بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

إفلاس المصارف اللبنانية.. أزمة جديدة للاقتصاد السوري

الأحد 08-07-2018 - نشر 6 سنة - 514 قراءة

يعد الاقتصاد اللبناني اقتصاداً خدمياً بامتياز، ويعتمد النمو الاقتصادي فيه بشكل أساسي على قطاع الخدمات، كالسياحة، والصحة، والمصارف، والصيرفة، والتأمين، والنقل، والنشر والإعلام، وغيرها من الخدمات، وحسب النظرية الاقتصادية العامة فإن أهم عوامل استقرار اقتصاد الخدمات ذلك هو الاستقرار السياسي بالدرجة الأولى، والاستقرار المالي والنقدي بالدرجة الثانية، أي أن خللا في البنية السياسية أو المالية والنقدية سيؤدي حكماً إلى خلل مباشر في البنية الاقتصادية العامة، فقطاع الخدمات بمكوناته كافة هو قطاع هشّ وشديد الحساسية للأزمات السياسية والمالية والنقدية. ومع انعدام حوامل صناعية وطنية حقيقية في الاقتصاد اللبناني، واعتماده الشديد على التجارة الخارجية لتأمين أسواقه المحلية من السلع، فإن الاقتصاد اللبناني يبدو معرضاً بشكل قوي إلى هزّات أو انهيارات في حال حدوث أزمات سياسية أو أزمات مالية ونقدية فيه. كانت المصارف اللبنانية تاريخياً، الملاذ الآمن لأموال شريحة كبيرة من السوريين، فالسوريون من تجار وصناع وكبار رجال الأعمال كانوا حتى قبل عام 2002 يفضلون التعامل مع المصارف اللبنانية، وذلك بسبب غياب المصارف الخاصة عن الاقتصاد السوري، وسيطرة المصارف العامة فقط على العمليات المصرفية، يضاف إليها عدم وجود جهاز مؤسساتي لتبادل القطع الأجنبي كشركات الصرافة، وبالتالي فقد كان التجار والصناعيون السوريون يقومون بعمليات تمويل مستورداتهم، والحصول على مستحقات صادراتهم في أغلبها، عن طريق المصارف اللبنانية، فالتسويات المالية الرئيسية لهم مع العالم الخارجي كانت تتم في  تلك المصارف،  كما كانت الحوالات الخارجية للكثير من المغتربين السوريين تحول إلى المصارف اللبنانية، أو إلى شركات تحويل الأموال في لبنان، ومن ثم تدخل إلى الاقتصاد السوري بطرق مختلفة وغالباً كانت تلك الطرق غير قانونية، والنتيجة أن الجهاز المصرفي اللبناني لعب حتى عام 2002 دوراً مهماً كوسيط مالي بين الاقتصاد السوري والاقتصاد الدولي، فيما يتعلق بالاستيراد والتصدير والحوالات المالية. وبعد عام 2002، ومع بدء عمل المصارف الخاصة، ومنها اللبنانية، في الاقتصاد السوري، عاد جزء كبير من الأموال السورية المودعة في البنوك اللبنانية إلى سورية، وذلك على الرغم من انعدام وجود الرقم الدقيق أو التقريبي لحجم تلك الودائع، التي كانت موجودة في المصارف اللبنانية، ومما ساعد على استرجاع تلك الأموال أيضاً إعادة تنظيم سوق القطع الأجنبي، بافتتاح مكاتب وشركات الصرافة، وشركات الحوالات المالية، والسماح للمصارف الخاصة المرخصة بتمويل المستوردات، الأمر الذي قلّص وضبط السوق السوداء للحوالات والقطع الأجنبي. يضاف إلى ذلك صدور قانون السرية المصرفية الذي يحمي حقوق المتعاملين المالية، الأمر الذي أعطى نوعاً من الثقة الجديدة في الجهاز المصرفي السوري، وعزز من استمرارية عودة الأموال السورية التي كانت في المصارف اللبنانية. ومع بدء الأزمة السياسية في سورية مطلع عام 2011 واستمرار تصاعدها وصولاً إلى حالة حرب، فقد كان من المنطقي أن يقوم بعض السوريين بسحب أموالهم من الجهاز المصرفي السوري، والعودة بها مرة أخرى إلى ملاذهم التاريخي القديم، أي إلى المصارف اللبنانية، وقد تزامن ذلك مع فرض عقوبات مالية دولية على المصارف السورية، وهجرة الملايين من السوريين ورغبتهم في إرسال حوالات مالية إلى داخل الاقتصاد السوري، واستمرار الكثير من التجار والصناعيين في عمليات الاستيراد، ونتيجة لتلك الظروف فقد عاد للمصارف اللبنانية دورها القديم، في أن تكون مركز تسويات وتحويل مالي للسوريين، أي أن المصارف اللبنانية اليوم ربما تحتوي على مليارات الدولات للسوريين من دون وجود رقم دقيق لتلك الأموال حتى الآن، بسبب السرية المصرفية التي يتمتع بها الجهاز المصرفي اللبناني، وغياب أرقام اقتصادية سورية دقيقة أو تقريبية، عن حجم الأموال السورية التي خرجت خلال الأزمة إلى المصارف اللبنانية. ومنذ عام 2014 بدأت التقارير الاقتصادية والدراسات المالية اللبنانية والدولية تشير إلى أن الجهاز المصرفي اللبناني أصبح يعاني من مشاكل مصرفية قد تعرضه للخطر، وبلغة أهل المصارف فإن سلامة مؤشرات الجهاز المصرفي اللبناني المعتمدة بدأت تتراجع، إلا أن حجم ذلك الخطر المصرفي المتوقع بقي من دون التقدير الفعلي له، أو ربما يوجد هناك تقدير فعلي له ومن غير المرغوب لدى السلطات النقدية اللبنانية الإفصاح عنه، كي لا يتعرض الجهاز المصرفي إلى انهيار سريع، وفي أحسن الأحوال ربما تم استدراك المخاطر المصرفية المتوقعة وتم تحسين مؤشرات السلامة المصرفية، إلا أن الأنباء الاقتصادية اليوم باتت تتحدث عن إمكانية حدوث أزمة مصرفية في لبنان قد تؤدي إلى موجة إفلاس واسعة في الجهاز المصرفي. ولو تجاوزنا التوقعات الإيجابية بقدرة لبنان السياسية والاقتصادية على إنقاذ جهازه المصرفي من الإفلاس، كقدرته على عقد مؤتمر للمانحين الدوليين، وبغض النظر عن طريقة الإنقاذ وما يقابلها من شروط سياسية واقتصادية من الدول والمنظمات المانحة، التي لا ترغب بسقوط لبنان اقتصادياً وسياسيا واجتماعياً تبعاً لمصالحها الجيوبوليتيكة فيه. لو تجاوزنا ذلك الطرح وقلنا إن الجهاز المصرفي اللبناني سيدخل في أزمة مصرفية قد تقوده إلى الإفلاس كما يشاع، فإن السوريين المودعين أموالهم في المصارف اللبنانية سيكونون من المتضررين حكماً، لا بل إن الاقتصاد السوري كله قد يتأثر سلباً من موجة الإفلاس تلك وذلك للأسباب التالية: تأثر الحوالات المالية المرسلة إلى سورية من المغتربين والمهاجرين سلباً بهذا الإفلاس، وانعدام أو تراجع وصول جزء كبير منها إلى الاقتصاد السوري، مما يعني التأثير سلباً على إنفاق الكثير من الأسر السورية المعتمدة على تلك الحوالات الخارجية. تأثر سعر صرف الليرة السورية بسبب المضاربات التي ستحدث على الدولار والليرة اللبنانية في الاقتصاد اللبناني، وذلك حسب توقعات المضاربين لاتجاهات صعود أو هبوط قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار، وحسب حجم تلك المضاربات. خسارة كتلة مالية كبيرة للمودعين السوريين في تلك المصارف كان من الممكن الاستفادة منها في الاقتصاد السوري، إما من ناحية دعم سعر صرف الليرة، أو من ناحية تحويلها إلى استثمارات محلية من خلال المصارف السورية بعد انتهاء الأزمة. تأثر الجهاز المصرفي السوري الخاص سلباً، في حال كان هناك استثمارات مصرفية سورية خاصة في المصارف اللبنانية على شكل ودائع مصرفية، أو على شكل استثمارات مباشرة في الاقتصاد اللبناني بأي من القطاعات الاقتصادية. تأثر جزء من التجارة الخارجية السورية سلباً، بسبب وقف عمليات تمويلها من خلال المصارف اللبنانية، الأمر الذي قد يوقف تدفق قسماً من الواردات إلى الاقتصاد السوري أو يرفع أسعارها، مما يعني تأثر أسعار السوق المحلية سلباً بتلك الآلية. تأثر قوة العمل السورية العاملة في لبنان سلباً بذلك الإفلاس من حيث تراجع القدرة على دفع الأجور وتراجع قيمة الأجور، أي أن مستوى معيشة أولئك العمال سيتأثر حكماً بشكل سلبي، وسيتأثر مستوى معيشة من يعيلهم هؤلاء العمال في الاقتصاد السوري. تأثر حركة العمالة السورية المتجهة إلى لبنان سلباً بسبب تأثر النشاط الإنتاجي والخدمي اللبناني سلباً، بشح السيولة المالية وعدم القدرة على منح القروض الشخصية والمؤسسية وعدم القدرة على منح التسهيلات المصرفية التجارية، الأمر الذي يعيق تشغيل مزيد من الأيدي العاملة السورية. اتساع عمليات التهريب بين البلدين، وخاصة من الاقتصاد السوري باتجاه الاقتصاد اللبناني لتأمين حاجة السوق اللبنانية المحلية من الكثير من السلع الأساسية، وتحديداً المحروقات والمواد الغذائية ومواد البناء ذات الأسعار الأرخص في سورية، الأمر الذي سيؤثر على الاقتصاد السوري سلبا   الايام


أخبار ذات صلة

اللحوم المستوردة لم تطرح بالأسواق…

اللحوم المستوردة لم تطرح بالأسواق…

رئيس جمعية اللحامين بدمشق : ركود واستقرار في الأسعار لانتهاء الموسم السياحي وبدء العام الدراسي.

«المركزي» يعمم بعدم التشدد في تقليص المدة المحددة لتجميد الحسابات …

«المركزي» يعمم بعدم التشدد في تقليص المدة المحددة لتجميد الحسابات …

مدير في العقاري : 5 إلى 10 بالمئة معدل الحسابات المجمدة لدى معظم المصارف وسببه استخدام الحساب لغرض واحد

لدكتورة لمياء العاصي:

لدكتورة لمياء العاصي:

من البداهة القول : بأن العمليات النقدية هي التعبير عن النشاط الاقتصادي

تهريب دخان وجوز.. وألبسة نسائية مهربة بسيارة «أودي» في الزاهرة …

تهريب دخان وجوز.. وألبسة نسائية مهربة بسيارة «أودي» في الزاهرة …

مصدر في الجمارك : نكثف تحرياتنا وخاصة في المناطق التي ينشط بها التهريب والكثير من المهربات أغذية وكهربائيات

122.7 بالمئة نمو الحوالات المنفذة عبر منظومة التحويلات الفورية خلال 2023 …

122.7 بالمئة نمو الحوالات المنفذة عبر منظومة التحويلات الفورية خلال 2023 …

«المركزي السوري»: 7.5 بالمئة معدل النمو الشهري لعمليات الدفع الإلكتروني

تأخر الرسائل يعيد أزمة الـ«أوكتان 95» إلى الواجهة …

تأخر الرسائل يعيد أزمة الـ«أوكتان 95» إلى الواجهة …

مصدر بوزارة النفط: ما زالت التجربة في بداياتها ونعمل على تحسينها