الحرب تدفن الموتى مرتين... حدائق حلب وشوارعها مقابر لـ 5 آلاف جثمان
تجتهد الدوائر الخدمية في مدينة حلب، بالعمل على نقل رفات وجثامين الموتى المدفونين في حدائق ومنتزهات المدينة خلال سنوات حصارها قبل عامين، إلى المقبرة الإسلامية الحديثة الواقعة في منطقة "النقارين"، وإلى مقابر أخرى تتوضع شرق المدينة. مساعي مجلس المدينة تأتي بعد عامين من تحرير حلب عام 2016 ومع عود الحياة الطبيعية لمجراها الاعتيادي بعد معارك شرسة جرت لفك الحصار الذي كان يطبق على الجزء الغربي من المدينة حيث قطعت عنه كل الطرق المؤدية للمدينة. سنوات دفع خلالها المواطنون ضريبة قاسية، ومن أبرز أوجهها، دفن موتاهم في الأراضي والمساحات الفارغة لعدم استطاعتهم الوصول إلى المقابر المرخص بالدفن فيها، وخاصة مع زيادة الوفيات نتيجة القذائف التي كانت تسقط على أنحاء المدينة من أطرافها الشرقية التي كانت تقع تحت سيطرة المجموعات المسلحة. وبحسب الجهات المعنية في حلب، فهناك ما بين 4500 إلى 5000 قبر موزعين في مختلف أنحاء أحياء غرب حلب تحتاج إلى نقل خلال أشهر وضمن فترة زمنية محددة. وكان مجلس مدينة حلب وجه نداءه للمواطنين ممن دفنوا موتاهم في الحدائق لمراجعة لمراجعة دائرة دفن الموتى الكائنة في حلب الجديدة من أجل العمل على نقل رفات قبور ذويهم الموجودة في الحدائق والمنصفات ضمن المدينة إلى المقبرة الإسلامية الحديثة أو المقابر المعتمدة في المدينة. "محمد صطوف" رئيس دائرة دفن الموتى أكد: أن عملية النقل مستمرة وبحسب برنامج زمني محدد وبتوجيهات حكومية بضرورة عودة الحدائق كما كانت عليه قبل الحرب، حيث ستقوم القطاعات الخدمية بإعادة تنسيقها من جديد بعد عملية نقل القبور، لاحترام حرمة الموتى وضرورة وضعهم في المقابر المخصصة حيث لم يتسنّ للمواطنين دفن ذوييهم بالطريقة المثلى في زمن حصار المدينة. وأشار صطوف إلى أن الأوراق المطلوبة من الأهالي لعملية النقل هي بيان الوفاة وإحالة بفتح القبر من المحامي العام الأول، بالنسبة للمتوفى المدني، أما المتوفى العسكري فيلزم من ذويه وثيقة "استشهاده" وإحالة المحامي العام الأول نفسه. وكان مجلس المدينة رصد ميزانية لنقل رفات الموتى من ميزانية (إعادة الإعمار) بالتشارك والتنسيق مع جهات حكومية أخرى مثل وزارة الأوقاف، ووزارة الصحة ومنظمة الهلال الأحمر السوري، في وقت يعاني فيه مجلس المدينة من صعوبة في عمليات النقل لكونها تتطلب جهودا محلية ودولية تشترك فيها منظمات إنسانية لديها الخبرة في هذا المجال لنقص المعدات اللازمة وعدد العاملين الكافي. بدورها أشارت مصادر أهلية إلى أنه بعد انتشار المقابر العشوائية في المدينة على مدار سنوات الحرب، تأتي خطوة مجلس المدينة هذه احتراماً لأرواح وجثامين الوفيات من خلال دفنهم بالأماكن والمقابر المناسبة، فيما تترك الحدائق والمتنزهات للمواطنين، بعد اعادة تأهيلها وتشجيرها. ولعل ملف المجهولين في المقابر العشوائية المنتشرة في الحدائق العامة وفي منصفات الشوارع هي أبرز المشكلات التي ستواجه عملية النقل، فلتتجاوز دائرة الدفن هذه الإشكاليات عليها إحصاء هذه المقابر المجهولة ووضع علامات عليها، لكن هذا لا يكفي لأن الأمر بحاجة إلى تقنية وإجراءات مخبرية منها اختبار الحمض النووي لتحديد الهوية وهذا مكلف للغاية. وتجري عمليات الدفن عبر مكتب الدفن بحلب التابع لمجلس المدينة حصراً وكل من يخالف هذه الإجراءات تطبق عليه مخالفة وغرامة نقدية، وهذا من شروط تأسيس مكتب دفن الموتى، فيما عاد الحلبيون بعد استقرار الأوضاع الأمنية بداية العام الفائت لدفن موتاهم في (15)مقبرة معتمدة من قبل المكتب وأبرزها المقبرة الإسلامية. وتشير التقديرات الأولية إلى وجود أكثر من خمسة آلاف و/424/ قبرا منتشرة على / 38/ بقعة بحاجة إلى نقل إلى المقبرة الحديثة، وخصصت لجنة إعادة الاعمار مبلغا لنقل هذه المقابر تقدر بـ بقيمة / 50/ مليون كدفعة أولى من مخصصات لجنة إعادة الإعمار، وقد جرى نقل ما يقارب 1500 قبر حيث قسمت المدينة إلى قطاعات وسيتم النقل حسبها. سبوتنيك