فلاحو الساحل يهاجرون إلى خط الاستواء..الحاجة أم الاختراع
الزراعات المدارية والاستوائية زراعات جديدة دخلت الساحل السوري منذ ثمانينيات القرن الماضي من قبل بعض المغتربين لتبدأ كزراعة منزلية تجريبية محدودة مع بداية عام 2000 وتوسعت عام 2005 بعد نجاح الأشجار المدخلة، وبعدها غامر بعض المزارعين المقتدرين بزراعة بعض أصناف هذه الفاكهة في البيوت المحمية لنصل إلى إنتاج أصناف منها موجودة في كل الأسواق السورية اليوم، من هنا كان لا بد من لقاء مع المزارعين والمختصين والمعنيين للحديث عن هذه الزراعات في المحافظة ما لها وما عليها. زراعة ناجحة بلغت المساحة المزروعة من الفاكهة المدارية والاستوائية في طرطوس أكثر من /85/ دونماً 90% منها مغطى (بيوت بلاستيكية) وقد دخلت بعض أشجارها طور الإنتاج منذ 2006 وحتى اليوم 2018، ويمكن أن نقيم هذه الزراعة بأنها زراعة ناجحة من الناحية البيئية والزراعية والاقتصادية هذا ما أكده المهندس رفعت عطاالله المشرف على أكثر من /50/ مزرعة لهذه الزراعات في منطقة الخراب.. وأضاف أن أكثر ما خدم هذه الزراعة التغيير المناخي الحاصل ويمكن أن نتوسع بهذه الزراعة على حساب الخضراوات المحمية وتعدّ داعمة للزراعات التقليدية مثل الحمضيات وغيرها. محدودية المساحة المزروعة لم تنتشر هذه الزراعة بشكل كبير رغم مرور سنوات على دخولها إلى سورية وبقيت محدودة الانتشار رغم الظروف الجوية المواتية والمردودية الكبيرة.. المهندس عطا الله يعزو هذا إلى أن هذه الزراعة تحتاج إلى رأسمال مال كبير ومزارع مغامر، إضافة إلى افتقارنا إلى الخبرات في هذا المجال، وعدم اعتماد هذه الزراعة من قبل البحوث العلمية الزراعية وعدم دخولها في الخطة الزراعية حتى اليوم، إضافة لسعر الغراس المرتفع نتيجة عدم إنتاجها في القطر ولا يوجد مشاتل خاصة لها، فمثلاً سعر غرسة المانغو يصل إلى /12/ ألف ليرة وكذلك تكلفة إنشاء البيت البلاستيكي مرتفعة جداً تصل إلى مليون و /600/ ألف ليرة إنشاء وزراعة، والأشجار لا تدخل طور الإنتاج إلا بعد ثلاث سنوات ليصبح العائد مرتفعاً يغطي كل النفقات فالدونم الواحد يعطي /3/ أطنان من المانغو بعمر8- 25 سنة ويصل سعر الكيلو ما بين /800-1300/ ليرة سورية لتبلغ عائدية البيت الواحد ذي المساحة /425/ م2 مليون ليرة سورية في الموسم الواحد.. وبيّن عطا الله أن الثمار المنتجة لدينا تضاهي بلد المنشأ من حيث الطعم واللون والحجم. السيطرة على الأمراض أما بالنسبة للأمراض التي تصيب هذه الزراعة فهي تحت السيطرة فأمراضها بسيطة وأغلبها أمراض تربة ممكن السيطرة عليها فهي أمراض معروفة وبمقدور أي فني زراعي تحديدها ومكافحتها، إضافة لأمراض تصيب المجموع الورقي «اليخضور»، وتم استخدام فطريات متخصصة تتطفل على فطريات التربة وقد تم تطبيق المكافحة الحيوية لآفات التربة واليخضور للوصول إلى زراعة نظيفة ولاحقاً عضوية. بديل من زراعة الموز والبندورة في لقاء مع عبد الله بشارة- صاحب مزرعة مانغو في منطقة الخراب قال: كنت من أوائل مزارعي الموز والبندورة المحمية في المنطقة لكن بعد فشل هذه الزراعات وخاصة من الناحية التسويقية قررت المغامرة بزراعة خمسة دونمات ونصف يغطيها /11/ بيتاً بلاستيكياً بالمانغو منذ عام 2004 كزراعة بديلة، وما شجعني على هذه الزراعة عدم نجاحها في الدول المجاورة وتالياً عدم إغراق الأسواق بها في ذروة الإنتاج كما حصل معي في زراعة الموز، واليوم الإنتاج جيد من جميع النواحي وأنا سعيد بهذه المغامرة التي أثبتت نجاحها بشكل كبير. فتح معابر تسويقية وأضاف الياس أمين داود الذي يعمل في تسوق هذه المنتجات منذ ثماني سنوات ويعمل في سوق الهال أن هذه الفاكهة مرغوبة جداً ومطلوبة، ويتم تسويق كامل الإنتاج من دون عقبات وخلال هذا الموسم تم تسويق /236/ طناً من المانغو إلى السوق الداخلية والموسم لم ينته بعد، وعلى الرغم من أن سعر الكيلو قد يصل إلى /1300/ ليرة أو أكثر إلا أنه منخفض مقارنة بالدول المجاورة، وطالب بالسماح باستيراد الشتول عن طريق وزارة الزراعة للحد من أسعارها الكبيرة وزراعتها وتطعيمها في المشاتل الخاصة بالوزارة وتوزيعها على المزارعين الراغبين للتوسع بهذه الزراعة المهمة من الناحية الصحية والمادية والطبية مع ضرورة فتح معابر لتسويق المنتجات للدول المجاورة، وخاصة أن الاقبال على زراعتها سيكون كبيراً خلال السنوات القادمة، وأضاف أنه يتم العمل حالياً على ترخيص جمعية خاصة بمنتجي هذه الزراعة تحت اسم منتجي الفاكهة الاستوائية. وأضاف عطا الله أن من أبرز المشكلات التسويقية الداخلية جهل بعض الجهات المختصة بوجود هذه الزراعات وعدم توافرها كإنتاج محلي ما يعوق العملية التسويقية، وقد يتهم المسوق للإنتاج بأنه مهرب للمادة من الأسواق المجاورة رغم امتلاك الثبوتيات المطلوبة. أنواع متعددة من الفاكهة المدارية يعد المانغو من أكثر الأنواع انتشاراً في طرطوس فقد زرع منذ عام 2005، الدونم الواحد يعطي /3/ أطنان من الفاكهة بعمر 8-25 سنة وقد يصل عمر الشجرة إلى /50/ عاماً. الأفوكادو دخل سورية منذ بداية الثمانينيات وحتى 2005 لم يلق الرواج نتيجة الجهل بالقيمة الغذائية والطبية له، ومؤخراً ازداد الطلب عليه وهو لا يقل قيمة غذائية عن المانغو بل توجد فيه بعض الأنزيمات والفيتامينات التي تؤخر علامات الشيخوخة وهو يدخل في مواد التجميل. الكيوي أدخل منذ عام 1996-1997 وتم انتشار بساتين أمهات في مشاتل مزارع الدولة بالثورة عام 98 وبدئ بتوزيع الغراس عام 2000 وهو ينجح كزراعة حتى ارتفاع /600/ متر ويتحمل حتى -6 درجات مئوية شرط توافر التربة المناسبة والمياه الكثيرة، فاحتياجه للماء أكبر بكثير من المانغو. كذلك القشطة وهي موجودة منذ 1998 لها قيمة طبية أكثر منها غذائية، وقد نجحت كزراعة داخل وخارج البيوت المحمية وتوجد كصنف قديم المسمى بالبلدي مصدرها من لبنان صيدا وهي غزيرة الإنتاج والطلب عليها كبير. وحالياً توجد أصناف جديدة منتشرة مثل شيكو – ليتش – شوكولا – كاجو – دراغون – وهي ما زالت زراعة منزلية كما بيّن عطا الله ولا يمكن الحديث عنها الآن لأن أي تجربة تحتاج عشر سنوات لتقييمها ولكن يمكن القول: إن التربة في محافظة طرطوس مناسبة للزراعات الحديثة. خارج الخطة الزراعية وفي تصريح لمدير زراعة طرطوس المهندس تيسير بلال قال: إن الموجود من الأشجار الاستوائية والمدارية في المحافظة إنما هو تجارب فردية وليست ضمن الخطة الزراعية حتى اليوم. أخيراً، على الرغم من مضي سنوات على دخول هذه الزراعات إلى سورية ونجاحها والوصول إلى إنتاج كميات منها أغلبها أصبح معروفاً ومرغوباً لدى المستهلك لكن الجهات المعنية ما زالت غائبة وخاصة البحوث العلمية الزراعية ومديرية الزراعة، فهذه التجارب الفردية جديرة بالاهتمام والرعاية والاستفادة منها للتوسع في هذه الزراعة كزراعة رديفة للحمضيات والأصناف الأخرى. تشرين