ماذا نستنتج من مشاركة سبعة وزراء في ورشة عمل عن مكافحة الفساد..؟
قد تتعدد الإجابات لكنها ستجمع بأن الفساد وصل إلى مرحلة حرجة تهدد اقتصادنا ومجتمعنا..! من المهم جداً أن يعلن وزير العدل التالي: نعلم أن حركة الفساد موجودة وأصبحت مستشرية في مجتمعنا..! والأهم أن هذا الإعلان أتى في ورشة العمل التي نظمتها وزارة العدل بعنوان (تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد نحو استراتيجية وطنية لمكافحته).. ولكن السؤال الدائم: هل توجد استراتيجية في أية دولة في العالم نجحت بمكافحة الفساد..؟ كل من يتابع الأخبار سيكتشف أن الفساد وصل إلى كبار الساسة الذين يديرون العالم..! بل إن خبراء أمريكيين توصلوا إلى نتيجة صادمة: كلما أكثرت الحكومات من التشريعات المكافحة للفساد انتشر الفساد أكثر فأكثر..! وإذا كانت عملية مكافحة الفساد لا تنجح إلا في حالات قليلة.. فماذا يمكن أن نقول لمن يطالب باجتثاث الفساد..؟ لاشك أن لكل بلد تجربته الخاصة في مكافحة الفساد، ومن الضروري أن يكون لدى سورية استراتيجية وطنية شاملة وفعالة لمكافحة هذه الظاهرة كما أكدت وزارة العدل في الورشة التي نظمتها. وقد تكون وزارة العدل هي الجهة الوحيدة المؤهلة لوضع مثل هذه الاستراتيجية.. ولكن ماذا عن الجهات المنفذة..؟ لقد طلب المؤتمر القطري السابع لحزب البعث من الحكومة في عام 2005 تشكيل لجنة دائمة مهمتها وضع آليات فعالة لمكافحة الفساد.. فماذا حصل..؟ استقالت الحكومة في عام 2011 دون أن تقوم بتشكيل اللجنة المذكورة، أو الاهتمام الجدي بمكافحة الفساد إلى حد أنها تبرمت وتذمرت من إثارة مجلس الشعب لهذا الموضوع مراراً وتكراراً، فأجاب رئيسها مرة بغضب عن تساؤلات الأعضاء: أصبح الحديث عن الفساد مثل حكاية عنتر بن شداد..! ولعل تعزيز قيم النزاهة والشفافية وتوفير سبل العيش الكريم من الوسائل الفعالة لتجفيف منابع الفساد.. ولكن ماذا يمكن أن نفعل مع المفسدين..! كتب مؤخراً زياد الرحباني بما معناه: يا عمي أنا معجب كثيراً بالورقة البيضاء..ولكن من يضمن ألا أقوم بتوسيخها..؟ نعم.. قد تنجح الحكومة بتحديد آليات للتعيين في الوظيفة العامة وخاصة المناصب العليا.. ولكنها لا تستطيع أن تفعل الكثير مع المفسدين الذين سيلطخون الصفحات البيضاء لصغار أو لكبار الموظفين طالما أن النفس إمّارة بالسوء..! ما العمل.. هل وصلت دول العالم كافة إلى طريق مسدود باجتثاث الفساد..؟! لنكن واقعيين لا يمكن اجتثاث الفساد، لكن يمكن من خلال إجراءات فعالة محاصرة المفسدين وتخفيض مخاطرهم إلى الحد الأدنى، ومن أبرز هذه الإجراءات معاقبتهم بأقصى الأحكام.. والأهم إلزام الفاسدين بإعادة الأموال التي شفطوها من عمليات الفساد إلى خزينة الدولة..! ترى ماذا فعلنا حتى الآن لاستعادة المال العام المنهوب من كبار الفاسدين وخاصة من الذين استثمروا مناصبهم للإثراء غير المشروع..؟! البعث