من ” رهبة الأستاذ ” إلى الـ “سيلفي وطلابي خلفي”.. كسر”القوالب الجامدة” في المدارس
طفت خلال السنوات السابقة على السطح، مظاهر جديدة أثرت على البيئة المدرسية التي كانت معروفة بانضباطها وأنظمتها شبه الثابتة، لتأتي مظاهر جديدة انتشرت مع التطور ودخول التكنولوجيا ووسائل التواصل بشكل عميق في مختلف مفاصل الحياة اليومية. والاندفاع الكبير على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في مجتمعنا موجود بمختلف المجالات، وبطريقة من الممكن أن تظهر ببعض أحيانها كـ “زائدة”، حتى أن وصلت إلى المدراس والمدرسين والطلاب. و”موضة السيلفيات” تعد واحدة من هذه المظاهر الجديدة التي ازدادت مؤخراً، لتصل إلى داخل الشعب المدرسية حتى والباحات، وصاحب “السيلفي” في معظم الأحيان يكون المدرس، و”الشعبة الفلانية” خلفه، لتنشر عبر مواقع التواصل، وخصوصاً “فيس بوك” و”انستغرام”. ويقوم بعض المدرسين حتى بتصوير طلابهم بمقاطع فيديو تظهر إلقاء الوظيفة ما أو فعالية دراسية ما، أما “سلفي” نهاية الحصة هو أمر أصبح لدى البعض خطوة يومية وطبيعية يصطف الطلاب من أجلها يومياً. وهذا الأمر كما ذكرنا سابقاً هو نتيجة “تعشش” التكنولوجيا في حياتنا اليومية، وزيادتها في المدارس، يأتي كما يقول البعض “تسلاية” أو “محبة” بين الطلاب ومعلميهم، أو حتى “تحفيز وراحة للطالب في تعامله مع المعلم”. ولآثار ظاهرة “سيلفي الأستاذ وطلابه” أو فيديوهات تدريس المعلمين لطلابهم، جوانب نفسية وتربوية أيضاً، يطول الحديث فيها، لخصها أحد المدرسين بقوله أنها “تمرين على الثقة بالنفس وطريقة تشجيعية للطالب من أجل التميز وهو يعلم أن انجازه سينشر على الانترنت”. وأضاف المدرس، خلال دردشة لتلفزيون الخبر، أنها “حالة تعلق بين الطالب والاستاذ، وتؤدي لشعور فرح وثقة وفخر مع رفاقه ومدرسيه، حيث يشعر أن هذه الصورة لها معنى كبير”. وتابع: “حتى المدرس بهذه الطريقة يتمكن من ضبط طلابه بشكل ما، بمبدأ الثواب والعقاب”. وأردف المدرس: “فالشعبة التي تجتهد وتنضبط وتتفاعل، مكافأتها بنهاية كل حصة “صورة سيلفي”، أما الشعبة التي لم ترضي بأدائها المدرس وتخرج دون الصورة، يصبح لديها حافز من أجل التطور، فهي لم تكافأ”. بالمقابل يستذكر أحد الأشخاص ما سماه بـ” الأيام الخوالي “ لتلفزيون الخبر قائلاً: “كنا بالمدرسة نهرب من الموجه عند رؤيته ونختبئ تحت الدرج لما له من رهبة، وخوفاً من توجيه أصغر ملاحظة لنا على اللباس أو النظافة”. وقدم شخص آخر رأيه شارحاً أن “الزمان والأجيال تطورت وهذا الأمر لا شك فيه، وما عشناه خلال سنوات الحرب السابقة لا يمكن استثناء أثره أيضاً، وهو مراعاة الظروف والتخفيف على الطلاب بسبب الظروف”. وأضاف: “لكن على الرغم من ذلك، تبقى الذاكرة تتحدث عن الانضباط الشديد الذي كان في المدارس السورية، وما خرج عنها من أساتذة وعلماء ودكاترة جامعة بمستوى علمي رفيع وشخصيات مهمة”. وتابع: “بالطبع فلا يمكن للمرء ربط عامل الانضباط مع النجاح بشكل قاطع، لكن البيئة المدرسية تغيرت بشكل كبير عما كانت عليه سابقاً، فأيام استعداد الصف الذي تحبس أنفاسه حين دخول المعلم لحين أن يقول استرح، كلها أيام ولت، وهذا الأمر واضح”. وأردف المتحدث: “هذا التغير ازداد بشكل يراه البعض زائداً مع الانفتاح الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي، لدرجة وصلت للوضع الحالي الذي يقول لك أن “سيلفي” المدرسة والأستاذ أصبح أمراً اعتيادياً، في حين كان الهاتف “في الأيام الخوالي”، ولا زال أمراً ممنوعاً في المدرسة”. ولا يقف الأمر على علاقة الطالب بالمدرس، فانتشار التكنولوجيا، دفع للتهاون في مفاصل أخرى، من باب “ العصرنة “، فمن الممكن أن تدخل لإحدى المدارس وتسأل عن شعب البكالوريا مثلاً. ليأتيك الجواب: “أي شعبة بدك؟.. الهيبة ولا النسور”!، أو “الهيبة 1 ولا الهيبة 2 ولا الهيبة 3” ، لتقف متعجباً بأي جزء من مسلسل باب الحارة أنت حالياً، متسائلاً “إن كنت دخلت على مدرسة أم استديو تلفزيون”. ومن المعروف أن “ الهيبة “ هو مسلسل سخيف من الناحية الأخلاقية والتربوية ، يحكي قصة مجرمين وزعران ، وعلى الرغم من ذلك ، قام معهد تربوي شهير في حلب بتسمية الشعب الصفية بهذا الاسم. والأمر ليس حصراً على أسماء مسلسلات تلفزيونية فقط، فيمكنك تخيل ما يحلو لك من أسماء وصفات تطلق على الشعب الصفيّة، كتسمية صفوف الثامن “الوعد” وتسمية التاسع “الأمل”، وصفوف البكالوريا “الندم” مثلاً، لأنهم أصبحوا كباراً. وكانت وزارة التربية عممت على مديرياتها، الأربعاء الماضي، قراراً يقضي بإيقاف جميع صفحات المدارس على مواقع التواصل الاجتماعي، وعدم إنشاء صفحة باسم أي مدرسة دون الحصول على موافقتها الرسمية. هي أمور من الممكن أخذها ببساطة، لكن البساطة في غير مكانها مقتل حقيقي، في ظل غياب الرقابة على هكذا تفاصيل، على الرغم من الجهد الكبير الذي تبذله وزارة التربية في القضايا التي تعتبر محورية . الخبر