجة بحدود 50 بيتاً، وهناك كتلة واحدة خلف سينما السفراء تصل مساحتها إلى أكثر من 7 آلاف م2، وتابع: نحن نريد إزالة الخطر الذي تسببه هذه الأبنية تحت أي عنوان كان، وبالسماح بالترميم، ولكن بشرط ألا يسمح بالبناء تحت عنوان الترميم.
وعن وجود حالات مشابهة في دمشق القديمة أكد الفحل أن هناك حالات لا يتجاوز عددها 10 حالات في العمارة، أما العقارات المستملكة فهي لا تزيد على 5 بالمئة من مساحة حي ساروجة.
أخيراً: نعتقد أنه آن الأوان لإيجاد حل نهائي لهذا الموضوع ووضع صيغة متكاملة تعالج كل هذه المشاكل سواء إلغاء الاستملاك الذي مضى عليه عشرات السنوات من دون أن ينفذ، أو تولي جهة عامة أعمال ترميم هذه العقارات التي لم تعرف عناوين أصحابها، ووضع إشارة على الصحيفة العقارية لضمان دفع التكاليف المترتبة على صيانة هذه العقارات.