الطباع: الدروس الخصوصية حرية شخصية ولا يمكن منعها والتعليم العام متاح للجميع حتى على منصات التعليم_الإلكتروني
مازلنا نتابع موضوع تطوير المناهج باعتباره الموضوع الأهم الذي يتداوله الرأي العام، لأنه يشكل تحولا مهما في بناء أجيالنا القادمة. المزيد من الأسئلة شكلت نواة لحوارنا مع مدير المركز الوطني لتطوير المناهج الدكتور دارم طباع. يقول البعض من المدرسين إنه لم يتم تدريبهم على هذه المناهج الجديدة،وبالتالي ليسوا على استعداد لتدريسها. هذا الكلام صحيح 100 بالمئة، نحن منذ بدأت عملية تطوير المناهج اتفقنا مع مديرية التأهيل والتدريب بتدريب مدرسين جدد الذين يدرسون في العام الأول، لكن للأسف كان الاهتمام قليلاً وكان عدد المتدربين 25 ألف متدرب، وليس كل من خضع للدورة التدريبية يقتنع انه يجب أن يطور أداءه، في العام الأول وجدنا صعوبة وفي العام الثاني كانت الصعوبة اقل. اليوم لدينا 46 ألف مدرس ومعلم متدرب، ويجب أن نعترف أن البعض من الدورات لم تكن بالشكل الأمثل، والبعض من المتدربين لم يهتموا ولم يطوروا أنفسهم. اليوم وضعت خطة جديدة للتدريب تراعي كل الظروف ليصبح التدريب جدياً ويحقق غايته، لن يدخل إلى الصفوف إلا من تدرب بشكل جيد ولديه المقدرة على إعطاء المنهاج. هل تقومون بإعداد المدرسين في المدارس الخاصة على هذه المناهج؟ نعم هناك طلبات كثيرة من المدارس الخاصة لإعداد برامج تدريب لمدرسيها ونحن نتعامل مع المدارس العامة والخاصة على قدم المساواة. هل لديكم مشكلة مع المدرسين القدامى، الذين يعطون دروسا خصوصية في البيوت ولا ينتمون إلى أي مؤسسة تربوية؟ الحقيقة أن هذا الأمر يجب أن يعود إلى نصابه، لأن الدروس الخصوصية يجب ألا تكون لجميع الطلاب، لأنها مبررة لمن تخلف عن درس أو لديه قدرات محدودة أو لا يتابع من الأهل، وبالتالي الدروس الخصوصية يجب أن تكون محدودة. للأسف اليوم أصبحت ظاهرة، نحن نعمل ليس من خلال كبح الدروس الخصوصية، بل من خلال إتاحة مصادر مختلفة للتعلم لنستطيع أن نحقق كل متطلبات التعليم الذاتي، وإن كان هناك من يرى أنه ليس لديه المقدرة إلا من خلال الدروس الخصوصية فهذه أصبحت حرية شخصية، لان سبل التعليم العام متاحة للجميع حتى من خلال منصات التعليم الإلكترونية، أما أن تمنع كل شيء هذا الأمر لا يجوز لان العملية التعليمية دقيقة جداً ولكل فرد احتياجات خاصة، وعندما يرى ولي أمر الطالب أن ابنه بحاجة إلى درس إضافي فهو حر في اختيار الطريق الذي يريده. هناك حتى اليوم عقليات لا تريد التطوير وتهاجم المنهاج الجديد، لكن الحقيقة أن الواقع تغير وهناك الكثير من المدرسين يعملون على أنفسهم، لذلك نلاحظ أن عملية بناء المعلم أصبح انتشارها بشكل كبير. هل هناك تنسيق بينكم وبين الامتحانات عند وضع أسئلة الامتحانات للشهادات وبالتالي القضاء على عملية التوقعات؟ هذا سؤال مهم جدا، سابقا كانت أسئلة الامتحان تعتمد على مهارات الحفظ والتلقين سواء فهم الطالب أم لم يفهم، هذا الأمر يجب أن يتغير مع المناهج المطورة، نريد أن نختبر مهارات التفكير لدى المتعلم، واليوم بدأنا بتطوير أنظمة الامتحانات وأسئلة الامتحانات لتراعي هذه المهارات في التفكير حتى لا تكون غريبة على الطالب. كانت هناك اجتماعات مكثفة مع المديريات المتخصصة وقررنا أن يكون هناك امتحان وطني للثامن والحادي عشر لتعويد الطالب على نظام الامتحانات الجديد، وعرف الكثير من المعلمين الذين لم يوزعوا المنهاج أن هناك خللاً ويجب تداركه، نحن الآن لدينا اختبارات وطنية في الفصل الثاني في المواد الأدبية والعلمية وهو يماثل ما سيأتي في امتحان الثالث الإعدادي والثالث الثانوي، بل سيكون هناك اختبار تجريبي لطلاب الثالث الإعدادي والثانوي في الفصل الأول من العام القادم. يرى البعض أنكم اخترتم التوقيت غير المناسب لتطوير المناهج في ظل الحرب وخروج ملايين الطلاب من المدارس، وعدم توافر شروط تعليم مثالية؟ سورية من الدول القليلة جدا التي عانت من الحرب واستطاعت أن تحافظ على عمل اغلب مؤسساتها التربوية، واستمر نظامها التربوي، بل بقي مستوى التعليم على ماكان عليه قبل الحرب، واستطاع التعليم فيها أن يواكب التعليم العالمي، ولم تشهد البلاد في الحرب تخلفاً في نظامها التربوي، وكان التحدي الكبير أن نعمل على تطوير المناهج في هذه الظروف لتواكب المناهج العالمية، وهذه مسالة مهمة جدا، وهذا جاء تأكيداً على دور الدولة في العملية التربوية، وأوجدنا مناهج جديدة لمن خرج من التعليم وهي برامج التعلم الذاتي والمنهاج (ب) ووزعت المناهج على جميع المناطق الساخنة وحتى إلى مراكز الإيواء، ليس هذا فحسب بل قامت الدولة بوضع المناهج على المنصات الالكترونية وهي عبارة عن مدارس حقيقية لتمكن الطلاب في خارج البلاد من التعلم وفق المنهاج الوطني وتفويت الفرصة على بعض المنظمات التي سعت إلى أن تبيع وتشتري بطلاب سورية في المخيمات، وهذه حالة نادرة في العالم، وبالنسبة لعملية تطوير المناهج هي أهم عملية تقوم بها الدولة في مرحلة إعادة الإعمار لان عملية التطوير تعني تطوير عقل الإنسان وتهيئته للحياة الجديدة وإعادته لإعمار بلاده، وإذا لم نعد تطوير الإنسان فلن نتمكن من إعادة الإعمار في البلاد. هل سيواكب التطوير في مناهج وزارة التربية، تطوير في مناهج التعليم العالي؟ تبذل جهود في التعليم العالي، وقامت وزارة التربية بتطوير مناهج كليات التربية، والخطوة الثانية أن نتابع تطوير المناهج مع كليات الآداب والعلوم، وهناك اجتماع مع مركز القياس والتقويم في التعليم العالي لتطوير العمل في هذا الجانب، كذلك هناك 70 أستاذاً جامعياً يشاركون في وضع المناهج الجديدة وبالتالي فعملية تطوير المناهج بين التربية والتعليم العالي ستكون متكاملة. إلى أي مدى تراعي المناهج المطورة موضوع الاهتمام بالتعليم التقني والفني، كأحد متطلبات الحياة في المرحلة القادمة؟ لا يمكن تطوير التعليم المهني والفني قبل أن تؤمن أرضية جيدة للتعليم العام، الآن نعمل على أن يكون هناك تنسيق كبير لإعادة النظر في مناهج التعليم الفني والمهني، وتوجهنا إلى الجهات الصناعية والزراعية والتجارية في البلاد لموافاتنا بحاجة السوق من العمالة وفي ضوء ذلك سيتم وضع المناهج في هذا الجانب، وخلال الصيف القادم سيكون هناك مؤتمر مهم جداً لوضع ملامح التعليم الفني والمهني في المرحلة القادمة، وتوفير الكوادر الفنية اللازمة لإعادة الإعمار. ما خطة المركز الوطني في عملية تطوير المناهج بعد انتهاء المرحلة الثالثة؟ عملية تطوير المناهج مستمرة، وهي ليست كتباً مدرسية فقط، بل هناك وسائل تساعد على التعليم، اليوم هناك أنشطة داعمة للتعليم، ومنها تخصصية مثل الدراسات الاجتماعية والعلوم واللغة ونضع أدلة لأنشطة المهارات الحياتية لتشجيع التعليم التعاوني، وسيكون هناك توسع اكبر ليكون التعليم من خلال الأنشطة، ونعمل على تأمين مصادر تعلم أخرى، وقد تم إلغاء دليل المعلم في الصف، لان هذا الدليل يقلل من قيمة المعلم، لأننا عندما نضع خطوات محددة لعمل المعلم في الصف فإننا نقتل الإبداع لدى المعلم. البعض من المعلمين يستغل خطة المبادرات للطلاب لإعطاء علامتها بشكل مزاجي، كيف يمكن معالجة هذا الموضوع؟ سابقا كان التعليم اغلبه يعتمد الجانب النظري، اليوم التعليم بالمبادرة هو مجال رحب للإبداع، وهذا يؤسس للتعليم بالعمل من خلال المشروعات التي تخفف على الطلاب الواجبات المنزلية، فهو يقوم بإنجاز مشروع له أسس ويتطور هذا المشروع مع الوقت ويمتلك كل الأدوات ويصل إلى مستوى الريادة في مشروعه، وفي المرحلة الثانوية والجامعية يكون لكل طالب مشروعه الذي يغنيه عن البحث عن عمل. في البداية كان هناك خلط في موضوع المشروع، الآن تم وضع ضوابط ليصبح المشروع وفق مراحل عمرية، وان يكون من عمل الطالب فقط. الآن هناك ترويج إعلامي لموضوع المشاريع الطلابية. أما موضوع المبادرات فبدأنا فيه بمبادرات لغوية ستعطي ثمارها في مهرجان لغوي في أربع لغات خلال الصيف القادم لإظهار إبداعات الطلاب وسيتم تعميمها على جميع المواد، وستكون لكل مدرسة مبادراتها الخاصة، وهذا سيشجع على الابتكار وهي احد أهداف التربية، عندما يبدأ الطلاب في الحصول على جوائز إبداع نعرف أن المنهاج أصبح يعطي ثماره في المجتمع، وأما إذا كنا نخرج سنويا آلاف الطلاب والبلد لا يتطور، فهذا يعني أن النظام التربوي فاشل ولا يحقق أهدافه. بعض المدرسين لا يعتبر الإجابة صحيحة إلا إذا جاءت في صيغة محددة، كيف يتوافق ذلك مع المبادرة والإبداع؟ هناك تغيير في آلية التصحيح، سابقاً كانت تعتمد على معلومة يجب نقلها من الطالب، اليوم نحن لا نقيس معلومات الطالب، بل نقيس مهاراته التي نضع لها مقاييس محددة، وتضع لجنة السلالم هذه النقطة في اعتبارها، وكل حالة إبداعية جديدة تضاف إلى سلم التصحيح. نريد أن يحلل الطالب ويفكر ويعطي حلولاً جديدة ومعتمدة وهذا سيكون محور العمل في العام القادم وهو يسمى مهارات التفكير العليا. أما في المراحل الانتقالية فسيكون لدينا دليل تقويم بنائي لكل طالب، وهذه الآلية ترفع من مستوى المعلم، وإذا لم يكن لديه القدرة على قياس مستوى الطالب فستكون لديه مشكلة. هناك حقائق كثيرة ، منها انه من غير المعقول أن نحدد مستوى الطالب من علاماته وكان قد تعرض لمرض ولم يشترك في مذاكرة أو امتحان وحرم من علامتها. ماذا عن اعتماد علامات السابع والثامن في نتيجة التاسع وكذلك الثانوي؟ كان يفترض أن يطبق هذا النظام في الفترة الحالية، لكن تأخر بسبب عدم جاهزية قاعدة البيانات في المدارس، لهذا السبب تم تأجيل تطبيقه لحين الانتهاء من انجاز قاعدة البيانات، ونظام البيانات وضع الآن ويتم تطبيقه في 25 مدرسة في دمشق للتجربة، ويتضمن كل المعلومات حيث نستطيع أن نأخذ كل ذلك من خلال قاعدة البيانات، لكن للحفاظ على وقت الطالب ولتحقيق الشفافية في العمل تم تأجيل المشروع حتى الانتهاء من أرشفة جميع المدارس السورية. الوطن