“بيت دمشق المائل” في المدينة القديمة .. تكثر التساؤلات عنه فما الإجابة؟
بعد أن يعبر المتجول سوق مدحت باشا في دمشق القديمة إلى نهايته، وعلى مفترق طرقه الأخيرة، التي تأخذ إلى خبايا الأزقة الدمشقية التي ربما غيبتها التوثيقات، أو مرت عليها مرور الكرام، يقع ذلك المنزل شامخاً رغم ميوله الملحوظ. يقع المنزل تماماً في منتصف أحد التفرعات على الجهة اليسارية لبداية الطريق الآخذ إلى حي باب شرقي الدمشقي، بحلته القديمة وأساسها الخشبي يبدو بارزاً بميوله بشكلٍ يحتّم التساؤل عن قصة هذا البيت. “لم يكن مائلاً حتى الخمسينات، معامل القبو الكتيرة تحت الأرض هي السبب”، عبارات متفرقة قالها بقّالٌ في ذلك الزقاق لتلفزيون الخبر على عجلة من أمره، بينما كان “عم يمشي الزبون”، على حد تعبيره. وفي التفرع المقابل لموقع المنزل، في ركنٍ منسي يجلس رجل فاق عمره السبعين أمام صناديق خضروات، ترتسم على مُحيّاه ابتسامة للعابرين وكأنه يعرف عنهم مالا يعرفونه عن أنفسهم، ويسارع بالإجابة عن أي سؤال منهم، وكأنه الدليل الحي على عناوين الطرق وسكانها ومنازلها. يقول الخضرجي المسن مصطفى، كما ينادونه في الحي لتلفزيون الخبر، إن “هذا المنزل يقع في زقاق يدعى “معاوية”، بينما الزقاق المقابل الذي يتخذ من أحد زواياه ركناً له يسمى زقاق “ناصيف باشا”. وتابع الرجل أن “المنزل بني منذ زمن بعيد، وحاله كحال باقي البيوت الدمشقية القديمة، وكان منزلاً كغيره غير مائل، ويقع في واجهة الزقاق وتطل عليه من الخلف أحد مآذن المسجد الأموي السبع”. وأشار الرجل المسن إلى أنه “كان يوجد في الخمسينيات أقبية هذا الحي تقام فيها مصانع كثيرة للسكاكر والحلويات، التي تتبع إلى محال سوق البزورية في الطرف الآخر”، لافتاً إلى أن “شاحنات المواد التي تُصنَع منها السكاكر كانت تنقل أطناناً منها، ما أدى إلى حدوث ميلان بسيط مع الزمن على هيكل المنزل”. وأكمل بائع الخضار “لم يكن الميلان الأول ملاحظت على هيكل المنزل، إلى أن تتابعت عمليات شحن المواد وأطنان القطر إلى معامل السكاكر، ببدأ الميلان بالتزايد”. وأشار مصطفى إلى أن “المنزل في داخله غير مائل، ويضم ثلاث غرف في طابقه العلوي، وفي الطابق السفلي يوجد غرفة المعيشة”. وأضاف الرجل أن “سكان المنزل المائل يعيشون فيه منذ ثلاثين عاماً، وأكثر ولا يعانون من أي مشكلة بسبب ميوله، وصاحبه كان يعمل مدرِّسا، وكان مسافرا، إلى أن تقدم به العمر وعاد ليستقر فيه حالياً”. وتكثر الأقاويل عن المنزل من خلال أحاديث المارة أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ويحتار كثيرون في سبب ميوله، فمنهم من يقول أن “المنزل مسكون من الجن”، ومنهم من يشير إلى أنه عند حدوث هزات أرضية لا يتأثر المنزل ولا يهتز، وهذا ما نفاه بائع الخضار المسن المقيم منذ سنوات طويلة جانب هذا المنزل. فيما أبت ابنة صاحب المنزل، المسن والمريض، كما قالت، أن تطل بوجهها بعد أن فتحت الباب لانشغالها بوالدها، ولم تفصح لتلفزيون الخبر عن أي تفصيل متعلق بطبيعة الحياة، داخل منزلهم المائل، تبتسم بخجل وتغلق الباب. الخبر