المخالفات بقرار ؟!
مع تسارع الحراك الشعبي والرسمي قبل انتخابات مجالس الإدارة المحلية تكثر التكهنات والتوقعات حول ماهية المجالس الجديدة التي ستكون من الكوادر الأساسية في مرحلة إعادة الإعمار، ولذلك الرهان اليوم على وعي الناس لاختيار الأكفأ والأقدر على العمل والعطاء بكل نزاهة وأمانة بعيداً عن المصالح الضيقة التي خبرنا وجودها في التجارب السابقة. ولاشك أن الفساد المتجذر في عمل الوحدات الإدارية (البلديات) يثير المخاوف والعديد من التساؤلات حول دور المحافظة المعنية ووزارة الإدارة المحلية في المحاسبة والمساءلة وتصحيح الأوضاع التي كانت سبباً رئيسياً في فقدان الثقة بين الناس وهذه الجهات، خاصة مع حقيقة الخلل الذي تكرسه آلاف المخالفات الحاضرة في كل المناطق، هذا عدا عن ضعف الأداء الخدمي وانصراف المجالس بكل مستوياتها للعمل الاستثماري والتجاري واستنزاف المال العام، وتطويع العمل البلدي الإداري لخدمة مصالحها، بتجاورات خربت وشوهت المخطط العمراني بطريقة لا يمكن وصفها، وبما يحقق المنافع الضيقة والمحصورة بعدد من الأشخاص، والأمثلة هنا كثيرة ولا تحتاج إلى الكثير من الوقت للبحث عنها واكتشافها، بل تكفي مراجعة بسيطة لرصيد أي حلقة أو مفصل عمل في هذا القطاع قبل المنصب وبعده لوضع الكثير منهم خلف القضبان. وبلغة اليقين يمكن القول إن الهروب الناجح من يد العدالة دون أي محاسبة لهذه المجالس أدى إلى تدهور الحالة الإيمانية في المجتمع سواء بآليات المساءلة أم حتى بنتائج الانتخابات حيث لم تتوقف الأمور عند حدود التنكر بل تفاقمت لتصل إلى حد الإلحاد الكامل تحت تأثير المسلمات أو القناعات (فالج لا تعالج) المتسللة إلى حياة الناس من باب فقدان الثقة بالعمل المؤسساتي وبتصريحات المنابر المسؤولة التي تمعن في استثمار السراب ومحاربة طواحين الهواء من خلال تجاهل الجهات الرقابية فيها للكثير من الحقائق الواضحة وضوح الشمس والتعامل معها بطريقة هزلية استعراضية لا تليق بسمعتها السلطوية الرقابية أو بنهجها الإصلاحي. وللأسف فإن مقاييس المسطرة التي يعتمدها بعض المحافظين في تقييم الوحدات الإدارية وخاصة المنخرطة في تصنيفات الاستزلام كان لها دور كبير في لفلفة الكثير من قضايا الفساد المطروحة أمام الرأي العام منذ سنوات وإطلاق يد الفساد وتبرئة من ترسم حولها إشارات استفهام عديدة أو تثبت عليه الإدانة بارتكاب التجاوزات المدرجة في خانة استغلال المنصب والمال العام والتنقيب في مناجم الوظيفة العامة. ومع دوران عقارب الساعة والاقتراب أكثر من موعد الانتخابات التي ستشارك فيها مجالس محلية سابقة بكامل أعضائها دون الأخذ بأدائها ومخالفاتها السابقة نسأل.. هل يتخذ القرار الحاسم لإنهاء حلقات هذا المسلسل أم هل يلعب المواطن والمسؤول دور الكومبارس والشهود الزور في لعبة الكراسي والذمم المفقودة.