الطلاب يناشدون الحكومة التدخل أو توضيحاً حول ضبابية وضع التعليم الخاص
لا يزال الصمت الحكومي مطبقاً على قرارات وزارة التعليم العالي في ظل غياب إستراتيجيات واضحة لمنظومة تعليمية يستفيد منها ما يقارب الـ30 ألف طالب جامعي. وتبدو الصورة أكثر ضبابية في أفق التفكير والرؤى لتطوير هذا القطاع مع خبط عشواء القرارات التي لا هدف لها سوى إغراق الطالب بمزيد من الضياع والتشتت. موجة القرارات الأخيرة أدت لارتفاع صيحات المنتقدين لقرارات التعليم العالي الأخيرة، التي طالت مفاصل عمل الجامعات الخاصة، الأمر الذي أحدث جدلاً واسعاً وشكاوى كبيرة تشكك بمنطقية وموضوعية هذه القرارات وتطالب الوزارة بدراستها بشكل أكثر موضوعية عبر مجلس التعليم العالي قبل البت فيها واتخاذ القرار الذي له انعكاسات لا تحمد عقباها لاستمرار عمل الجامعات الخاصة. منذ عدة أيام طالعتنا منصات الإعلام بتراجع لتصنيف الجامعات السورية بواقع 4000 مرتبة وهو انحدار خطر سببه لاشك عدم المرونة في سياسة التعليم العالي وغياب التخطيط والمنطق في التعامل مع العديد من الملفات وآخرها الجامعات الخاصة، وهذا المسمار الذي دق في نعش منظومة التعليم سيتبعه تشييع لها مع استمرار القرارات الجائرة التي على ما يبدو أفقدت الوزارة مصداقيتها أمام الطالب والأهل والمجتمع كله. وفي ظل مناشدة الأهالي والطلبة لوضع حد للكيل الطافح من القرارات الجائرة، بدا موقف الحكومة الرسمي غير واضح وغير معلن، فما الذي تنتظره من ضياع مستقبل عشرات آلاف الطلاب؟ ولماذا لم يتم حتى الآن كبح جماح وزارة يحركها مجلس تعليم فاقد الاتصال مع الجامعات الخاصة المعنية بالقرارات وفاقد مصداقية قراراته؟ وما يؤكد كلامنا أنه ومنذ مسلسل القرارات الجائرة الذي فتحته «الوطن» وسط مناشدات كبيرة بالتدخل، ورغم مضي أسبوع على نشر الموضوع فإن أحداً لم يحرك ساكناً، ولم يلتم شمل طاولة مجلس التعليم العالي في بحث هذا الملف المهم وخاصة مع تزايد وتيرة القرارات الأخيرة التي أحدثت بلبلة، وتكاد تدفع بالجامعات الخاصة إلى الإغلاق، عبر اتخاذ جملة من القرارات غير المنطقية، منها منح عدة جامعات موافقات وتراخيص لإحداث كليات الصيدلة بغض النظر عن محدودية عدد أساتذة الصيدلة المطلوبين لتحقيق الملاك وتنفيذ القرار! وقرار نظام الإعارة للأساتذة بين الجامعات لمعالجة محدودية الدكاترة وتعدد التراخيص الممنوحة. الأمر الذي أفسح المجال أمام مزاد علني لزيادة أجور الأساتذة في الكليات الطبية، وأدى إلى رفع أجورهم أوتوماتيكياً وازدياد تكلفة استقدامهم إلى الجامعات الخاصة، ما انعكس على ارتفاع قيمة الأقساط الجامعية، ناهيك عن قرار منع أستاذ المقرر (في الجامعة الحكومية) من التدريس في الجامعات الخاصة خلال الأيام العادية، وحصر عملية التدريس فقط يومي العطلة مع فرض عقوبات بحق المخالفين للقرارات الصادرة، وهذا سوف يؤثر في الجامعة وفي مسيرتها العلمية وفي إستراتيجيتها وخططها المستقبلية. وقرارات تحديد وتخفيض عدد الطلاب في الكليات الطبية في الجامعات الخاصة قبل أسبوعين من فتح باب التسجيل للعام الدراسي. وتتوالى الصفعات في وجه الجامعات من دون الأخذ بالحسبان حجم الاستثمارات المشغلة لديها والطاقة الاستيعابية لكل جامعة منها، بالتزامن مع أنه لم يحدث حتى تاريخه درجة الدراسات العليا في الجامعات الخاصة، كما لا يوجد إيفاد داخلي فيها! إن جملة القرارات تهدد مستقبل الطالب وتدفعه إما لدراسة فرع لا يرغب فيه أو حتماً إلى البحث عن الجامعات في الدول الأخرى، ومن ثم تتفاقم المشكلة وتزداد الخطورة، في بدء عملية الهجرة وما يرافقها من فقدان في الطاقات البشرية وحرمان الدولة منها ونزف حاد للقطع الأجنبي. وعلى الرغم من عشرات الاتصالات التي تلقتها «الوطن» دعماً للجامعات الخاصة وضرورة استمراريتها بالشكل الرديف للجامعات الحكومية، فإن الحكومة التي عودتنا الرد على المواد كافة التزمت الصمت هذه المرة، الأمر الذي فسرته أوساط معنية بأنه عدم إحراج لوزير «دعاه غير موقع إلكتروني للاستقالة فوراً»، إلا أنه فهم أيضاً على أنه دعم مبطن للقرارات العشوائية للتعليم العالي التي تعرقل عملية التعليم الخاص في سورية. وللمرة الثانية ناشد الطلاب والأهالي رئيس الحكومة بالتدخل العاجل في هذا الملف ووضع حدّ لهذه القرارات المتسرعة، مضيفين بالقول: أليس الطلاب من أولويات الحكومة؟، ولماذا لم يتم التدخل لإنقاذ الآلاف من الطلاب كي لا يسقط حقهم في استكمال تحصيلهم العلمي؟ واعتبروا أن عدم الاكتراث لمشاكلهم يسبب ضياعاً لمستقبلهم وتدميراً ممنهجاً لمسار العملية التدريسية في الجامعات الخاصة. بانتظار تدخل حكومي عالي المستوى لعقد اجتماع خاص حول ملف الجامعات الخاصة يؤطر لرؤية واضحة حول مسار التعليم الخاص في سورية. الوطن