بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

تواطـــؤ بــــــــــــــــين «المتنفذيــــن».. وتجــار العقـــارات: «العشوائيــات» معضلــة لا تــــــــــــــــحلها المـــــــــــــــــزيــد مـن «القـــرارات العشـوائيـــــة»!

الاثنين 19-11-2018 - نشر 6 سنة - 5794 قراءة

ازدحام في التصريحات الصادرة عن مسؤولي محافظة دمشق في الفترة الأخيرة، والتي تتحدث فيها عن مخططات تنظيمية جديدة، مخططات يتم التصريح عنها مرة هنا ليعاد ويتم نفيها هناك! «هل نعود إلى منازلنا أم نبقي أرجلنا في البيوت التي نسكنها، وتبقى أرواحنا ترحل إلى تلك الحارات التي تصنّف على أنها عشوائيات»، يقول باسل المفتي: يقارب عمري خمسين سنة لم أعرف خلالها منزلاً سوى ذلك البيت الذي بناه والدي في منطقة التضامن، إلى أن هجّرتنا الحرب، وتنقلتُ في المدن السورية ومن ثم إلى لبنان، واليوم بعد عودتنا يتم تشميع منزلنا بالشمع الأحمر، والحجة مخطط تنظيمي جديد وأوراق ملكية. يتابع باسل «لم يعد بمقدورنا تحمل تكاليف الإيجار، أعمل خياطاً، لكنني خسرت ماكينات الخياطة وصرفت مدخراتي منذ سنوات، واليوم أريد أن أعود لبيتي الذي قامت المحافظة بتشميعه بالشمع الأحمر مع أكثر من 3500 منزل في المنطقة». المحامي عبد الرزاق(ح) يعلّق على حالة باسل وغيرها من الحالات المشابهة بالقول «منذ أشهر ونحن نعمل بقضايا تثبيت الملكية، حيث يعاني عدد كبير من سكان ضواحي دمشق من غياب سندات الملكية، فمعظم العقارات لاتزال على المشاع أو وكالات بيع قديمة، ولتثبيت الملكية نقوم بإخراج حكم محكمة». يضيف: الجميع يخشى أن يفقد حقه في منزله بسبب غياب التنظيم سابقاً عن هذه المدن، واليوم بسبب ضبابية عدد من القرارات أصبح الناس أكثر خوفا من قبل، إضافة إلى انتشار الوكالات المزورة وسرقة المنازل في بعض المناطق، إما بحجج أمنية أو بحجة خروج أصحاب المنازل إلى خارج القطر واطمئنان البعض لعدم عودة أصحاب المنازل في الوقت القريب. عشوائي لا تسكن ومنظم لا تحلم! تفاجأ سكان حي التضامن بوجود الشمع الأحمر على منازلهم، حيث وصل عدد المنازل التي تم ختمها مؤخرا بالشمع الأحمر بحسب عضو المكتب التنفيذي لشؤون التخطيط والإحصاء والبرامج والموازنة في محافظة دمشق فيصل سرور إلى 3500 منزل. وكان سرور كشف قبل أيام عن أن محافظة دمشق لديها خطة لدراسة تنظيم مناطق السكن العشوائي بدءاً من عام 2019 وتنتهي عام 2024، مضيفاً أنه لا يوجد إخلاء لأي منطقة سكن عشوائي حالياً، أما بالنسبة لحي التضامن فأكد أن «هناك حوالي 3500 منزل صالح للسكن تم ختمهم بالشمع الأحمر، وخلال الفترة القريبة سيطلب من أصحاب هذه المنازل تقديم وثائق الملكية ليصار إلى عودتهم إليها». لكن سرور نفسه كان صرح قبل فترة قريبة أن محافظة دمشق بدأت بإعداد دراسات لإنجاز مصورات تنظيمية لمناطق السكن العشوائي في مدينة دمشق، قائلا: إن «الدراسة الأولى بدأت وتشمل مناطق جوبر وبرزة والقابون وتنتهي بداية عام 2019، فيما تشمل الدراسة الثانية مناطق التضامن ودف الشوك وحي الزهور وستبدأ مطلع 2019 وتنتهي آخره». مضيفاً أن «المنطقة الثالثة تضم مناطق دمّر وحي الورود والربوة، تبدأ بداية عام 2020 وتنتهي بنهايته، فيما تشمل المنطقة الرابعة سفح جبل قاسيون والمنطقة المستملكة في بلدة معربا وتتبع لمحافظة دمشق، وتبدأ الدراسة بداية عام 2021 وتنتهي في آخره». ولفت سرور إلى أنه «في بداية عام 2022 تباشر المحافظة بإعداد المخطط التنظيمي لمنطقة 86 وتنتهي في آخره وفي بداية عام 2023 تبدأ بإعداد دراسة المخطط التنظيمي لمنطقة استملاك المعضمية، وتشمل منطقة خلف مطار المزة حتى حدود محافظة ريف دمشق». مشكلة تخطيط أم تنفيذ؟ يرى الحقوقي والخبير في الإدارة المحلية بشار مبارك في حديثه لـ «الأيام» أن مشكلة العشوائيات والمناطق المخالفة تتعدى موضوع التخطيط: «تتعدى العشوائيات اليوم في تعريفها الشكل الذي يقوم على تجمّع من الأبنية والسكن المخالف لضابطة البناء، الذي لا تتوفر فيه الطرقات النظامية والإضاءة والمساحات الخضراء وإلى ما هنالك من مواصفات تتواجد عادة في الأبنية النظامية»، موضحاً أن السكن العشوائي اليوم يعرف نفسه من غياب النظام العمراني السليم، ويزداد الوضع سوءا مع غياب المرافق العامة التي من المفترض أن تخدم المناطق كالمدارس والمستوصفات و الحدائق وغيرها من خدمات». ويضيف مبارك: من جهة الإدارة المحلية فإننا نرى أن هذه الوحدات الإدارية وتحديدا مراكز المدن الكبرى، قد فشلت في استقراء واقع العشوائيات، حيث لم تمارس دورها الأساسي في موضوع التنظيم العمراني واستقراء مستقبله والتمدد الذي كان يتم التوسع فيه، كي تسبق التمدد الحاصل وتحد منه، وهذا الأمر من صلب مهام هذه الوحدات وفق قانون الإدارة المحلية وتحديدا المادتين (60-61). ويعتبر أنه كان هناك غياب واضح لخطة وطنية على مستوى الحكومات المركزية لهذا الموضوع مما كرّس حال العشوائيات. ويعتقد مبارك أن غياب الخطة الوطنية لا يُنظر إليه من حالة الفشل في التخطيط فقط ، بل ينظر إليه أيضا من زاوية اقتصادية، حيث نلاحظ موضوع الفساد الذي أصبح منظومة من خلال استثمار غياب وجود مخططات تنظيمية، وهو ما أوجد نوعا من أنواع التواطؤ بين تجار العقارات وبعض المتنفذين والمستفيدين في هذه الوحدات الإدارية ومجالس المدن الكبرى، التي تعاني مما يسمى بأحزمة البؤس (العشوائيات) مثل مدينة دمشق وحلب وحمص، مضيفاً بأن  هذه العشوائيات باتت عبارة عن منظومة اقتصادية حيث تكون الأبنية رخيصة الثمن، وذلك لأسباب عديدة أبرزها أن تكلفة العمار تقارب الصفر بالنسبة للتجار، فمعظم الأراضي إما أراضي استملاك للدولة، أي لا يدفع ثمنها، أو في مناطق مخالفة، أي أن ثمنها بخس. إلى جانب عدم دفع تجار العقارات للرسوم الخدمية كإيصال الخدمات من صرف صحي ومياه وتعبيد للطرقات، إلى البناء والتي عادةً يتم تحميلها على تكلفة البناء. من جهة أخرى، يقول مبارك إنه بات لدينا طبقة سكانية تريد العمل في المدن وتحاول الهروب من الإيجارات المرتفعة داخل تلك المدن، إلى جانب عدم قدرة الفئة الأكبر من شراء مساكن في المناطق النظامية، مما ولّد منظومة عشوائيات مستمرة لن تنضب، وستبقى جاذبة للتجار الذين أصبحوا يقومون ببناء المساكن وبيعها وطرحها للإيجار.  «أعيدوا لي منزلي» اشترى مازن الدحاح منزلاً في منطقة عرطوز قبل سنة ونصف، بعد أن أخرج من منزله الذي كان يقع في منطقة المزة خلف الرازي. يقول مازن استطعت أن أجد منزلا في ريف دمشق بعد أن بعت أسهمي، فأنا لا أستطيع السكن بالإيجار. ويضيف «صحيح أن عرطوز ليست بعيدة كثيرا عن العاصمة، لكنني وحتى اليوم أشعر بغربة، حيث أعيش في بيئة لا تشبه البيئة التي ولدت وكبرت فيها، معظم أقربائي اختاروا استئجار منازل في مناطق مثل المزة، لكن الإيجارات المرتفعة سحبت كل مدخراتنا. ويتابع «لا أعتقد أننا سنعود قريبا إلى منطقتنا، وأشعر بغربة باتت تزداد يوما بعد يوم». تعويض عادل أو… ترى خبيرة الاقتصاد الدكتورة نسرين زريق أنه كي نتجنب وقوع أي كارثة اقتصادية جديدة قد تنتج عن موضوع إزالة العشوائيات فإنه علينا أن نكون عادلين في التعويض لسكان هذه المنازل. والتعويض العادل يكون إما بسكن مقابل المنازل التي ستتم إزالتها في نفس المنطقة أو بمنطقة قريبة، لأن الناس يسكنون في مناطق قريبة من عملهم. فمثلا عندما يكون لدينا متضرر يقيم في منطقة مخالفات أو عشوائيات في محيط دمشق والتعويض له يكون بسكن على حدود محافظة حمص. وما يحدث غالبا التعويض ببطاقة أسهم يضعها الناس بأدراجهم لأحفادهم فلم يخلق الشعب كله ليكونوا تجار أسهم ولا يعلمون كيفية استخدامها. وتوضح زريق: المفروض أن يكون التعويض السكن بالسكن والهادم يعوِّض، ولكن غالبا ما نسمع عن مبالغ تعويضات تكون زهيدة عندما يكون التعويض للناس العاديين، فيما يرتفع رقم التعويض بناء على التقديرات الموضوعة ويرتفع تقييم الأراضي لتصل المبالغ إلى المليارات. وتضيف بأنه وفقاً للموازنة المطروحة فإن الحكومة السورية تملك أضخم ميزانية في تاريخ سورية، بالتالي هي قادرة على تأمين منازل للناس وبنائها بالشكل الانزلاقي الذي يتحدثون به من دون أن يكون هناك أعباء تكاليف زمنية نتيجة تغييرات سعر الصرف، وترى زريق بأن المهندسين السوريين قادرون على ابتكار سكن لائق وبتكاليف معقولة. حيّروني! خرج أبو المجد العلي بمبلغ 6 ملايين ليرة استطاع أن يضعها في البنك بعد أن خرج من مخيم اليرموك عام 2012 . يقول أبو المجد بعد خروجنا من المخيم استأجرت منزل في منطقة الميدان لمدة عام على أمل أن اعود إلى منزلي ومحلي في المخيم، لكن وضعي الاقتصادي بات صعبا وبدأت مدخراتي بالنفاذ، فاستأجرت منزلاً في منطقة الزاهرة الجديدة، وبعد سنة انتقلت إلى جديدة عرطوز الفضل، و بعد تحرير المخيم عدت لأجد منزلي ومحلي مدمرين، ولا أظن أن عودتنا ستكون قريبة، وأنا اليوم أعيش في حيرة من أمري، فمنزلي يعدّ مخالفا وفق منظور المحافظة، وبحسب التصريحات لن أحصل على أي تعويض مادي، والنقود التي بحوزتي كنت خبأتها لترميم المنزل، فهل أرمم سرابا أم أشتري منزلا من دون إكساء في منطقة هي أيضا مخالفة، أم أصرف نقودي على الإيجارات؟! مخططات بالجملة عملت الحكومة السورية منذ العام 2016 على إصدار عدد من المخططات التنظيمية شملت عدداً من المحافظات السورية، حيث تم إصدار /35/ مخططا في محافظات دمشق، وحلب، وحمص، وحماه، واللاذقية وطرطوس، وتمت بحسب مجلس الوزراء الموافقة على /59/ برنامجا تخطيطيا في محافظات حلب وحمص وحماه واللاذقية وطرطوس والقنيطرة، ضمت برامج تخطيطية لتجمعات سكنية، بالإضافة إلى مناطق حرفية وصناعية، والموافقة على تحويل /16/ مخططا من ورقي إلى رقمي في محافظات حمص وحماه والحسكة والسويداء. عشرات السنين من الإهمال -الذي يراه البعض مقصوداً- أسست لمدن باتت تضرب حزاماً من البؤس حول المدن، هذه العشوائيات باتت تشكل بحد ذاتها منظومة اقتصادية اجتماعية فريدة في تكوينها، وإذا لم تتم معالجتها بشكل سليم قد تنقلب الأمور إلى خراب. فالعبرة بحسب من التقتهم «الأيام» من خبراء ومهندسين ليست فقط بتنفيذ مخططات تنظيمية، بل بوجود نية لتنفيذ هذه المخططات وفق أسلوب نتجنب فيه وقوع أي أحداث لا يحمد عقباها.     الأيام


أخبار ذات صلة

وزير السياحة : قانون جديد لاتحاد غرف السياحة تحت قبة «الشعب» قريباً ..

وزير السياحة : قانون جديد لاتحاد غرف السياحة تحت قبة «الشعب» قريباً ..

التشريعات الصادرة تطور من آليات العمل السياحي

وداعاً للصاقات.. (QR) لحماية الشهادات الجامعية اعتباراً من اليوم …

وداعاً للصاقات.. (QR) لحماية الشهادات الجامعية اعتباراً من اليوم …

رئيس جامعة : 35 ألف طالب يتخرج سنوياً … الآلية الجديدة بمستوى أمان أعلى وتوفر سنوياً نصف مليار ليرة

الاتحاد شدد على إلغاء عقوبة السجن المنصوص عليها …

الاتحاد شدد على إلغاء عقوبة السجن المنصوص عليها …

المصري : ترشيح صناعيين لإعداد مسودة خاصة بالقانون 8