بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

الـدول تستثمـر فـي القمامة.. ومدننـا تغــرق بقمامتهـا منتظــرة المشاريــع المؤجلة!

الأحد 18-11-2018 - نشر 6 سنة - 764 قراءة

في الوقت الذي أعلنت فيه ألمانيا أنها فارغة من القمامة، وفتحت الباب لاستيراد القمامة من الخارج، بعد أن وجدت الشركات الألمانية «كنوزاً فيها»!، ما زالت القمامة في سورية عبئاً متراكماً، حيث يتم التخلص منها بأبشع الطرق البيئية، من دون أن ننجح حتى في ذلك، فكم نحتاج حتى نفكر فعلياً في الاستفادة منها!   14 مليار لترحيل القمامة تفرز القمامة في العديد من البلدان المتقدمة وتحوّل إلى سماد وطاقة وورق وغير ذلك، ما يعد من أنجح الاستثمارات كون المواد الأولية موجودة ومجانية، وهذا يعود بمردود عال على تلك الدول، ما جعلها تفكر باستيراد كميات إضافية من القمامة… أما في سورية، فنصرف المليارات سنويا للتخلص من القمامة بدلا من التفكير باستثمارها، فترحيل نحو مليون طن من النفايات سنوياً من مدينة دمشق التي زاد عدد سكانها عن 8 ملايين نسمة، حسب ما أفادت المحافظة في وقت سابق، يصل إلى نحو 5 مليارات ليرة سورية، أي بمعدل 625 ليرة للفرد سنوياً، و1.7 ليرة يوميا للفرد الواحد. ما يعني أن كلفة ترحيل القمامة تصل إلى حوالي 14 مليار ليرة سورية سنوياً، بما أن عدد سكان سوريا 22 مليون نسمة (بافتراض الإنفاق على الفرد في دمشق هو ذاته في كل المحافظات)، هذا عدا عن نفقات أجور العمال، وصيانة الآليات التي تكلف الواحدة في السنة مليون ليرة. وعلى الرغم من هذه التكاليف العالية نسبياً، ما زالت القمامة منتشرة في مناطق عديدة من دمشق، خاصة مناطق المخالفات، ومن ريف دمشق، مثل جرمانا وقدسيا، حيث تتكدس القمامة في الحاويات وحولها وعلى الأرصفة ما يعني انتشاراً للحشرات والروائح الكريهة والأمراض. وحجة المعنيين هي نقص العمالة، حيث انخفض عدد عمال النظافة خلال الحرب إلى أكثر من النصف في أغلب المناطق، إلا أن الوضع لم يكن أفضل بكثير قبل الحرب، فالمشكلة قائمة منذ زمن طويل، والمعنيون يفكرون بحلول مؤقتة وضيقة، بدلا من إيجاد حلول تحوّل صرف الأموال على التخلص من القمامة، إلى استثمار يجلب المال.   حرق عشوائي عجْز الجهات المعنية عن التخلص من القمامة المنتشرة في العديد من المناطق دفع السكان في تلك المناطق إلى حرق هذه القمامة بشكل تطوعي وعشوائي، فلابد من التخلص منها ولو بطرق خاطئة، وتنتشر ظواهر حرق القمامة،  في بعض بلدات ريف دمشق وحتى أحيانا في المناطق العشوائية من دمشق، وتعليقاً على ذلك يقول عبد الرزاق دويرية مدير التخطيط الإقليمي في محافظة ريف دمشق لـ «لأيام»: إن موضوع المحارق الخاصة، مرفوض تماما وهو ضار جدا على البيئة، لأن حرق مكب القمامة يؤدي إلى تلوث وضرر كبير وهذا ممنوع منعا باتاً، موضحاً أنه تم التعامل مع الحالات التي وردت إلى المحافظة بهذا الخصوص ومعالجتها، لمنع تكرارها، من دون أن يخوض دويرية في تفاصيل تلك الحالات. من جهته يرى الدكتور فاروق العادلي «وزير بيئة سابق» أن اللجوء إلى حرق النفايات للتخلص منها، حل سيء لكثير من الأسباب، منها خسارة الدخل الذي كان يمكن الحصول عليه في حال إعادة تدويرها، وتلويث الجو بالغازات الضارة والسامة، والإضرار بصحة المواطنين والكائنات الحية، إلى جانب تشويه المنظر العام وانتشار الروائح الكريهة، مع احتمال إشعال الحرائق في المناطق المجاورة. مضيفاً: عملت بعض الدول على إصدار قوانين صارمة منها منع طمر النفايات في باطن الأرض، إضافة إلى تخصيص بعض الدول أكياسا خاصة بكل نوع من النفايات، فالأصفر للورق والكرتون، والأزرق للبلاستيك والمعادن، والأخضر لمخلفات الحدائق، والأبيض لبقية المخلفات. وعن طمر النفايات يقول العادلي، ربما يكون أفضل حل سيء في الوقت الراهن إذا تم تنفيذها وفق الاشتراطات المعروفة وإذا اعتمد كحل مؤقت. والحل المثالي لمشكلة النفايات حسب العادلي، هو فرزها من المصدر وإعادة تدويرها لتوليد الطاقة والحصول على مواد مفيدة.   3000 طن يومياً وعن آلية التخلص من القمامة في دمشق يقول عماد علي مدير النظافة في محافظة دمشق إن في المحافظة 27 مركزا لتجميع القمامة وتصل كمية القمامة يوميا من 2500 إلى 3000 طن يتم ترحيلها إلى مقلب «الأحدعشرية» في منطقة باب شرقي وهناك توجد آليات لنقلها لمعمل المعالجة قي «الجارونية» بريف دمشق، موضحاً أن المعمل يعالج القمامة بالطمر بالأتربة وبآلية المنافس؛ وهي عبارة عن أنابيب مغلقة لتجميع غاز الميتان، وهو غاز غالي الثمن من الممكن الاستفادة منه مستقبلا. والقسم الآخر يفرز داخل المعمل ليتم تحويله إلى سماد حسب قدرة المعمل الإنتاجية. أما في ريف دمشق فمن الصعب إحصاء كمية القمامة، حسب دويرية، والذي أوضح أنه لا يمكن تحديد كمية القمامة في ريف دمشق لأن المساحات واسعة وأحيانا تتحمل الوحدات الإدارية موضوع نقل القمامة وترحيلها.   معامل منتهية الصلاحية معامل تحويل القمامة في سورية قليلة جداً وإمكانياتها متواضعة حيث يوجد معمل في طرطوس أُحدث عام 2011، يحوّل القمامة إلى سماد وهو أفضل الموجود، أما المعمل الثاني فموجود في القنيطرة، إلا أنه توقف عن العمل لفترة طويلة نتيجة الحرب، والمعمل الثالث لمحافظتي دمشق وريفها، وهو معمل قديم غير قادر إلا على معالجة كمية قليلة من قمامة دمشق وريفها. ويوضح مدير هذا المعمل، موريس حداد، أن المعمل تأسس لمعالجة القمامة في دمشق عام 1990، وهو يحوّل القمامة إلى سماد لكنه لا يعالج إلا جزءا صغيرا من القمامة، ما يقارب 150 طن من القمامة بينما تبلغ كمية القمامة اليومية 3000 طن. لافتاً إلى أن عمر المعمل الفني منتهٍ، فهو يعمل منذ 28 سنه بينما عمره الفني 15 سنه، مضيفاً: نحاول بالإمكانيات المتاحة أن نجعله يستمر في عمله، فحتى الشركة التي صنّعته لنا باتت تعمل في مجال آخر، ويشتري الفلاحون في المناطق القريبة للمعمل، السماد منه وهو يقدم كمية لا بأس بها إلا أنها ليست كافية.   المواطن غير متعاون تدعم الحكومة قطاع النظافة بنسبة 97.7 % في وقت يساهم المواطن بأقل من 2.3 % من تكاليف النظافة، والحقيقة أن أي مشروع للاستفادة من القمامة لا يمكن أن يتم إلا بتعاون المواطن الكامل، فالفرز يبدأ من المنزل وهذا ما تعتمد عليه الدول المتطورة في هذا المجال، أما في سورية فهناك تجربة خجولة قامت بها محافظة دمشق على منطقة شرق التجارة، وعلى الرغم من أن التجربة كررت عدة مرات خلال السنوات الماضية إلا أن نتائجها لا تذكر، ويوضّح ذلك، مدير النظافة: بالنسبة لفرز القمامة نعمل حاليا على منطقة شرق التجارة حيث وضعنا حاويات للفرز إلا أن هذا الأمر يحتاج إلى وعي المواطن وتعاونه، ونتشارك في ذلك مع وزارة البيئة ومن المفترض أن يكون هناك حملات لنشر الوعي في المدارس ووسائل الإعلام، لأن الفرز إن لم يبدأ من المنزل لن يكون مجدياً. مؤكداً أن النتائج حتى الآن بسيطة، ونحاول تعميق الفكرة عند المواطن فهو غير معتاد على ذلك وحتى الآن لا يشعر بأن الشارع والمنزل يجب المحافظة على نظافتهما بنفس الدرجة. ويلفت علي، إلى أن إهمال القمامة والتخلص منها بطرق غير حضارية، موضوع خطير على البيئة ونحن سباقين في هذا الموضوع مقارنة بالدول المجاورة، أما بالنسبة للدول الأوروبية ففي منازل المواطنين هناك عدة حاويات للفرز ما يسهل العمل. والحقيقة أن بعض الدول ألزمت المواطنين بقوانين صارمة أصبحت جزءاً من روتينهم المعتاد، حتى سادت ثقافة بينهم بضرورة فرز النفايات بدءاً من المنزل. و يرى فاروق العادلي، أن على المواطن التقييد بالإجراءات البسيطة كخطوة أولى، منها عدم رمي النفايات إلا في الحاويات المخصصة لذلك وفي أكياس مغلقة وفي الأوقات المحددة، إضافة إلى عدم حرق النفايات للتخلص منها لما تسببه من أمراض، وتخصيص أماكن محددة لرمي البطاريات حصرا فيها، مؤكداً أن كل ما ذكر أعلاه يشترط لنجاحه أن يتم بالتنسيق ما بين الدولة والمواطنين. ويؤكد الوزير السابق إلى أن الكثير من الدول سبقتنا إلى تدوير القمامة، فمعظم دول العالم تمارس إعادة تدوير النفايات وتحصل بالنتيجة على طاقة وأسمدة ومواد بناء بأرخص الأسعار، وفي بعض دول العالم يتم فرز النفايات من المصدر مما يوفر جهودا كبيرة على عملية إعادة التدوير، لافتاً إلى أنه في اليابان مثلا يخصص كل يوم من أيام الأسبوع للتخلص من نوع معين من أنواع النفايات، وفي معظم دول العالم يمنح ترخيص البناء متضمنا إلزام صاحب العلاقة باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع التلوث الناجم عن الغبار والنفايات والضجيج وتشويه المنظر العام، وفي بعض دول العالم لا يسمح بالتخلص من أثاث مهترئ أو أوان أو تجهيزات قديمة إلا بموجب ترخيص معين ولقاء رسوم معينة.   تجارب متقدمة ويؤكد العادلي أن التوعية أمر مهم جدا وفي معظم دول العالم تتم التوعية البيئية في المدارس ورياض الأطفال وفي داخل الأسرة، ومن الواضح أن ما وصلت إليه الكثير من الدول في سلامة البيئة ما كان ليتم لولا وعي المواطن ومشاركته وشعوره بالمسؤولية. وتستفيد الحكومات في الدول المتقدمة من النفايات بتحويلها إلى طاقة، ويهدف الاتحاد الأوروبي إلى إعادة تدوير 50% من النفايات بحلول عام 2020، بالمقارنة مع 35% عام 2010، و23% عام 2001. ويرى العادلي أن أحسن طريقة للتعامل مع القمامة هو فرزها من المصدر وإلا فسيترتب جهد كبير في حال فرزها بعد جمعها… ففي اليابان على سبيل المثال (باعتبار أن المواطنين متعاونون في سبيل خدمة بلدهم) يتم فرز النفايات من قبل المواطنين مباشرة في بيوتهم ومكاتبهم ومؤسساتهم فلا تضطر البلديات إلى استخدام آليات فرز النفايات بل يقومون بمعالجتها وإعادة تدويرها مباشرة فيحصلون بالنتيجة من هذه النفايات على أسمدة طبيعية للمزروعات وعلى منتجات بلاستيكية ومواد بناء لرصف الطرق.   عروض تنتظر التطبيق هناك العديد من المشاريع التي تتعلق بتكرير القمامة كان من المفترض أن تبدأ في سورية منذ سنوات إلا أنها توقفت، اليوم هناك توجه للاستثمار في القمامة مجدداً، إلا أن جميع المشاريع المطروحة ما زالت قيد الدراسة، حيث يقول مدير التخطيط في ريف دمشق: إن مسألة تدوير القمامة مسألة مهمة وهناك عدة شركات أجنبية تريد الاستثمار في هذا المجال من خلال تحويل القمامة إلى سماد أو غير ذلك. مؤكداً أن عام 2019 سيشهد البدء بشكل فعلي للاستثمار في القمامة في سورية من قبل عدة شركات، ويلفت دويرية إلى أن العروض بدأت تصل إلى محافظة الريف بهذا الخصوص، «لدينا عرضان من شركتين لإقامة مراكز تدوير القمامة أحدهما في جرمانا والآخر في التل، بهدف تحويل القمامة إلى سماد أو غاز في مرحلة متقدمة، وهما الآن قيد الدراسة». ويؤكد موريس حداد من جهته أنه وضمن الخطة القادمة سيكون هناك مراكز معالجة لتوليد الطاقة من القمامة، وحالياً تتم تهيئة البنى التحتية لمكان إنشائها، حيث سيكون هناك مركز في نجها، وآخر في رخلة، وستطرح هذه المراكز قريبا جدا للاستثمار. لافتاً إلى أنه تم ترك نوع الاستثمار في القمامة للمستثمر نفسه سواء تحويلها لسماد أو توليد الكهرباء بالحرق أو تحويلها إلى فيول وطاقة.   تفعيل القانون… فقط من وجهة نظره يرى فاروق العادلي أن ما يطمئن إلى حد كبير أنه يوجد في سورية قانون وأنظمة بيئية سيكون لها دور أساسي إذا تم تفعيلها من قبل وزارة الإدارة المحلية والبيئة، متمنياً لو تمت المحافظة على وزارة مستقلة للبيئة ذات صلاحيات واسعة، خاصة ونحن مقبلون على إعادة إعمار سورية.   الايام - لودي علي  


أخبار ذات صلة

وزير السياحة : قانون جديد لاتحاد غرف السياحة تحت قبة «الشعب» قريباً ..

وزير السياحة : قانون جديد لاتحاد غرف السياحة تحت قبة «الشعب» قريباً ..

التشريعات الصادرة تطور من آليات العمل السياحي

وداعاً للصاقات.. (QR) لحماية الشهادات الجامعية اعتباراً من اليوم …

وداعاً للصاقات.. (QR) لحماية الشهادات الجامعية اعتباراً من اليوم …

رئيس جامعة : 35 ألف طالب يتخرج سنوياً … الآلية الجديدة بمستوى أمان أعلى وتوفر سنوياً نصف مليار ليرة

الاتحاد شدد على إلغاء عقوبة السجن المنصوص عليها …

الاتحاد شدد على إلغاء عقوبة السجن المنصوص عليها …

المصري : ترشيح صناعيين لإعداد مسودة خاصة بالقانون 8