باحث اقتصادي: قبل مكافحة البضائع المهربة يجب توفير البدائل المحلية
باحث اقتصادي: قبل مكافحة البضائع المهربة يجب توفير البدائل المحلية
الأحد 03-03-2019
- نشر 6 سنة
- 5481 قراءة
يؤكد الباحث الاقتصادي الدكتور فادي عياش أنه قبل الحديث عن ضبط المواد المهربة علينا البحث في أسباب انتشار هذه المواد قائلاً: إنه من المعروف أن انتشار أي سلعة لا يمكن أن يتم من دون وجود طلب فعال عليها، ووجود هذا الطلب يعني بالضرورة أن هذه السلعة مرغوبة ومرضية لطالبيها أو أن بدائلها محدودة، مشيراً إلى أن السلع المهربة بديل للسلع المحلية أو المستوردة أصولاً، وقانون الإحلال والإبدال يعتمد على نسبية الجودة والسعر، فإذا كانت السلع المهربة واسعة الانتشار وذات قبول عال من المستهلك، فهذا يعني أنها تحقق تموضعاً نسبياً من حيث الجودة – السعر أفضل من وجهة نظر المستهلك من البدائل المحلية أو المستوردة.. سواء أكان المستهلك المقصود نهائياً أم وسيطاً.
ويتابع: من الأجدى البحث عن كيفية تعزيز إحلال السلع البديلة مكان المهربة، من خلال الجودة والسعر ويصبح المستهلك هو أداة الضغط الأولى في عدم الإقبال على السلع المهربة .. وفي هذه الحالة فقط يكون للإجراءات الأخرى أثرها الفاعل، فيما عدا ذلك ستبقى هذه المهربات مادام الطلب عليها فعالاً.
فرض معايير حاسمة
فالإجراءات الفاعلة، كما يرى د. عياش، تبدأ من فرض معايير حاسمة للجودة المتناسبة مع أسعار مدروسة تراعي القوة الشرائية للمستهلك سواء للمنتجات المحلية أو المستوردة، ثم توفير هذه السلع لتحل محل تلك المهربة، وعند هذه المرحلة تأتي إجراءات ضبط الأسواق المختلفة لمنع وجود وانتشار المهربات، حيث يكون المواطن قادراً على تأمين حاجاته بشكل مقبول ، ففي مجال الألبسة نجد للأسف أن السلع المحلية عاجزة عن مجاراة «البالة» أو الألبسة التركية وغيرها من حيث ثنائية (الجودة – السعر) ولا تتناسب مطلقاً مع القوة الشرائية للمواطن .. وتالياً سيبقى يبحث عن «البالة» والألبسة التركية مهما كانت الإجراءات لمحاربتها، أي سيبقى الطلب على «البالة» والألبسة التركية وغيرها فعالاً وهذا مسوغ قوي لاستمرار تهريبها.
تباين الآراء حول موضوع السلع المهربة مسوغ تماماً كما يقول د. عياش ويضيف: فمن وجهة اقتصادية وحتى اجتماعية وسياسية التهريب نشاط مدمر وآثاره ذات منعكسات خطرة على جميع المستويات، ومن هنا هو نشاط مرفوض ويجب عدم السماح به بالمطلق، ومن جهة أخرى وفيما يتعلق بالسلع الأساسية (غذاء – ألبسة – دواء …) يكون حاجة وضرورة يسوغه غياب أو عجز البدائل عن تلبية الرغبات وإشباع الحاجات.. فالمواطن المحتاج للسلع الأساسية وبدافع الحاجة ومع ضعف القوة الشرائية المتاحة، إضافة إلى ضعف البدائل، يجد في هذه السلع المهربة ضالته وتالياً يصبح مشجعاً لها ويعد محاربتها تضييقاً عليه، فيجب أن يبقى المواطن هو الهدف، فلماذا يتم اللجوء إلى التهريب التفافاً على منع استيراد سلع ما؟ وهنا يجب التأكد من أسباب المنع حتى لا تتحول لأداة احتكار وتلغي المنافسة، وتالياً يتم التحكم بالأسعار وعلى حساب الجودة من قبل قلة، أو تهرباً من تكاليف الاستيراد النظامي فقد تكون الرسوم والضرائب عالية جداً ما ينعكس على تكلفة السلع وأسعارها ويفقدها قدرتها على تلبية حاجات المستهلك، أو جشع البعض لتحقيق أرباح احتكارية من خلال التهرب من سداد المستحقات ونجد هنا أن التهريب (النظامي أو القانوني) أكثر خطراً وأشد تأثيراً من التهريب غير الشرعي أي عندما تدخل سلع بكميات أكبر من المصرح بها أو بمواصفات مغايرة للمصرح بها، ولتجنب الآثار المدمرة لظاهرة التهريب بكل أشكالها يقول د. عياش نحتاج دراسة واقعية وجدية لأسبابها ومعالجتها وصولاً إلى معالجة آثارها وإلا سيبقى استنزافاً للاقتصاد الوطني.
تشرين